بيان مجزرة الصالة… والكذب على الدقون

سارة عبدالغفور  المقطري

يقول المثل : إذا لم تستح فاصنع ما شئت  , السعودية ودول التحالف العربي التي قادت حملة على اليمن صنعت  ما تشاء وأكثر منذ ما يزيد عن عام ونصف دون استحياء .
تحركاتها العسكرية منذ اليوم الأول (مساء 26 من مارس عام2015م)  لم يكن تحت شعار استعادة الشرعية أو إعادة الحكم لعبد ربه منصور هادي , إنما لحماية  نفسها مما تسميه التهديد الخطير لأمنها واستقرارها والدول المجاورة لها وهذا اعتراف ضمني أنها لم تأت من أجل شرعية (مزعومة) وهو ما تؤكده  في كل بيان تصدره تحت اسم قوات التحالف.
ندخل في الموضوع:
من جملة البيانات التي أصدرتها قوات التحالف البيان الأخير (والأهم )  الذي جاء تحت عنوان (بيان هام من التحالف بشأن نتائج تحقيقات قصف القاعة الكبرى بصنعاء )
أتى هذا البيان كتبرير طبيعي ومتوقع على الجريمة الكبرى  التي ارتكبتها قوات التحالف بحق عزاء آل الرويشان والذي اسميه ((عزاء اليمن )).
بعد كل جريمة تسعى تلك القوات لتقديم مبررات كبروتوكول متبع في حرب اليمن تحديدا .
البيان كان مفرغاً من التفاصيل عارياً عن المنطق من عدة جوانب أهمها:
أولا :استهل البيان بقوله ( قام الفريق المشترك لتقييم الحوادث بالتحقيق من الحادثة مباشرة ) السؤال هنا : من هو هذا الفريق المشترك, ومشترك بين من ومن , ومن هم أعضاؤه ومتى تأسس أصلا ؟ أليس من المفترض أن يكون بين طرفين مختلفين لتحقيق معنى (الاشتراك )؟
لو افترضنا أنه بين قوات التحالف وقوات هادي,  وهذا يذهب بنا إلى إن نقول إن هناك فرقاً بين قوات هادي وقوات التحالف , وان هناك فجوة كبيرة بين الفريقين , وأن التحالف لم يأت من أجل هادي , وإذا كان لهادي قوات قادرة على المواجهة فلماذا استعان بالسعودية ودول التحالف؟ وهنا يصبح هادي  في مأزق والتحالف بقيادة السعودية  في مأزق أكبر .
أما إن كان هذا الفريق (مشترك ) بين السعودية والأمم المتحدة,  فهذا اعتراف أن الأمم المتحدة مشاركة بشكل ضمني.
إذا يبدو أم الفريق المشترك هو بين السعودية وقوات تحالفها (أي بين السعودية  ونفسها ).
ثانيا: تحدث البيان عن جهة تابعة لهيئة الأركان العامة وهنا نسأل ؟: من هي تلك الجهة ؟ ومن هم أطرافها هل بالفعل كما يقال علي محسن وهادي؟
إذا افترضنا أن هيئة الأركان العامة (يمنية ), ألم تكن تعلم تلك الهيئة أن الصالة الكبرى هو مكان لإقامة الأفراح والمناسبات (علما أن الصالة لا تبعد سوى أمتار عن منزل علي محسن),وأنها ليست مكاناً لتجمع عسكري , وإن كانت قيادة الأركان العامة لا تملك إحداثيات ومعلومات دقيقة عن الصالة فكان الأحرى بها الاستعانة بجوجل map فهو يملك معلومات أدق كما يبدو .
ثالثاً: إذا كانت تلك الهيئة هي من تقدم المعلومات لطائرات التحالف منذ أكثر من عام ونصف فيجب أن يكشف عن قياداتها ويجب أن تحاكم بجرائم حرب,  لأنها ارتكبت وترتكب جرائم منذ عام ونصف ابتداء من جريمة فج عطان مروراً بمستبا وسوق الهنود وغيرها , وقد تكون تلك الهيئة هي (كبش الفداء ) للسعودية والتي ستعلق عليها كل جرائمها لتخرج السعودية  (زي الشعرة من العجين ).
رابعاً : البيان يحاول أن يظهر أن هناك من اختطف الطائرة وقام بالقصف على الصالة دون علم مركز توجيه المعلومات الجوية  (في مشهد درامي ), وكأن ما حدث شكل آخر من أشكال أحداث 11 من سبتمبر , ويبدو أن السعودية مازالت تعيش صدمة إقرار قانون (الجاستا )وتعيش اليوم نفس تفاصيل2011م, وإلا لماذا استمرت طائرات التحالف بالتحليق ولماذا قصفت المسعفين مرة أخرى ولماذا عاودت القصف بساعات بعد الجريمة في مناطق متفرقة من العاصمة ؟, ألا يعد ذلك اختراقاً امنياً ويجب السيطرة على الوضع وإعلان حالة الاستنفار لحين إيجاد الخلل ؟.
كل ما سبق كان قراءة  للبيان الهزلي الذي أصدرته قوى التحالف ولم تقدم فيه الجديد سوى مزيد من التضليل وقديم الادعاءات بأن هناك خلافاً بين دول التحالف وقادة الشرعية لإلهاء المتابع عن الجريمة الأساسية والمشهد الأعمق في استهداف العزاء .
هناك قراءة أخرى لما جرى :
السعودية ارتكبت الجريمة في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع  من الجميع هذا يعني أنها تقصد تلك الجريمة وتعنيها وقامت بها عن سبق الإصرار والترصد وتعترف بها جملة وتفصيلا مدركة أن لا أحد سيحاسبها  .
الولايات المتحدة تمارس ضغطاً على السعودية غير مسبوق (وقد ضاق بها الكيل) نتيجة فشل السعودية الواضح في اليمن وهي اليوم مطالبة بإخراج نفسها من المستنقع اليمني قبل حلول نهاية العام وقبل الانتخابات الأمريكية المقبلة , لذلك تضيع الوقت بمزيد من التحركات ومزيد من الاستنزاف وربما تكون هذه المجزرة هي الخاتمة للفشل السعودي في اليمن .
ختاما
ليس مطلوباً من المجتمع الدولي محاكمة ومقاضاة السعودية ودول التحالف على الجرائم التي ارتكبت في اليمن، لأنه بالتأكيد لن يكون منصفاً بأي شكل من الأشكال , في أحسن الأحوال إن تم مقاضاة السعودية على جرائمها في اليمن كما سيتم مقاضاتها بأحداث 11 من سبتمبر فمليارات البترودولار لا تساوي قطرة دم يمنية سقطت على تراب هذا الوطن، واليمني أشرف وأعز من أن يستلم ريالا سعوديا واحداً مقابل دمه الذي سقط  في سبيل وطنه وحريته وكرامته .
المحاسبة الحقيقية للسعودية هي أن تدك من الداخل وان تصعق بضربة مؤلمة جدا في عمق أراضيها  كي تنتهي هذه الحرب وقد انتصر الحق على الباطل.
والسلام  على رجال الوطن في ساحات القتال .

قد يعجبك ايضا