العدوان السعودي على اليمن إلى أين؟!

ما ارتكبته وترتكبه السعودية من جرائم حرب في اليمن يعكس غطرسة هذه الدولة واستمرارها في عدم الاكتراث بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن .
ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الولد المدلل للملك سلمان بن عبد العزيز والحاكم الحقيقي في السعودية اظهر قدرات غريبة في البطش والتقتيل والتنكيل بالمدنيين الأبرياء اليمنيين .
فهذا الديكتاتور الجديد برغم صغر سنه إلا انه ارتكب جرائم في حق المدنيين اليمنيين العزل أصبح الصمت عنها تواطؤاً وانحيازاً لجانب الظلم والقهر والاستبداد.
قتل المدنيين في فترات الحرب والحالة في اليمن  لا تعتبر حربا وإنما عدوانا غاشما تشنه دولة معتدية على دولة أخرى مجرم بمقتضى القانون الجنائي  الدولي الذي يسمح   بمساءلة القادة جنائيا عن الجرائم الدولية التي ارتكبوها أو أمروا بارتكابها  . كما يمكن ملاحقتهم قضائيا.. لكن المتابعة تمر عبر الجنائية الدولية وهي كما نعلم مسيسة ولا يمكنها أن تصدر امراً بمتابعة المسؤولين السعوديين أو حكما يدينهم  لنفوذ السعودية  وتأثيرها  على صانعي القرار الأمريكي. كما أن المحكمة الدولية  لا تحرك  أية متابعة إلا بعد تلقي شكاية من النظام القائم في  الدولة التي ارتكبت فيها  جرائم الحرب .
وفي حالة اليمن فالنظام المدعوم من السعودية هو الذي فتح أبواب اليمن أمامها وهو متورط إلى جانبها في جرائم الحرب وبالتالي فاللجوء للجنائية الدولية للقصاص لضحايا العدوان السعودي يبدو صعبا أن لم نقل مستحيلا.
كيف يمكن الضغط اذن على السعودية لوقف عدوانها على اليمن ومتابعة الجناة عما اقترفوه من جرائم بعد تأكدنا من  أن الجنائية لا يمكنها أن تعيد حقوق المكلومين واليتامى والأرامل باليمن على الأقل حاليا في ظل استمرار المجتمع الدولي   الاعتراف بهادي منصور  المدعوم سعوديا.
بعض المنظمات الحقوقية العربية والدولية  ومنها  هيومن رايتس ووتش وثقت جرائم العدوان السعودي في اليمن وطالبت مجلس حقوق الإنسان بجنيف بتعليق عضوية السعودية وتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم الحرب التي ارتكبتها السعودية. إلا أن مجلس حقوق الإنسان تجاهل كل مطالب المنظمات الحقوقية والإنسانية بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية في الانتهاكات المرتكبة باليمن .  ورضخ  المجلس لضغط السعودية وحلفائها الخليجيين والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا   حيث مدد  عمل لجنة التحقيق التي كلفها عبد ربه هادي منصور مع كونه احد  أطراف الصراع  في اليمن . وقد نجحت السعودية في إفشال كل المحاولات لاستصدار  قرار بتشكيل بعثة أممية للتحقيق في جرائم السعودية باليمن  ومنها مشروع قرار هولاندي اوصي  بتكليف  بعثة تابعة للأمم المتحدة بتوثيق انتهاكات السعودية في اليمن .
عدم إدانة المجلس للسعودية عكس هيمنة هذه الأخيرة وحلفائها الخليجيين والغربيين على قراراته. فهذا المجلس الذي كان يعتبر قبلة للمظلومين والمعذبين أصبح يغلب الجانب السياسي على الحقوقي فيما يبدو.
السعودية وبرغم عدم استصدار أي قرار أممي يدينها إلا أنها متورطة بحسب منظمات حقوقية ومتابعين وصحفيين وكتاب بجرائم حرب في اليمن . وقد استطاع الإعلام الحر أن يظهر جانبا من هذه الجرائم . وقد نجحت قناة العالم في إيصال جزء كبير من معاناة الشعب اليمني إلى كل أطراف العالم وخاصة إلى الأحرار في المنطقة العربية. ما هو مطلوب من الإعلام الحر ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة أن تستمر في فضح انتهاكات وجرائم العدوان السعودي وان توثق ما استطاعت لهذه الجرائم.
اما السعودية فلن تظل بدون عقاب وعدم إدانة  مؤسسات الأمم المتحدة لعدوانها على اليمن لا يعفي  مسؤوليها من المسؤولية  والمحاسبة .وعلى رأسهم محمد بن سلمان وزير الدفاع الذي تعتبره منظمات حقوقية متورطا حتى النخاع في الفظاعات التي يرتكبها جيش بلاده ضد المدنيين اليمنيين.
ولحسن الحظ فبعض الدول أدرجت في قوانينها الأحكام الخاصة بجرائم الحرب المرتكبة خارج أراضيها . ومن بين هذه الدول من منحت محاكمها الاختصاصات والسلطة اللازمة لمحاكمة مرتكبي  جرائم الحرب خارج هذه البلدان كبلجيكا وكوستاريكا وألمانيا ونيكاراغوا وإسبانيا وفرنسا وفينزويلا. وهناك دول كالنرويج والسويد تعتبر أن جميع الجرائم في الخارج وبينها جرائم الحرب يعاقب عليها القانون وتسمح بمتابعة الجناة عند دخولهم أو استقرارهم بهذه البلدان.
ما يبقى إذن هو توثيق المنظمات الحقوقية التي تعمل باليمن  للجرائم أتى ارتكبها العدوان السعودي  وتكوين ملف قضائي عنها وانتداب من يقدم شكاية خاصة بهذه الجرائم في احد البلدان التي تعمل بما يعرف بالولاية القضائية الدولية أو الاختصاص العالمي  للقضاء  . فهذه الدول  خولت محاكمها النظر في جرائم معينة ارتكبت في بلدان أخرى كالتعذيب وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. ويمكن لهذه المحاكم  أن تتابع مسؤولين سعوديين عن جرائمهم في اليمن لو رفعت دعاوى قضائية ضدهم بهذه البلدان.
وفي حالة رفع قضايا ضد أسماء مسؤولين سعوديين بعينهم فلن يستطيعوا زيارة هذه البلدان مخافة التعرض للاعتقال.
بعض المنظمات الأوروبية لحقوق الإنسان مؤثرة في حكومات بلادها وبينها الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان والفدرالية الأوروبية لحقوق الإنسان. فهذه المنظمات يمكن استثمار انتشارها الواسع وحجم تأثيرها للضغط على الحكومات الأوروبية لوقف دعمها للعدوان السعودي كما يمكن تعبأتها للتشويش على المسؤولين السعوديين عند زيارتهم لبعض البلدان الأوروبية من خلال تنظيم وقفات احتجاجية تطالب بمحاكمتهم وبرحيلهم من هذه البلدان.

قد يعجبك ايضا