إصلاح القضاء
عبدالفتاح علي البنوس
ما يحصل في دهاليز المحاكم والنيابات من تعسف ونسف للأنظمة والقوانين والإخلال بميزان العدالة وفتح الباب على مصراعيه أمام أصحاب الذمم (العتم) من منتسبي السلطة القضائية للفساد والإفساد وتحويل ملفات القضايا إلى ما يشبه المزادات العلنية من يدفع أكثر هو صاحب الحق وهو من يحصل على الحكم ، كل ذلك يحصل في ظل غياب الرقابة والمتابعة لأداء كافة المنتسبين لهذه السلطة الهامة التي بصلاحها يتحقق السلم الاجتماعي وتسود الطمأنينة في أوساط المجتمع وتختفي النزاعات والصراعات وتتقلص الجرائم .
خراب القضاء عدوان داخلي خطير قد لا يقل خطرا عن العدوان الخارجي ومما لا شك فيه أن التداعيات التي أفرزتها أحداث 2011م وصولا إلى تداعيات العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا كانت أحد الأسباب التي أسهمت بفاعلية في تعميق الفساد والإختلالات في المحاكم والنيابات نتيجة إقحام السلطة القضائية في معمعة الحزبية والصراعات السياسية وهو الأمر الذي أتاح الفرصة للكثير من أصحاب (الذمم العتم) الإلتحاق بالجهاز القضائي وفق معايير الولاء والانتماء الحزبي ، ومن هنا بدأت (الغاغة) وبدأ مؤشر الإختلالات يزداد ويرتفع، وهذا لا يعني أنه لم تكن هنالك أي اختلالات في السلطة القضائية قبل أحداث 2011م ولكنها كانت شبه محدودة ومحاطة بالرقابة عبر هيئة التفتيش القضائي ، هذه الهيئة التي نأمل من فضيلة القاضي العلامة أحمد عبدالله عقبات- وزير العدل تفعيل دورها والتفاعل الجاد والسريع مع تقاريرها لضمان إصلاح القضاء وتنقية المحاكم من قضاة المقاولة الذين يعملون بنظام الدفع المسبق ، ونتطلع أيضا من الأستاذ عبدالعزيز البغدادي- النائب العام تفعيل الدور الرقابي على النيابات العامة والمتخصصة ووضع حد للخروقات والتجاوزات التي تشهدها الكثير من النيابات والأمر ذاته ينطبق على مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا، فالرقابة والتقييم للعاملين فيها هما السبيل الأنجع للوصول إلى قضاء عادل ونزيه يثق فيه ويحتكم إليه الجميع ، قضاء ينتصر للمظلوم ولأصحاب الحقوق وقبل ذلك ينتصر للعدالة التي باتت شبه مغيبة في كثير من محاكمنا ونياباتنا .
بالمختصر المفيد لا نريد أن يتحول العدوان إلى شماعة نعلق عليها الفساد والإختلالات في مختلف مؤسسات ومفاصل الدولة وعلى وجه الخصوص السلطة القضائية ، فالمواطن بحاجة إلى عدالة وإنصاف بحيث يتجه إلى المحكمة أو النيابة وكله ثقة بأنه سيأخذ حقه ويحصل على الإنصاف ،دون أن يفكر في اللجوء إلى العنف للحصول على حقه الذي قد يكلفه حياته وضياع كل ممتلكاته وتشريد أهله ، يقال في الأمثال الشعبية اليمنية (إذا غريمك القاضي من تشارع) وهنا الكارثة، فقد تحول بعض المنتسبين للسلطة القضائية من حكام إلى غرماء تبعا للمصلحة التي دائما ما تكون على حساب العدالة، وهناك قضاة تركوا قاعات المحاكم وحولوا القضايا إلى منازلهم (وهات يا شفط وقلة دين) ، صدقوني مآسي القضاء كارثية بامتياز ولا بد من وقفة جادة لإصلاحها والضرب بيد من حديد في حق كل من يسيء استخدام وظيفته وسلطته القضائية ، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد .
مع تقديري واحترامي لكل الشرفاء وأصحاب الضمائر الحية والذمم النقية من منتسبي السلطة القضائية بمختلف تكويناتها .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .