الثورة نت/هاشم السريحي
أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي ثورةً في عوالِم الاتصال والمعلومات، ومسّت بقوة منظومات القيم الاجتماعية والثقافية، وتدخلت على نطاق واسع في تغيير البنى والمؤسسات السياسية، وفي التلاعب بموازين القوى السائدة، وقد أجمع خبراء الاتصالات على أن دخول أدوات الاتصال الجديدة إلى مجتمع ما يؤدي حتماً إلى تعديلات وتأثيرات في منظومة القيم، وسلّم الأولويات.
وقد بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم اليوم 3 مليارات مستخدم يملكون 3 مليارات حِساب وصفحة، ولا تزال هذه الوسائل تلقى الرواج والانتشار السريع؛ لأنها أصبحت “موضة العصر” أولاً، ولأن هناك من وضع الخطط لنشرها عن طريق توفيرها بأسعار زهيدة الثمن ثانياً.
بهذه المقدمة استفتح كتاب “شبكات التواصل الاجتماعي” الصادر عن جمعية المعارف الإسلامية الثقافية لمركز الحرب الناعمة للدراسات الذي أكد في ثناياه بأن ما يسرده في سياق هذا البحث أو الدراسة ليس نظرية مؤامرة؛ بل ستتضح معالمه بناءً على مجموعة من الوثائق الرسمية الأمريكية وبناءً لدراسات وأبحاث علمية نشرتها مراكز دراسات وجامعات غربية وآسيوية.
وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على ملف وسائل التواصل الاجتماعي وتحدياتها الثقافية والسياسية والأمنية على مجتمعنا، وبيان عناصر الربط مع نظرية الحرب الناعمة الأمريكية، وبحث سُبل الاستفادة من تجارب الدول والمجتمعات الأخرى، وجلاء الموقف العملي من هذه الأدوات، فضلاً عن التمهيد لبحوث مستقبلية في مجال تطبيقات مقاومة الحرب الناعمة على وسائل التواصل، وترشيد استخدام هذه الوسائل بالطرق الآمنة، بالإضافة إلى دراسة إمكانية تحويل نفس هذه التهديدات إلى فرص، عن طريق نشر القيم والأفكار وبث الفكر الإسلامي الأصيل، ولغرض تقديم إحصاءات ونتائج تحليلية تتصل بتأثير منظومة القيم في مجتمعنا وبيئتنا بهذه الوسائل الناعمة، إن رسالة هذه الدراسة بحثية تعريفية من جهة، وتحذيرية تدق جرس الإنذار لوضع الجميع أمام مسؤولياته اتجاه هذا الخطر الجديد المعقد من جهة أخرى.
وأكدت الدراسة أن الحقيقة الأساسية التي ينبغي إدراكها بقوة هي أنه بمجرد أن ينفصل المستخدم للشبكات عن بيئته الإنسانية والاجتماعية: الأسرة، الحي السكني، المدرسة، المسجد، الجماعة الدينية والسياسية، النادي الثقافي …، ويلتحق بصورة منتظمة بعالم وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي، سواء عبر الشبكة الإلكترونية أو عبر الهاتف الجوال الذكي، يصبح فريسةً وهدفاً لبنك الأهداف الأمريكية والصهيونية، وبلغة التكنولوجيا، فإنه بمجرد أن يصبح للمستخدم حساب Account على الشبكة، حتى لو كان هذا الحساب افتراضياً باسم مستعار ووهمي، تنشأ له هوية رقمية ومنصة إلكترونية، تخدم في نهاية المطاف أهداف المجمع الإلكتروني الأمريكي، الذي تديره غرفة عمليات مشتركة بين فروع الإدارة الأمريكية، خاصة وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع البنتاغون.
ويقع الكتاب أو الدراسة في 190 صفحة يضم خمسة أبواب تناول في الباب الأول مفهوم شبكات التواصل الاجتماعي أما الباب الثاني فقدم إحصاءات وأرقام حول شبكات التواصل الاجتماعي، وتطرق الباب الثالث إلى كيفية توظيف الإدارة الأمريكية لشبكات التواصل الاجتماعي لصالحها، وذكر الباب الرابع تجارب دولية لكيفية ضبط وتوجيه وسائل التواصل الاجتماعي، وأخيراً جاء الباب الخامس لشرح وطرح خطوات لمكافحة الحرب الناعمة لمواقع ووسائل التواصل الاجتماعي.
الكتاب متوفر بطبعته الأولى 2016م بصيغة pdf على موقع مركز الحرب الناعمة للدراسات.