مجازر العدوان بصعدة.. حكايات لا تنتهي ..
عبدالغني العزي
لم يكن في مخيلة الحاج صالح أبو زينة أن أسرته ومنزله ومواشيه ستكون ضمن بنك أهداف العدوان السعودي على اليمن …
صالح أبو زينة، ذلك المواطن المدني البسيط الذي لا علاقة له بمجريات الأحداث لا من قريب ولا من بعيد بقدر علاقته بأرضه الزراعية وثمارها الدانية…
صالح أبو زينة، عاد إلى بيته بعد يوم عمل بين مزارعه قاصداً الاستراحة وتجديد نشاطه لليوم التالي بصحبة أبنائه ونسائه في غمرة من الفرحة لما تم إنجازه من الأعمال في ذلك اليوم من جني للثمار وحرث للأرض ورعي للمواشي والأغنام ..
استراح الحاج صالح بعد أداء صلاتي المغرب والعشاء وتناول وجبة العشاء ذات النكهة الريفية هو وعائلته وسط ذلك المنزل الطيني المتواضع والشاسع والتفض الجمع باتجاه غرف النوم كعادتهم حرصا منهم على أخذ القصد الكافي من النوم واستعدادا منهم لليقظة المبكرة لإنجاز ما تبقى لهم من أعمال في مزارعهم التي لا تبعد عنهم كثيرا ….
ومع مضي النصف الأول من الليل كانت تحلق في سماء محافظة صعدة العديد من طائرات العدوان السعودي باحثة لها عن فريسة تكون لها وجبة دسمة كعادتها التي اعتادتها منذ السنة والسبعة الأشهر …
جالت في تلك الليلة وصالت تلك الطائرة في سماء المحافظة وصوتها يسمع من كل الأرجاء، والمواطنون يرفعون أيديهم بالدعاء والتضرع إلى الله أن يجنبهم حمم وشرور هذه الطائرة التي يبدو من خلال كثافة تحليقها أنها فاقدة للقدرة على التصويب نحو أهداف غير مدنية والتي باتت المحافظة خالية من أي أهداف سوى ما تبقي من منازل ومدارس ومستشفيات ودور للعبادة والتي أصبحت جميعها ضمن بنك أهداف العدو الغاشم …
ومع هجوع الأعين أطلقت طائرات العدوان صواريخها المدمرة صوب منزل الحاج صالح أبو زينة أثناء ما كان وعائلته يحلمون بيوم جديد يتجدد فيه نشاطهم وآمالهم ويحققون فيه بنك أهدافهم المشروعة بالعيش الكريم وستر الحال ……
وفي غمضة عين صار الحاج صالح وأولاده وعائلته المكونة من أسرته وأسر أبنيه تحت الركام في نوم أبدي لا يعلم ما هي أسبابه.
أحد عشرة شخصاً معظمهم أطفال ونساء جعلتهم نيران العدوان السعودي في أعداد الشهداء والصديقين في بادرة خطيرة لم تكن الأولي ولن تكون الأخيرة للمجازر التي يرتكبها النظام السعودي في حق اليمن واليمنيين …
لقد مثلت هذه الجريمة التي ارتكبها الطيران السعودي عنوانا كبيرا لبنك أهداف العدوان والذي يوغل يوما بعد يوم في سفك دماء المدنيين اليمنيين بلا وازع ديني ولا رادع قانوني وفي تحد واضح لكل التشريعات الدولية الإنسانية والدينية …..
جريمة اهتزت لها ضمائر الإنسان اليمني بالمحافظة وخارجها ومشهد لن ولم يبرح مخيلة من شاهد تلك الجريمة وآثارها وسمع الحكايات عنها وعن الضحايا فيها والذين تفحمت أجسادهم وتغيرت ألوانهم وتناثرت أشلاءهم بدون جرم ارتكبوه ولا ذنب اقترفوه سوى أنهم من أبناء محافظة صعدة اليمنية التي عجز العدوان من النيل من كبرياء وشموخ وصمود أبنائها طيلة السنة والسبعة الأشهر الماضية …
لقد صارت مجازر العدوان السعودي في حق المدنيين عنوانا للعجز ودليلا على الخزي والعار الذي بات يشعر به تحالف العدوان بقيادة السعودية، كما أن هذه المجزرة التي تضاف إلى ما سبقها من مجازر ستحكي حكايات أسطورية وروايات لا تنتهي بانتهاء العدوان بل ستظل شعلة تؤرق مضاجع كل القتلة والعدوانيين على مر التاريخ حتى يتم الانتصار لهذه الدماء التي تراق على ضفاف حرية وكرامة وصمود الأرض اليمنية والتي لن يستطيع أحد سلب عواملها مهما بلغ من العتو والنفور.