الحرب المحجوبة والظالمة على اليمن
د.محمد عبدالله
إن ما يرتكبه النظام السعودي الأرعن – مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى – من جرائم وحشية في اليمن وفي حق اليمنيين في كل دقيقة لا يمكن تصوره أو تصديقه.
منذ أكثر من 18 شهرا تدمر السعودية بالصواريخ وطائرات الـ F16 كل شيء في اليمن. نعم إنها تدمر كل شيء بما تحويه الكلمة من معنى.
فالأهداف المدنية التي تدمرها السعودية أكثر بكثير من الأهداف العسكرية.
في واقع الأمر فلم يعد هناك أي أهداف عسكرية تذكر عدا بعض الأهداف المحدودة في محافظة مارب حيث تدور فيها معارك عنيفة بين تحالف الحوثي وصالح ومعهم الجزء الأكبر من الجيش النظامي من جهة والمليشيات والجيش المشكل من الرئيس هادي المنتهية ولايته والمدعوم من قبل السعودية بالعتاد والسلاح والمال من جهة أخرى والذين يحاولون منذ ما يزيد عن عام اقتحام العاصمة صنعاء انطلاقا من محافظة مارب دون أن يتحقق لهم ذلك بل ويبدو مستحيلا وبعيد المنال. عدا ذلك فإن كل الأهداف العسكرية قد تم استهدافها وتدميرها منذ أشهر بحسب ما أعلنته السعودية مرارا وتكرارا.
إن ما تقوم به السعودية حاليا لم تعد سوى أعمالاً هستيرية شيطانية حيث تقوم بقصف وتدمير كل ما سبق وأن قامت بقصفه وتدميره مرات عديدة. أما الأهداف التي تكتشفها السعودية من جديد فهم المدنيون والمنشآت المدنية الخاصة والعامة.
الأسواق الشعبية، الجسور، المدارس والمستشفيات، الأحياء السكنية وغيرها هي الأهداف العسكرية المتبقية للسعودية. وأخيرا وليس آخر نذكر على سبيل المثال قصف السوق الشعبي المسمى بـ”سوق الهنود” المكتض بالسكان في المدينة الساحلية الحديدة ومجمع سكني عند مفرق جبلة في محافظة إب والقصف الوحشي لسوق الطلح في محافظة صعدة. تلك الهجمات وغيرها نفذت دون هوادة خلال 24 ساعة فقط وأسفرت عن قتل وجرح أكثر من 120 مدنيا.
إن عدد الغارات الجوية ليست 8600 غارة كما ورد في صحيفة دي تسايت Die Zeit الألمانية وإنما أكثر من 90 ألف غارة جوية. هذه هي الحقيقة المجردة ودون مبالغة.
فمحافظة “الرمان” صعدة موطن الحركة الحوثية على سبيل المثال قصفت حتى الآن بأكثر من 30 ألف غارة ما أدى إلى تدمير كل شيء فيها. كل شيء في محافظة صعدة والقرى المحيطة بها من المحافظات المجاورة (حجة وعمران) دمرت كليا وأعلنت تلك المناطق بأنها أرض محروقة. كل شيء فيها تم تدميره حتى الشجر والحجر. معظم المحافظات الشمالية والغربية تم تدميرها بشكل واسع.
العاصمة صنعاء المدينة التاريخية والأثرية والتي تعد أقدم مستوطنة بشرية في العالم والمحمية عالميا بإعلان منظمة اليونسكو تم قصفها مرات عديدة وبدون هوادة. الكثير من المنازل العامرة فيها منذ مئات السنين دمرت والكثير من السكان قتلوا.
(ملاحظة: الآن وفي هذه اللحظة يتم قصف العاصمة صنعاء مجددا بعدة غارات).
أوجه شكري الجزيل لكل صحفية وصحفي ألماني، لكل الإعلاميين الألمان ولكل من يكتب بشكل منصف وصادق عن الحرب المنسية وغير المبررة على اليمن. وأذكر هنا على سبيل المثال وليس الحصر المقالات القيمة التالية التي كتبها السيد ديترش كلوزه.
ولكني أود أن أو أكد هنا بأن هذه الحرب ليست حربا منسية فحسب من قبل الغرب وإنما أيضا حربا محجوبة مع سبق الإصرار والتعمد وخصوصا من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى.
نعم محجوبة كليا من قبلهما لأنها تبيعان السلاح للسعودية وتدعمانها عسكريا ولوجستيا وسياسيا وتعتبران بذلك مشاركتان لها في هذه الحرب بشكل مباشر.
نعم محجوبة لان السعودية تنفذ هجماتها بطائرات الـ F16 والصواريخ الأمريكية والأسلحة الفتاكة البريطانية أيضا. ولذلك تحجب أمريكا وبريطانيا هذه الحرب الملعونة كونها مشاركتان ذاتيا فيها ومتورطتان فيها بعمق.
الدولتان مشاركتان مع السعودية في هذه الحرب لأن اليمن بلد فقير بينما السعودية دولة غنية وتمتلك في كلا الدولتان استثمارات وتوظيفات مالية ضخمة بمئات المليارات من الدولارات. ولذلك فإن الولايات المتحدة وبريطانيا صامتتان بل وتحجبان بتعمد الجرائم البشعة والعدوانية على الإنسانية في اليمن.
منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي يتفرجان وصامتان أيضا.
ألمانيا وبقية دول أوروبا تتفرج وصامتة كذلك.
العالم كله صامت.
وعليه فمن الممكن الجزم بالقول بأن المال السعودي قد أسكت العالم.
ولذلك فإن الشعب اليمني يشعر بأنه قد بيع للسعودية وأنه ترك ولم يلتفت إليه.
كل العالم يقف مع مملكة النفط الغنية لأن اليمن لا يستطيع أن يدفع شيئا لأحد (كما تفعل السعودية) ولذلك لايكترث لأمره أحد وعليه أن يموت.
لكن اليمنيون شديدي الاعتزاز والثقة بأنفسهم واليمن سيظل دائما وابدا “مقبرة للغزاة”.
ولأجل لذلك فقد عاهد الشعب اليمني البطل نفسه بأن يظل صامدا وأن يدافع عن نفسه ويدفن الغزاة تحت تراب وطنه حتى آخر قطرة دم.
حفظ الله اليمن واليمنيين.
نفلاً عن جريدة
Der freitagالألمانية 30 /9 /2016