جلسة عاصفة لمجلس الأمن .. والجيش السوري يستعيد مواقعه
عواصم/ وكالات
دعت وزارة الخارجية الروسية أمس واشنطن إلى إجراء تحقيق شامل واتخاذ التدابير الضرورية لمنع تكرار حوادث مثل القصف الذي جرى لمواقع القوات السورية في دير الزور.
وفي معرض تعليقها على القصف الجوي من جانب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد مواقع الجيش السوري في منطقة دير الزور، قالت الوزارة إن الطائرات الحربية التابعة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة دخلت المجال الجوي السوري من جهة العراق وقصفت بالقنابل والصواريخ مواقع القوات السورية بالقرب من مطار دير الزور ونجم عن ذلك مقتل أكثر من 60 عسكريا سوريا وإصابة مئة آخرين على الأقل بجروح.
“وجاء في بيان الوزارة “يلفت النظر أنه وبعد بدء الضربات الجوية الأولى، نفذت العصابات الإرهابية المتواجدة في المنطقة هجمات ضد الوحدات العسكرية السورية التي كانت محاصرة عمليا على مدى شهور وتنفذ مهمتها بالدفاع عن السكان المدنيين في هذه المدينة العريقة”.
وعبرت الخارجية عن قلق عميق لما حدث، داعية الشركاء الأمريكيين لإجراء، كما يعلنون بأنفسهم، تحقيقا دقيقا مع اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية لمنع لتكرار مثل هذه الحوادث لاحقا.
وبهذا الصدد “يدعو للأسف الموقف المبهم وغير البناء الذي اتخذته الولايات المتحدة تجاه دعوة روسيا لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي. ولم يتمكن ممثلو الولايات المتحدة ليس فقط من تقديم تفسير مناسب لما جرى بل وحاولوا كعادتهم قلب الأمور رأسا على عقب”.
وتابع البيان “نعتبر ما حدث نتيجة طبيعية لاستمرار الولايات المتحدة في رفض إقامة تعاون وثيق مع روسيا في مجال مكافحة داعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية، وهو ما تدعو موسكو الجانب الأمريكي إليه باستمرار وإلحاح وهو ما ورد في الاتفاقات الروسية – الأمريكية التي تم التوصل إليها في جنيف يوم 9 سبتمبر الجاري”.
“ولا شك في أن تصرف طياري التحالف الدولي، إذا لم يكن كما نأمل جرى بإيعاز من واشنطن، فهو على الحدود بين الإهمال الإجرامي والتساهل المباشر مع الإرهابيين من داعش”.
“ويثير القلق بشكل خاص كون هذا الحادث وقع على خلفية الانتهاكات الموثقة لنظام وقف الأعمال القتالية من جانب فصائل المعارضة المسلحة السورية غير المشروعة التي طالما أكد الجانب الأمريكي على أنها انضمت لنظام وقف القتال”.
“ومن جديد ومرة أخرى، نحث واشنطن على ممارسة الضغط اللازم على الجماعات المسلحة غير المشروعة الخاضعة لها لكي تنفذ بشكل لا تشوبه شائبة اتفاق وقف القتال، وإلا فالعكس قد يهدد مجمل الاتفاقات الروسية –الأمريكية التي تم التوصل إليها مؤخرا في جنيف، ما يتعارض مع مصالح كل الأسرة الدولية”.
من جانب آخر شهدت جلسة لمجلس الأمن عقدت على خلفية مقتل جنود سوريين في قصف أمريكي تبادل الاتهامات والانتقادات الشديدة بين الجانبين الروسي والأمريكي.
فقد سارعت ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانتا باور لوصف دعوة روسيا مجلس الأمن للانعقاد بالعمل “المنافق”. فيما أكد ممثل روسيا لدى المنظمة الأممية فيتالي تشوركين أن تصرفات الممثلة الأمريكية غريبة، إذ قال للصحفيين “حين اجتمعنا للتشاور ورحت أعبر عن قلقي لأعضاء المجلس، تبين أنها خرجت إلى الصحافة ودون أن تسمعني راحت تنتقد وتشتم روسيا، وانتقدتنا حتى على دعوتنا للاجتماع”.
وأضاف تشوركين أن باور دخلت قاعة المشاورات بعد أن أنهى مداخلته وأعلنت أنها غير معنية بالاستماع إليه، وأن هذا مجرد خدعة. وتابع تشوركين “في هذه الظروف لم أعد أنا معنيا بالاستماع لاتهاماتها لنا بكل الخطايا فخرجت، لكن وفدنا بقي”.
وأعلن ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين عقب انتهاء الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، أن موسكو تنتظر من واشنطن أن تبرهن لروسيا وشركائها الآخرين على التزامها بحل سياسي في سوريا بعد أحداث دير الزور، وردا على سؤال حول إمكانية التحدث عن نهاية الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة بشأن الهدنة في سوريا، قال تشوركين: “لا، هنا علامة استفهام كبيرة”.
إلى ذلك قالت باور للصحفيين “يجب أن تخجل المتحدثة باسم الخارجية الروسية من تصريحها بأن الولايات المتحدة تدافع عن مقاتلي داعش”، وأضافت “هذه المجموعة قطعت رؤوس مواطنين أمريكيين، ونحن نرأس تحالفا من 67 بلدا للقضاء على هذه المجموعة، وفقد داعش 40% من أراضيه. هذا ليس لعبة، ولذلك يجب أن يخجل المتحدث الذي عبّر عن اعتقاد أننا نتعاون مع داعش”.
وكانت موسكو قد دعت مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لبحث الغارات الأمريكية الأخيرة على قوات الجيش السوري قرب دير الزور، وعلقت الخارجية الروسية على الأحداث بأن واشنطن بهذا التصرف تضع الاتفاقات الأخيرة على المحك، مؤكدة أن الجانب الأمريكي لم يعلن عن خططه بشن عمليات في دير الزور.
على صعيد آخر يخوض الجيش السوري معارك عنيفة قرب مطار دير الزور حيث تمكن من استعادة مواقع من تنظيم “داعش” الإرهابي خسرها إثر غارات التحالف الدولي التي قتلت عشرات الجنود السوريين.
وقال مصدر عسكري لوكالة “فرانس برس”: “تحول الجيش السوري من الدفاع إلى الهجوم” في منطقة جبل ثردة المطل على مطار دير الزور العسكري بعدما كان قد “تراجع نتيجة القصف الأمريكي”.
وأكد مصدر عسكري في مطار دير الزور أن “الجيش استعاد معظم النقاط التي تسلل إليها داعش في جبل ثردة بغطاء جوي كثيف من الطائرات الروسية والسورية”، التي استهدفت مواقع للتنظيم داخل مدينة دير الزور وفي محيط المطار وعلى طريق دير الزور – الميادين جنوبا.
وكان تنظيم “داعش” شن إثر ضربات التحالف الدولي مساء أمس الأول، هجوما ضد مواقع الجيش السوري مكنته من السيطرة على جبل ثردة، وأسفرت الاشتباكات والقصف الجوي، وفق نشطاء، عن مقتل أكثر من 30 عنصرا من تنظيم “داعش”.
وأفادت وكالة “سانا” السورية بتدمير عدد من التحصينات والعربات المدرعة لتنظيم “داعش” والقضاء على العشرات من أفراده بضربات جوية مركزة للطيران الحربي في محيط جبل الثردة بدير الزور.