لا إرهاب..عدالة.. (6)
هلال جزيلان
بالرغم من أن الفلسفة المثالية لم تكن مثالية للحكم أو للحياة ككل حقيقة،ولكن روادها لديهم أفكار جميلة يمكننا الأخذ بها لأن نظرتهم كانت شاملة وعامة وليست براغماتية محتكرة، فمثلاً أرسطو لديه رؤى ليست مقبولة في جانب مثل ما كانت نظرته للمرأة -خلافاً لأستاذه افلاطون- نظرة قاصرة عنها، واعتبرها “مخلوقاً من الدرجة الثانية” ومع هذا لديه فكرة جميلة عن العدالة يمكننا الأخذ بها فقد قال منذ القرن الرابع قبل الميلاد: “أن اللامساواة هي السبب الحقيقي والأول للثورات”، كما أسلفنا هذا القول في عدد سابق.
وكلامه هنا يعد منطقياً وفي نفس الوقت حدد أسباباً تجعل الإنسان يثور ويقوم بعمل إرهابي إن لم يتم التعامل معه مبدئياً، وهذه الأسباب منطقية يمكننا العمل بها وهي مجملة كالآتي:
1- الإهانة والمنفعة علتان تجعلان المرء يثور ويتصرف تصرفاً غير مقبول وهو ما يصدر من رجال الحكم والقادة السياسيين في الدولة، وذلك سبب الامتيازات الظالمة الخاصة بهم..
2-عندما يجد الإنسان نفسه محروماً من كل امتياز ويرى أن الآخرين يتمتعون بهذه الامتيازات.
3- التفوق هو أيضاً مصدر للفتنة الأهلية، حينما يعلو النفوذ الشامل لفرد أو لمجموعة أفراد في الدولة أو في الحكومة نفسها.
4- الخوف، يكون سبباً للفتنة، حينما يثور المجرمون خشية العقاب أو حينما ييأس المواطن، أو أنهم سوف تحل بهم قارعة فيثورون قبل أن تلحق بهم..
5- الاحتقار يولد فتناً وأعمالاً ثورية وهذه الأسباب علاجها يكمن في العدالة وبالذات العدالة الاجتماعية، التي يبحث عنها كل بني الإنسان فهل العدالة تطبيقها صعب أم أن الصعوبة تكمن في الساسة والقادة يا ترى في نظر الحكام لهذه الجزئية؟؟!!.
لكي تتلاشى لهذه الأسباب المذكورة آنفاً ففيها نلاحظ أن السبب الرئيسي يكمن في الحكام لأي بلد، لكنهم لا يفقهون هذا الأمر للأسف!! فمتى ما حكيت عن العدالة صموا آذانهم كأن كلامك عنها يبدد أحلامهم ويقض مضاجعهم وهو في الحقيقة يؤمن حياتهم ويرتب تصرفاتهم تجاه شعوبهم لتكون راضية عنهم، فهل حكامنا اليوم اهتموا بمواطنيهم؟؟ هل حكامنا اليوم اهتموا بحياة مواطنيوهم؟؟ هل حكامنا اليوم تحروا عن مدى رفاهية الحياة التي يعيشها مواطنوهم بها؟؟ أم كانت تحرياتهم تكمن في الإضرار بمواطنيهم الغلابى فأنشأوا أمناً سياسياً وأمناً قومياً ليس لمراقبة العدو الخارجي أو من كان خارج حدود الدولة بل للأسف كان العكس!! أنشأوا ذلك كله لمحاربة الشعوب وقمعها وإرهابها بشتى الوسائل بشكل خفي تارة وبشكل علني تارة أخرى يا للأسف!!.
ومع هذا يشكون ويتباكون من الإرهاب!!.
وإذا ما التمسنا العدالة في جيل من الأجيال وكيف في المقابل ذلك الجيل أمن الإرهاب، لقد كان عمر بن الخطاب ليس لديه حراسة وليس لديه حاشية، لقد كان فرداً عادياً من عامة المجتمع بالرغم من أنه يحكم دولة مترامية الأطراف آنذاك، وهنا أتساءل: هل كان يعاني إرهاباً؟ هل كان يخاف على نفسه؟؟ لا أبداً، لقد كان ينام تحت الشجر ولا يبالي لأنه وصل بعدله إلى درجة أنه قال: “إني أخاف أن تتعثر بغلة في بلاد الشام فيسألني مولاي وخالقي لماذا لم أصلح وأساو لها الطريق”.. هل سنصل إلى هذا المستوى من العدالة؟؟ لكي نأمن في المقابل من الإرهاب؟؟ هذا السؤال للساسة والقادة أم في المقابل سنكتفي بالمحاضرات والندوات للتحذير من الإرهاب التي لا تجدي نفعا بل تزيد من تفاقمه!!.
helalejezilan2012@gmail.com