خيارات صعبة ولكنها غير مستحيلة؟!!

جمال الظاهري
من لا يزال يعتقد أن القصة صراع يمني على السلطة, فإنما هو يخدع نفسه.
السعودية ببساطة وبمجرد طلب من هادي بالتدخل, تشن الحرب وتفتح خزائنها على الآخر, وهي مستعدة أن تضع جميع محافظ الشعب السعودي وإن لزم الأمر محافظ الأمراء على الطاولة من اجل عيون شرعية هادي؟! الأمر الواقعي هو ما قاله القادة السعوديون: (استعادة (حديقتهم الخلفية)؟!.
هذه الحقيقة واضحة وجلية ولكننا نتجنب رؤيتها!
العدوان على اليمن مستمر وركيزته الأساسية قرار مجلس الأمن, وتصدر السعودية لشن العدوان لم يأت بالإكراه, ومنطوق القرار يقول نطلب من دول الجوار اليمني العمل على المراقبة والرفع بأي مخالفات, ولم يلزمها بشن العدوان, أو أجاز لها استخدام القوة, فما بالكم بخوض حرب وفرض حصار لا أخلاقي وغير إنساني!
المجتمع الدولي والمنظمات العالمية وفي مقدمتها الأمم المتحدة, مثلها مثل مكاتب المحامين الأمريكيين, تبحث عن الكسب للعاملين فيها والدعم لبرامجها وأنشطتها, قد تهتم في لحظة ما بقضية إنسانية أو حقوقية لا يقف وراءها داعم أو ممول (محرز) كي تلمع صورتها, وتقدم نفسها بثوب إنساني, ولكنها في المقابل ستجند موظفيها كمحامين ومدافعين عن الجلاد والقاتل إن كان ذلك سيعود عليها بالفائدة المالية, أما إن حدث وكان القاتل مسنودا ومباركا من اللاعبين الكبار (أصحاب الفيتو) فإنها قد تجند كل خبرائها خدمة لمن يستطيع دفع فاتورتها المكلفة.
ومن الغباء المراهنة على استصدار قرار أممي بوقف إطلاق النار في اليمن, ومن الجيد أن تحذفوا من رؤوسكم أي أفكار أو أماني بإمكانية إلزام السعودية برفع يدها والتخلي عن الشأن اليمني مهما كانت مسوغات هذه الأماني – إنسانية كانت أو ضغوطاً أو انتهاكات للحقوق الإنسانية أو لقوانين الحرب.
بالنسبة للسعودية وكما أسلفت مستعدة للذهاب إلى النهاية, وحين دخلت الحرب كانت قد قررت وحزمت أمرها على استعادة هيمنتها على (حديقتها الخلفية), صحيح أنها تبحث عن بعض الحجج واشترت قرارات, وكانت حساباتها خاطئة فيما يخص قوة اليمن وأنها عملت حسابها على معركة سريعة وخاطفة, وليستتب لها الأمر في اليمن من جديد, ولكن المؤكد أنها ومنذ البداية قد قررت مع من حشدتهم – وإن تركها البعض منهم أو سيتركها في منتصف الطريق- أنه لا قبول بأقل من الاستسلام الكامل والصريح من قبل من سيقف في طريقها.
لذا وباختصار شديد فإن إمكانية الانسحاب السعودي من الحرب رغم سهولته وبساطته التي لن يكلفها أكثر من صياغة مذكرة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن تقول فيه: بعد الديباجة: عملت ما أستطيعه من أجل تنفيذ قراركم وحان الوقت كي أترك الملف والشأن اليمني لهيئتكم ومجلسكم الموقر ومن اليوم لا شأن لي بالقضية اليمنية.
مسألة إنهاء الحرب, أو صمود أي هدنة, أو نجاح أي مساعي أمر غير وارد في الوقت الراهن, وإن أظهروا في بياناتهم وتصريحاتهم غير ذلك, هذا أولاً.
ثانياً: إمكانية الحصول على أي موقف منصف وقوي من المجتمع الدولي في ظل المعادلة الحالية, والأوضاع القائمة على الأرض لا يزال بعيداً جداً.
ثالثاً: المراهنة على اثر فعل قبيح ارتكبته هنا أو جريمة هناك وما يحدثه من أصداء الإعلامية ومواقف وتصريحات دولية مبعثرة, قد يلزم السعودية بتوقيع شيكات إضافية وقد يجبرها على التغيير في أسلوبها وأدائها في المعركة صحيح, ولكنه لن يمنعها من مواصلة العدوان والقتل والتدمير.
رابعاً: المناشدات والصدح بالمظلومية والإنسانية, أو إقامة الحجج والوعد والوعيد في شريعة اليوم مؤشرات ضعف, تعطي العدو ومن يتمالأ معه فكرة بأنك تقترب أكثر وأكثر من حالة الهزيمة, وفي حسابات عدوك فإن تحقيق النصر أصبح مسألة وقت, ووفق حسابات المستفيدين وأصحاب المصالح تقرب أكثر ومساهمة أكثر من أجل تحقيق مكاسب أكبر.
أما البقية من دول العالم وحتى الذين كانت لهم مواقف ضعيفة معك فإنهم يصمتون أو يبدأون في البحث عن بعض المكاسب لدى الطرف المنتصر.
هذه القيم المفاهيم رغم ما تبدو عليه من جمال تسقط في حالات الحروب, وينسفها المال وإن استخدمت من البعض دول أو منظمات أو أفراد فإنما للزينة ولطلب المزيد من المال والامتيازات والمصالح, لذا يمكن أن نقول إن عناوين – الإنسانية – القانون الدولي – القانون الإنساني – أو المعاهدات والمواثيق والهيئات والمنظمات سواء الموقعة والمعترف بها أو غير الموقعة إضافة إلى الإرث الأخلاقي والحضاري, والصفات الجميلة من قبيل أخلاقيات الفرسان, وإنسانية البشر في وضعنا اليوم ووفق حسابات أقطاب النظام العالمي والمجتمع الدولي (أمور ترفيه) لا أكثر.
يجب أن يدرك قادتنا وشعبنا بأننا في وضع لا نحسد عليه ومطالبون بإحداث هزة كبيرة تربك المشهد وتعيد التوازن للمعادلة القائمة في اقل تقدير, كي نجبر الجميع على إعادة حساباته وتموضعه, وهذا لن يتأتى إلى بقوة وسواعد الرجال, ولا أقول بالمزيد من التضحيات التي غالباً لا تجد من يستفيد منها ويترجمها في الأداء السياسي والتفاوضي, ولأني لا استسيغ الاستهانة بحياة الناس وإن كان بذلها في ميدان الشرف والحق من الأمور التي يتشرف ويرتفع بها مكانة وقدر المرء في دنياه وأخرته.
وهنا أختم:
ما انتزع منا بالمؤامرة والقوة لن يسترد إلى بالذكاء والقوة, التي تختصر المسافة والفترة, وبهذا تقل التضحيات وتخف الكلفة.
Aldahry1@hotmail.com

قد يعجبك ايضا