جار الله
إبراهيم الحكيم
مرت بصمت الذكرى الرابعة عشرة لاغتيال العلامة والمفكر السياسي المناضل الشهيد جار الله محمد عمر الكهالي .. الذي اغتيل في 28 ديسمبر 2002 تحت “شمس” تجمع الإصلاح (الإخوان) اليمني وفي مؤتمره العام الثالث المنعقد في الصالة الرياضية المغلقة بأربع رصاصات اطلقها شاب يدرس في جامعة الإيمان، عده “ملحدا” كما قيل له ولعله لم يكن يعلم أن ضحيته علامة في الدين مجاز للافتاء والاجتهاد!.
كانت معارضة الأمين للعام للحزب الاشتراكي اليمني حينها جار الله عمر وغايته من هندسة مجلس تنسيق تحالف أحزاب المعارضة، شريفة ونزيهة ووطنية خالصة تهدف إلى تصحيح الأخطاء عبر دستور البلاد، وليس اسقاط النظام وإحلال الفوضى أو تفكيك الجيش والأمن، أو تمزيق اليمن، أو إخضاع اليمن لعدوان أو غزو واحتلال خارجي، وتدمير مكتسباته.
باغتيال المناضل الوحدوي جار الله عمر قزم الحزب الاشتراكي اليمني بضمه تحت عباءة تجمع الإصلاح (الإخوان) اليمني الذي آلت إليه قيادة تحالف احزاب المعارضة (اللقاء المشترك) وعقله المدبر، ولأهداف أخرى غير تلك التي تضمنتها اخر كلمة القاها الشهيد جار الله عمر قبيل اغتياله بثوان !.
اهداف نقيضة تماما، لا تمت بصلة إلى مصلحة الوطن وتعزيز تجربته الديمقراطية وأمنه واستقراره وسيادته ووحدته واسباب نمائه، بل على النقيض مما اظهرته وقائع الأحداث المتعاقبة وعلى ذلك النحو من التأزيم والتأجيج ومحاولات تعطيل ثم تأجيل الاستحقاقات الانتخابية باتجاه إشعال الفتن والفوضى وصولا لأحداث اليوم.
رحم الله الشهيد جار الله عمر الكهالي، الذي رفض في 1994 الانفصال قرارا كما رفض مبرراته ذرائع، فقد ظل محل احترام وتقدير مختلف الأطياف السياسية، حتى اختار له الله أن يجاوره دنيا وآخره .. ولا عزاء للتافهين المتهافتين على حصص المكاسب الشخصية بقاعدة “فيها لا أخفيها” والمتساقطين في مستنقع الخيانة ووحل العمالة للخارج !.
فيما يلي أنقل لكم منشورا عن الأهداف التي تضمنتها الكلمة الأخيرة للشهيد جار الله عمر، وجدته بلا اسم لكاتبه، بعنوان :
الوصايا السبع للشهيد جارالله عمر!
اغتيل المفكر والسياسي اليمني البارز “جار الله عُمر” في 28 ديسمبر 2002 بعد ثوانٍ من انتهائه من إلقاء كلمة حزبه “الإشتراكي اليمني” في المؤتمر العام الثالث لحزب “الإصلاح” وكان لافتاً تضمُنها “سبع” وصايا هامة وجوهرية لبناء الدولة اليمنية الحديثة .. دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية …
أحسب أنّ هذه “الوصايا” السبع المُعمدة بدمه الطاهر صالحة لتكون قواسم مشتركة يلتقي عليها اليمنيون كافة على طريق إعادة اليمن إلى المسار المستقيم .. بعد الخروج من هذه الحرب التي تطحن الأرض والنَّاس منذ 21 شهراً.
أولاً: إن الديمقراطية ضرورية لأي حزب كي يتجنب الصراعات الداخلية كما هي ضرورية لتجنيب الأوطان آثار التشظي والتفتت وويلات العنف والحروب الأهلية.
ثانياً: إن الديمقراطية منظومة متكاملة لا تتجزأ أساسها المواطنة المتساوية واحترام العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين وصيانة الحريات والحقوق الأساسية دونما تمييز لأي سبب كان والقبول بالتعددية الفكرية والسياسية وعدم الاكتفاء من الديمقراطية بالتسمية ومظاهر الزينة الخارجية.
ثالثاً: إن جمهور المواطنين يحتاج على الدوام إلى تأمين حد أدنى من المساواة في الفرص لتأمين لقمة العيش وقدرا من العدالة والخدمات الاجتماعية المتاحة للجميع.
رابعاً: إن تأمين السيادة الوطنية يقتضي توازن المصالح بين الفئات الاجتماعية والمناطق المختلفة للبلاد بهدف سد الثغرات التي يمكن للقوى الخارجية المعادية النفاذ منها للانتقاص من هذه السيادة. ولقد نجحت اليمن في تحقيق السلام مع جيرانها بعد حل الخلافات الحدودية، ونحن نبارك ذلك ونؤيده، وهي تحتاج كذلك اليوم للسلام مع نفسها بهدف خلق جبهة داخلية متماسكة تصون سيادة الوطن وتسخر كافة الجهود والموارد لتحقيق التنمية بدلاً من شراء الأسلحة.
خامساً: إن تقوية النظام السياسي للبلاد يفترض وجود معارضة قوية مستندة إلى مجتمع زاخر بالحراك والفعالية والمنظمات الأهلية المستقلة بعيداً عن السيطرة الرسمية وبالصحافة الحرة المؤثرة والإبداع الحر ولا شك أن قيام اللقاء المشترك يشكل خطوة على هذا الطريق بعد أن أصبح اليوم إحدى حقائق الحياة السياسية في اليمن.
سادساً: إن التجربة الديمقراطية في اليمن قد بلغت درجة من الركود والشيخوخة المبكرة وهي تحتاج إلى إصلاح سياسي واسع وشجاع حتى تعود إلى شبابها، كما أن اليمن بحاجة إلى مجلس نواب يمثل اليمن بكل فئاتها الاجتماعية ومصالحها المختلفة ويضم بين صفوفه خيرة العناصر والقيادات الاجتماعية والسياسية والعملية في البلاد، مجلس نواب يشبه اليمن بتنوعه وعظمته ووحدته وتعدد تياراته الفكرية والسياسية.
سابعاً: إن اليمن بحاجة ماسة إلى تسريع الخطى في طريق التحديث من خلال سياسة شاملة تؤهلها للالتحاق بركب العالم المعاصر وتجعل منها إضافة نوعية إلى أي تجمع إقليمي تلتحق به ويتطلب ذلك جملة من الإجراءات والقوانين الثورية بما في ذلك التصدي لثقافة العنف ومنع الثارات والإسراع في إصدار قانون ينظم حيازة وحمل السلاح ومنع المتاجرة به بدلاً من قانون منع المظاهرات الذي يعرض على البرلمان في الوقت الراهن، وهو قانون مناهض للعصر والديمقراطية، وينبغي لكل دعاة التقدم والديمقراطية التصدي له بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية.
alhakeem00@gmail.com