استطلاع/ أحمد الطيار
ينظر الخبراء الاقتصاديون إلى خطوة تلبية دعوة دعم البنك المركزي اليمني بعين الإعجاب والفخر ويؤكدون أنها أهم مبادرة اقتصادية تعرفها اليمن خلال تاريخهم الاقتصادي مستدلين على ذلك بأهمية الخطوة وفكرتها الاقتصادية ومستوى الحشد الشعبي والاستجابة لها.
ويقول الخبراء إن دعم البنك المركزي عن طريق حشد المواطنين لفتح حسابات ادخار وودائع في النظام المصرفي تعتبر أحد أهم مصادر التمويل الداخلي وهي طريقة اقتصادية متقدمة جدا لأنها تعتمد على المصادر المحلية ولاتكلف القطاع المصرفي تحمل فوائد لمصادر التمويل الخارجي وتعزز من تدخل المواطنين في تنمية وطنهم فهي شراكة اقتصادية من الطراز الأول للبناء ومواجهة العدوان والحصار في ظل الظروف الحالية .
مثال وقدوة
على مدى الأسبوع الماضي كانت وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن اليمنيين بالكثير من الفخر والترحاب فابعتبارهم يدخلون لأول مرة في تجربة مصرفية جديدة لم يتعرفوها يكونوا قد قطعوا شوطا متقدما من الذكاء الاقتصادي ،صحيح انهم يعرفون واجب التعاون والنداء للتبرعات حال وقوع الكوارث على إخوانهم واصدقائهم وهي عادة دينية متأصلة فيهم ،لكن لنداء الواجب الوطني كانوا اسرع وهنا مصدر الفخر.
تلبية
ضمن الاعجاب بالشعب اليمني ما يقوم به حاليا من تلبية نداء الواجب الوطني في دعم البنك المركزي حيث أنه رغم الظروف الاقتصادية التي يعيشها الناس لكن حسهم الوطني كان سباقا في الإسراع بالتبرع بما يمكن ان يكون مجديا ،وهكذا كانت الأموال تتدفق من جميع المحافظات على مكاتب البريد والبنوك المحلية للدعم وفتح الحسابات المصرفية وتوريد السيولة للبنوك.
يقول الدكتور عبد الله الفلاحي خبير التمويل في الصندوق الاجتماعي للتنمية إن حملة دعم ورفد البنك المركزي ذات جدوى اقتصادية كبيرة فهي تعمل على التصدي لكل محاولات العدوان التي تسعى لهلاك المواطن اليمني وتعتبر تطورا لنظام مالي يفترض بنا أن نطبقه في بلادنا مؤكدا على ضرورة تعزيز التكاتف الشعبي والالتفاف الشامل والكامل في هذه الحملة.
مواجهة
يقول الخبراء الاقتصاديون إن قرار الفار هادي بنقل البنك المركزي يأتي في إطار التصعيد الذي يمارسه العدوان ضد الاقتصاد اليمني فهذا العدوان قد مارس كل أشكال الحرب الاقتصادية ضد اليمنيين وبكل الأشكال دون مراعاة لوضع المجتمع البالغ تعداده 27 مليون إنسان بل يريد أن يذل هذا الشعب من خلال ارتكاب كل الحماقات الاقتصادية والمتمثلة في سحب عملته والقضاء على مقدراته الوطنية ،معتبرين أن خطوة نقل البنك المركزي دليل واضح أن العدوان متجه للتصعيد إلى ما لا نهاية وإلا لو كانت لديه أي نوايا للسلام لكان رفع الحصار المفروض على اليمن كأولوية أمام المجتمع الدولي ورعاة المفاوضات وليس الإقدام على خطوات خطيرة تؤثر على معيشة كل فرد من أبناء الشعب”.
خطوة متقدمة
التضامن مع البنك المركزي يعتبر خطوة متقدمة من الناحية الاقتصادية فهذه الخطوات تمارس في الدول ذات النفوذ الاقتصادي الواسع والفكر الاقتصادي المستنير حيث طبقتها ماليزيا في السبعينيات وكوريا الجنوبية في التسعينيات حين مارست عليها الصناديق الدولية ضغوطات ورفضت إقراضها الأموال للتنمية إلا بشروط مجحفة مما جعل قادتها يلجأون لشعوبهم للتمويل المحلي.
تجربة ماليزيا
في ماليزيا هدف مهاتير محمد حين استلم مقاليد الحكم في ماليزيا كرئيس للحكومة الاتحادية لحصول بلادها على عدة مليارات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كقروض ميسرة لدعم التنمية في ماليزيا لكن محاولاتها باءت بالفشل فقد وضع الصندوق والبنك الدوليان شروطا مجحفة وفرضا فوائد كبيرة مقابل القروض وبفكره الاقتصادي رأى أن تلك المؤسسات الدولية لن تسهم في دعم بلاده بل تريد منها أن تظل فقيرة ولن تساعدها على النهوض من براثن الفقر وبعد عدة دراسات اهتدى لفكرة الدعم المحلي وأنتج خطة لجعل الشعب الماليزي يشارك في التنمية عن طريق حشد الإمكانيات المتوفرة لدى الشعب حسب المستطاع ،وهكذا استقبل البنك المركزي الماليزي التبرعات والدعومات من الشعب وجعلها في حسابات خاصة للناس عرفت بما اسمي بالبوليصات الصغرى وهي شيكات مالية تقدمها الحكومة للناس الذين يسلمون لها الأموال بنفس القيمة لكنها تستحق للدفع بعد عشر سنوات على سبيل المثال وهكذا حشد المجتمع الماليزي نحو 10 مليارات رنجيت كانت فاتحة التمويل المحلي لنهضة ماليزيا في الثمانينيات.
كوريا الجنوبية
وقعت كوريا الجنوبية ضحية لمؤامرات الصناديق الدولية في عقد التسعينيات وفقدت نحو 50% من قيمة عملتها الوطنية نتيجة المضربات الدولية بها وهكذا وجدت الحكومة نفسها في موقف لاتحسد عليها فالديون الناجمة عن القروض تتضخم والخزينة العامة بدأت بفقدان السيولة مما جعل رئيس الحكومة يلجأ للمواطنين أن يدعموا السيولة للبلاد بدلا عن اللجوء للاقتراض من الصناديق الدولية بفائدة كبيرة،ولهذا الخطوة الوطنية لبى الشعب الكوري النداء وأسهموا بما يعرف بالبطاقة الصفراء والتي تعد شيكا من الحكومة لكل من يدفع مبالغ للدولة أي كأنها قروض بيضاء لأجل خمس سنوات ،وفي كوريا أصبحت تلك البطاقات الصفراء رمزا وطنيا خالدا حتى اليوم.
السيولة
يعرف اليمنيون أن العدوان مارس ويمارس حربا على اقتصاد بلادهم ومنها ما قام به من خطوات لنقل البنك المركزي وسحب السيولة من السوق ،لكن الواقع يقول ان الشعب اليمني يعرف الوطن والوطنية ولهذا يجود بما في يده من جهة ويصبر من جهة أخرى على تحمل معاناة نقص السيولة ومنها تأخر الراتب وهو بذلك يثبت لنفسه انه جدير بوطنه وللأعداء أنهم سيهزمون مهما فعلوا وكالوا لهذا الوطن من دسائس وحروب ،يقول احد التجار إنه قام بإيداع 179 مليون ريال في يوم واحد وحين سمع بذلك صديقه التاجر قام بإيداع 200 مليون ريال وحين تقابلوا في المقيل كانت المفاجأة أن أولادهم قد أودعوا نحو 500 مليون ريال ضمن سباق وطني يقول عنه التاجر كنا نخاف من إيداع أموالنا في البنوك وحين وجدنا أن العدوان يقوم بحربنا بهذه الطريقة قلنا وطننا هو الأهم واليوم كل أموالنا في البنوك لتعزيز السيولة بكل أصنافها.