ثوار التحرير المناطقي وتقرير المصير والتمزيق!!
جميل أنعم
قد نتفق أو نختلف مع رؤساء الأنظمة الوطنية الجمهورية وأسلوب الإدارة للدولة والحكومة والمجتمع، فالجميع والكل إلى رحمة الله سبحانه وتعالى راحلون، ويبقى الوطن والشعب ومؤسستا الجيش والأمن هم المؤسسة الوحيدة القادرة والضامنة لوحدة الوطن والشعب، بغض النظر عن هوية النظام واسم الرئيس والحزب الحاكم، فأي جيش وطني عربي كل أفراده ضباطاً وجنوداً هم من عامة الشعب، حتى في ظل النظام الملكي أو الجمهوري أو الحزب الواحد.
وكل الثورات العربية في الخمسينيات من القرن العشرين, كان الجيش يؤيد الشعب والثورة، حتى ولو كان الاستعمار الانجليزي أو الفرنسي هو من أسس هذا الجيش، ببساطة لأن الجيش من عامة الشعب الذي لم ولا ولن يرضى بتمزيق شعبه وتقسيم وطنه تحت أي ظرف من الظروف .. لذلك كان لابد من تدمير الجيوش العربية للأنظمة الوطنية الجمهورية، فرحل الرئيس العراقي صدام حسين والعراق لم يتعاف بعد، وكذلك رحل الجيش العراقي والعراق لم يتعاف بعد، وأي جيش عراقي وطني سيعمل على توحيد العراق بالمستقبل ستنهال عليه سكاكين الطائفية والعنصرية ..إلخ، وبالمثل رحل الرئيس الليبي معمر القذافي ورحل جيشه وليبيا للدمار والخراب ثم التقسيم لا محالة، إذا لم يقرر الشعب العربي إرادة وطنية قومية.
وكانت ثورة الشباب، وبانضمام الإخوان وآخرين أصبحت ثورة الربيع العربي الدموي التي وجهت نيرانها باتجاه الجيش والأمن بالاغتيال المعنوي، فَهُمْ كتائب وحرس عائلي وميليشيات وانقلابيون، والقاعدة وداعش ملوك وثوار ينالون منهم، والتحالف العربي الاسلامي بالأنظمة الملكية تدمرهم، وتحالف الإرهاب بأمريكا يقتلهم، والمرتزقة والعملاء والخونة تسحلهم وتمثل بجثثهم، فهُم مجوس وشيعة وإرهاب طائفي علوي زيدي وهلم جرا من مصطلحات المقلاع التوراتي .
والنتيجة.. محاولة تدمير الجيش العربي السوري الأول، ومحاولة تدمير الجيش المصري الثاني، والجيش المصري الثالث، بجره إلى معارك سوريا ثم ليبيا ثم غزة ثم اليمن، ومحاولة تدمير الجيش اليمني، جيوش عربية وطنية تأبى وترفض وتقاوم تقسيم الوطن السوري والوطن اليمني .. فأطلق الغرب الاستعماري واسرائيل الإخوان والقاعدة وداعش والانظمة الملكية والمرتزقة والخونة لتدميرهم، وبثورة الربيع السلمية التي تحولت إلى التحرير المناطقي بالمرتزقة وداعش، ثم تدشين معارك التحرير المناطقي من الجيش السوري والجيش اليمني.. وما بعد التحرير المناطقي بالتأكيد حق تقرير المصير، وما بعد تقرير المصير التمزيق، باستقلال شعب تعز الحر، وشعب الرقة الحر، وشعب حمص الحر، وشعب حماة.. وكل الشعوب لها جيش حر غير الجيوش الوطنية المعروفة من الاستقلال، جيوش جيناكم بالذبح والسحل والسبي والتهجير، جيوش مناطقية طائفية عنصرية مئة في المئة.
فمثلا في سوريا وتحت غطاء الربيع العربي، تم نشر الأخوان والقاعدة وداعش في معظم الريف السوري وبعض أجزاء من المدن وبمقاتلين من كل أنحاء العالم لتدمير الجيش العربي السوري وليُنعتوا لاحقاً بالإرهاب، وتركيا الاخوانية تدعم الجيش السوري الحر الذي يحرر مناطق جغرافية محددة في شمال سوريا من الإرهاب ومن كتائب الأسد، هذه المنطقة هي كيان سياسي جديد صهيوني الهوى، وبالمثل إسرائيل تدعم جيش الفتح الشامي وكذلك قطر والإمارات والسعودية، جيوش مناطقية عنصرية طائفية مدعومة من أعداء الأمة العربية والإسلامية، تحرير مناطقي بالتركي والأمريكي ..إلخ .
وفي اليمن تكرار للمشهد السوري، تدمير الجيش اليمني وحلفائه وأنصاره من اللجان والقبائل والشعب الأصيل، وخلق جيوش مناطقية عنصرية لتحل محل الجيش اليمني وبمسميات متعددة، فهُم في عدن المقاومة الجنوبية لتحرير عدن، والمقاومة الشعبية لتحرير تعز، والجيش الوطني لهادي لتحرير مارب، والمارينز الأمريكي لتحرير حضرموت من القاعدة .
ويا أبناء جلدتنا.. ماذا يكون بعد التحرير.. وبعد التحرير يكون الاستقلال وتقرير المصير والانفصال والتمزيق، ومن شعب يمني واحد ووطن واحد إلى ستة شعوب وستة أوطان لنهب النفط والغاز من حكام ضعفاء وعملاء يرحبون بشعب الله المختار قوياً كبيراً وموحداً .
كل ذلك وبحسب توصيف الفقيد ابن اليمن البار عبدالله البردوني ما هي إلا عروض استعمارية وهمية لتمرير المشروع الاستعماري الجديد للعرب بالقرن الواحد والعشرين، تماماً كما كان العرض الاستعماري بالقرن العشرين خلافة عربية ووحدة إسلامية، وتماماً كما كان العرض الاستعماري بالقرن التاسع عشر ومنتصف الثامن عشر بثورة القبور ومحاربة البدع والشرك لمحمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود والتي تتكرر كل قرن وبشكل وحلة جديدة منها الاخوان والسلفية وأهل الحديث والدعوة والدعاء شئتم أم أبيتم .. هذه هي الزاوية والخانة والحجر التي صنعها اليهود وأخرجها الاستعمار الغربي وكنتم ولاتزالون بيادق شطرنج لتنفيذ مضمونها وإحداثها .
رحل صدام وزين العابدين وحسني والقذافي وصالح, وعلى الحوثي أن يعود إلى الكهف, أما إسرائيل فيجب حوار السلام معها وأمريكا الصهيونية التي سفكت أطنان الدماء في العراق وليبيا بل كل العالم نحن حلفاءها بل هي صاحبة مبادرات الطرف الثالث وتلعب أدوار العاقل الناقل للديمقراطيات للأنظمة التي سفكت دماء شعبها ولا نتفاوض معها .
وهل بعد ذلك سيحكم هادي اليمن ومن صنعاء أو تعز ومارب وحتى عدن، وينسحب ذلك على البقية الباقية، أنتم ما أنتم سوى أحصنة خشبية كحصان طروادة لتمكين العدو والاعداء من تمرير مشروعه الاستعماري الجديد للشعب والوطن العربي.
والله سبحانه وتعالى وبالحق ينصر الفئة القليلة المستضعفة ويظهرها على القوم الكافرين الظالمين المنافقين، فقد نصر الطفل يوسف الصديق عليه السلام على إخوانه من بني إسرائيل بعد أربعين سنة، وكذلك انتصرت الطفلة مريم بنت عمران على كهنة المعبد لبني إسرائيل وكذلك نصر الله عز وجل فتية أهل الكهف على إمبراطورية الرومان.. وأربعون مقاتلاً من كل القبائل يحاصرون شخصا واحدا وينصره الله سبحانه وتعالى ويخرج سالماً، وشعب الأوس والخزرج ينصر رسول الرحمة ليعود بعد 8 سنوات لفتح مكة ويعلن البراءة من مشركي وكفار قريش.
والأعمى الفقيد عبدالله البردوني وحده فقط ومنفرداً ينتصر للتاريخ الوطني اليمني الحديث من تاريخ الاستقلال الأول 1915م حتى ما بعد إعلان الوحدة 1990م بالإيجابيات والسلبيات وبدون إحراق المراحل الوطنية اليمنية شمالاً وجنوباً ووسطاً، وسطر البردوني بالقول بأن الفئة القليلة الثائرة على الظلم والبغي والفساد تنتصر بالنهاية بالوطنية اليمنية الكاملة، والتي حاول ويحاول وسيحاول العدد من إسرائيل وأمريكا وبني سعود وملحقاهم من النيل منها بتاريخ طويل من الاستهداف وبمفردات ثورة 1948م بالاخوان والانجليز، وثورة 1955م بالأمريكان حسب البردوني، حتى وصلنا ثورة الربيع الصهيوني بالواقع المعاش ثورة وتحرير مناطقي وحق تقرير المصير والتمزيق والتقسيم وقضم أرض اليمن والعرب للأعداء وباسم الحرية والديمقراطية.
ولكم أيها القوم الظالمون لن نقول أكثر مما قال الله سبحانه وتعالى: إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فالذل والخسران والهاوية من نصيبكم في الدنيا قبل الآخرة، إلا من رحم ربي بالتوبة النصوح، ولا إله إلا الله محمد رسول الله.. ولله العزة وللمؤمنين .