بغداد /
ليس جزافا ان نسمي مدينة تلعفر في شمالي العراق مفتاح نجاح عمليات الموصل، ولذلك نجد أن كل اللاعبين في العراق يضعون عينهم على هذه المدينة، فأين تكمن أهمية هذه المدينة وما سبب اهتمام كل طرف من هؤلاء الأطراف بتلعفر؟
تقع تلعفر في محافظة نينوى وعلى الطريق السريع الذي يربط الموصل (مركز المحافظة) بالمناطق الحدودية السورية، وتبعد تلعفر 70 كيلومترا عن الموصل من جهة الغرب وتحدها من الشمال دهوك ومن الغرب سنجار ومن الجنوب الحضر ومن الشرق الموصل.
وتعتبر تلعفر مركز المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وسوريا ولا تبتعد عن الحدود السورية وكذلك الحدود التركية سوى 60 كيلومترا فقط وهي حلقة الوصل بين البلدان الثلاثة.
يبلغ عدد سكان تلعفر 300 ألف نسمة ومعظمهم من المسلمين الشيعة ومن قومية التركمان ويليهم التركمان السنة ومن ثم السنة الأكراد والعرب.
يرجع تاريخ المدينة إلى عهد الآشوريين ولها تاريخ سياسي حافل في العصر الحديث أيضا فهي كانت مركز نضال ضد الاستعمار البريطاني وقد تحولت إلى مركز لمقاومة الاحتلال الأمريكي بعد عام 2003م وسقوط النظام البعثي الصدامي، لكن أهالي المدينة عانوا من أفعال تنظيم القاعدة ونفوذ الأفكار المتطرفة.
وكانت تلعفر عصية على الأمريكيين الذين ارتكبوا مجازر عديدة أثناء احتلالها واستخدموا الأسلحة المحرمة دوليا ولم يستطيعوا دخولها إلا في 22 سبتمبر 2005 لكن هذه المدينة بقيت شوكة في عيون المحتلين إلى أن دخلها تنظيم داعش الإرهابي ولأنها كانت صلة الوصل بين الموصل والرقة السورية تحولت سريعا إلى إحدى أهم قواعد ومعاقل داعش في محافظة نينوى والعراق.
ويمكن للجميع ان يتصوروا ما حل بأهل المدينة بعد احتلال داعش لها وتنفيذ الطائرات الأمريكية غارات على المدينة بذريعة قصف داعش، وقد هجرها نصف سكانها وتوجهوا إلى باقي مناطق العراق وخارج البلاد.
تحظى تلعفر بأهمية بالغة لكل الاطراف الرئيسية المعنية بالعمليات الجارية في الموصل والمشاركة فيها نظرا للأسباب آنفة الذكر.
كما قلنا فإن تلعفر هي حلقة الوصل بين معقل داعش في العراق أي الموصل ومعقل التنظيم في سوريا أي الرقة ولذلك يولي داعش أهمية كبيرة لبقاء هذه المدينة تحت سيطرتها وقد أوكل ابوبكر البغدادي مهمة إدارة تلعفر إلى العناصر الأجنبية في التنظيم مثل الأذربيجانيين والتركمنستانيين والأوزبك.
وتعتبر تربية المواشي من أهم النشاطات الاقتصادية في تلعفر بالإضافة إلى وجود مناجم الفسفور والكبريت والمغنيسيوم ما يجعل المدينة مكتفية ذاتيا بل تلبي حاجات باقي المناطق التي يحتلها داعش، وقد عمد هذا التنظيم الإرهابي إلى اعتقال كل الشيعة الذين لم يرحلوا من هذه المدينة حين احتلالها وزجهم في السجون وهناك الآن 800 امرأة وفتاة تركمانية كسبايا في قبضة داعش يتم إيذاؤهن واستغلالهن، كما أقام داعش 3 معسكرات لتدريب اطفال تلعفر من الايزيديين والتركمان والشيعة وجعلهم جنودا له.
تشعر تركيا بالخطر من العلاقات الجيدة التي تربط بين تركمان تلعفر وبين حزب العمال الكردستاني المناهض لأنقرة وكذلك العلاقات الودية بين التركمان والحشد الشعبي العراقي والشيعة العراقيين بشكل عام ولذلك تراقب تركيا بدقة عمليات تحرير تلعفر على يد الحشد الشعبي ولا تألو جهدا لافشال هذه العمليات ولعل هذا هو احد أسباب التدخل العسكري التركي في شمالي العراق.
يضع إقليم كردستان العراق ايضا عينه على تلعفر وقد تحدث مسؤولو الإقليم في عدة مناسبات عن “حق الأكراد التاريخي” في تلعفر وضرورة إلحاقها بإقليم كردستان العراق.
تراقب الدولة السورية التطورات الميدانية الجارية في تلعفر بدقة كبيرة وهي تودّ ان ترى تلعفر محررة على يد القوات العراقية ودحر داعش منها وقطع الاتصال بين معقلي داعش في الموصل والرقة ما يؤدي إلى إضعاف داعش والتغلب عليه بشكل أسهل.
Prev Post