زيد البعوه
في الحدود اليمنية السعودية جبل استراتيجي مطل على مدينة جيزان السعودية من جهة الشمال ومطل على مديرية الملاحيظ اليمنية من جهة الجنوب انه جبل (المدود) كان ذات يوم مجرد جبل عادي في اسفله لوحات علامات ترسيم الحدود بين البلدين وكان عبارة عن نقطة عبور للمهربين والمغتربين الذين يسافرون الى السعودية من اليمن او من أي دولة أخرى مثل الصومال ودول افريقيا..
وفي عام 2009 اشتهر هذا الجبل بشكل لم يكن يتوقعه احد في الحرب السادسة التي دارت بين انصار الله والجيش السعودي واليمني آنذاك وبعد ان سيطر انصار الله على جبلي الدخان والرميح الأهم استراتيجياً من جبل الدود الا ان جبل الدود حظي باهتمام اكبر من الطرفين الجيش السعودي وانصار الله يومها لأنه يطل على مدينة الخوبة بشكل مباشر ولأن مساحته صغيرة وليس مرتفعاً بالشكل الذي يهاب المقاتل الوصول الى قمته ولأسباب أخرى عسكرية وجغرافية حيث تحول الجبل الى موقع عسكري مشهور كل طرف يريد ان يسيطر عليه لكي يؤمن مدينته وطريق الإمداد العسكري والغذائي ويهيمن على الطرف الآخر ويتصيده وينال منه من موقع الدود العسكري..
في الحرب السادسة كان الجيش السعودي يريد ان يستعيد موقع الدود بعد ان سيطر عليه انصار الله فاستعان بالكمندوز الأردني وبعض الجنود المصريين وقاموا بعملية انزال مظلي بهدف استعادة الموقع ولكن دون جدوى كان رجال الله يتصيدونهم في الهواء كالجراد او الفراش ولا يصل أي جندي الى الأرض الا وقد فارق الحياة فقام الجيش السعودي بالاستعانة بالجيش اليمني وقاموا بزحف عسكري كبير حاملين معهم أعلام السعودية يهتفون بأرفع أصواتهم محذرين من في أعلى الموقع أن عليهم المغادرة او انتظار الموت, سبق الزحف عملية قصف صاروخي وغارات للطيران الى درجة ان جبل الدود اختفى بين الغبار وادخنة القنابل والصواريخ وعندما اقترب الجيشان من الجبل كان رجال الله يتصيدونهم ولقنوهم درساً لن ينساه التاريخ وهزموهم شر هزيمة وأخذوا الاعلام التي كانت بحوزتهم واسلحتهم كغنائم ظل العدو السعودي يحاول ان يستعيد موقع الدود ولكن كل مرة يفشل ويهزم حتى جاء التوجيه من السيد عبد الملك بالانسحاب من الأراضي السعودية..
واليوم في العدوان السعودي الأمريكي على اليمن برز موقع الدود بشكل اكبر من المرة السابقة في الحرب السادسة فبعد ان انسحب انصار الله من موقع الدود في الحرب السادسة عمد الجيش السعودي الى جعل الجبل معسكراً سعودياً فجلبوا الجرافات لتحصين الموقع وبنوا سوراً اسمنتياً كبيراً واحاطوا الموقع بالأسلاك الشائكة والكاميرات الحرارية وجلبوا كتائب من الجيش السعودي من الحرس الوطني وحرس الحدود الى موقع الدود وكأنه في مضيق هرمز او في باب المندب ظانين ان كل تلك التحصينات والكتائب ستحميهم من رجال الله وانصاره …
جاء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن في نهاية عام 2014 بداية عام 2015 وكان موقع جبل الدود مجهزاً بالمدفعية والصواريخ القصيرة المدى التي باشرت قصفها للمناطق الحدودية اليمنية منذ اليوم الأول من العدوان فكانت المدفعية تقصف كل سيارة تمر في طريق الملاحيظ او المنزاله او شداء وتقصف المنازل والطرقات وكل تحرك بشري الى درجة ان سكان المناطق القريبة من الجبل لم يعد لديهم منازل واستشهد اغلبهم حتى وهم في طريقهم للنزوح لم يستمر ذلك طويلاً…
فبعد مرور أربعين يوماً من العدوان جاء الإذن من القيادة للجيش واللجان بالرد التدريجي على العدوان فكان نصيب الجبل ان تم قصفه حينها بالصواريخ المصنوعة محلياً مثل الزلزال والصرخة وغيرها من الكاتيوشا والقذائف المدفعية الأخرى الا ان الجبل كان محصناً جداً ولم يتوقف عن القصف, وبعد مرور نصف عام او اكثر من العدوان كان لابد من ان يتم وضع حد لموقع جبل الدود وهمجيته حيث جاء الإذن من القيادة باقتحام الجبل…
تم تحضير المجموعة التي سوف تقتحم الموقع وتم اعداد الخطة وتحديد التوقيت, ففي صباح 1/28/ 2016م تقدمت ثلة من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من ابطال الجيش واللجان الشعبية بعد ان تم قصف الجبل مع بزوغ الفجر بعدد من الصواريخ والقذائف المدفعية وبدأت عملية الاقتحام لموقع جبل الدود بعدد لا يتجاوز الـ20 مجاهداً يحملون الكلاشنكوف العادي وبعض قذائف الأربي جي وبعض العبوات الناسفة مسبحين الله وطالبين منه العون والنصر, لم يكن حينها العدو المجهز بأحدث الأسلحة يعرف مصيره لكنه استنجد بغرفة العمليات وطلب منهم اسناداً جوياً فهرعت طائرات الأباتشي وطائرات الـ F16 التي شاركت في المعركة بعدد من الغارات ولكنها بفضل الله لم تستطع إيقاف رجال الله عن التقدم فهم لم يبالوا بها اصلاً لأنهم واثقون بالله انه سيمكنهم من السيطرة على الموقع, واصلوا تقدمهم حتى وصلوا الى القمة بعد ان تجاوزوا الأسلاك الشائكة ومزقوها وحان الوقت للمواجهة المباشرة مع الجيش السعودي المجهز بأحدث الأسلحة وجهاً لوجه ولكن لم يحصل هذا, فالضباط والجنود الذين كانوا في أعلى الموقع قد تم قتلهم او اصابتهم والبقية هربوا والآخرون يبحثون عن أماكن يخفون انفسهم فيها هذا تحت طقم والآخر تحت آلية والآخر تحت شجرة ولكن لا عاصم اليوم من امر الله تم اسر من تبقى وتم اسعاف المصابين وتم قتل من حاول المقاومة ولم يرض أن يسلم نفسه وتمت السيطرة على الموقع بنجاح, كان لابد من استكمال العملية وهي تفجير الدشم والثكنات العسكرية ورفع صرخة (الله اكبر الموت لأمريكا وإسرائيل واللعنة على اليهود النصر للإسلام) وسجدة شكر لله كان الطيران لايزال مستمراً في التحليق والقصف يدمر الطقوم والآليات الموجودة يحاول ان يقنع نفسه انه لايزال موجوداً ولكن هيهات فرجال الله قد تفرقوا عن الآليات وأخفوا انفسهم ومكثوا يتفرجون الى الطائرات وهي تنوح وتبكي وتقصف وهم يسبحون بحمد الله ويستغفرونه وبدأت حكاية التحدي بين المجاهدين والجيش السعودي على الجبل…
حاول الجيش السعودي أن يستجمع قواه ويستعيد موقع جبل الدود من قبضة الجيش واللجان الشعبية فقام بعدة زحوفات ولكنه كل مرة يفشل ويهزم ويقتل من جنوده وضباطه العديد وتحترق آلياته فيصاب بالإحباط والهزيمة النفسية فيلجأ الى الطائرات الأباتشي والأمريكية والبريطانية لتقصف جبل الدود بمئات الغارات وعدد من الصواريخ ولكن دون جدوى رجال الله صاروا في موقع جبل الدود جزءاً لا يتجزأ منه مثل الأشجار والاحجار لا يبارحون أماكنهم مهما كان حجم القصف والضرب واستمر الحال لمدة عام والجيش السعودي عاجز ان يستعيد موقع جبل الدود مما اضطره لقصف الجبل قبل خمسة أيام بقنبلة فراغية تشبه القنبلة التي ألقتها الطائرات الصهيونية على جبل عطان فحولت اعلى الجبل الى كومة من التراب والحصى فظن الجيش السعودي بعدها انه قد قضى على المجاهدين الذين في الموقع وقام بالإعداد لزحف كبير للسيطرة عليه ولكنه تفاجأ برجال الله يستقبلونه بالرصاص والألغام والقذائف ويتصدون للجيش السعودي ويلحقون به شر هزيمة بفضل الله وهكذا هو حال موقع جبل الدود .. صمود وثبات وجهاد وتحدٍ من قبل الجيش واللجان وهزيمة وفشل للجيش السعودي.