العدوان في ذكرى البردوني
زياد السالمي
البردوني شاعر الوطن الكبير وأستاذ الشعر العمودي الفصيح تأتي ذكرى وفاته السابعة عشرة في ظل العدوان التحالفي العالمي على اليمن يحتشد الكثير من الأدباء والكتاب في هذه المناسبة – واستباقاً للفعاليات التي ستقام نجد أن الشعراء كل سيتلو بعض قصائده وما به جادت قريحته في محراب الشعر ولا ضيم حولها؛ وكذلك الكتاب والنقاد سيدلي كل بدلوه؛ إنما ما اللازم علينا في هذه الذكرى العظيمة التي تأتي وطائرات العدوان تصب قنابلها فوق يمن البردوني وتفتح صاعق الصوت دون مراعاة للأطفال والنساء والشيوخ ودون مراعاة لله وشرائعه في الإنسان – تأتي ذكرى البردوني واليمن تضرب بصواريخ محرمة – وتحاصر من البر والبحر والجو.، بل تأتي بعد استهداف ضريحه المهاب بحرمة الموت والقصيدة- فبالنسبة لأضرحة الموتى لم يستهدف العدوان الجبان غير ضريح الشهيد الثائر المفكر السيد حسين الحوثي وضريح الشاعر والمفكر عبدالله البردوني .. آثار القصف لا تزال شاهدة على ذلك.
تأتي إذن ذكرى وفاته بعد خمسمائة وتسعة عشر يوماً من العدوان؛ الذي ارتكب خلالها كل الجرائم والأساليب المحرمة في حق وطن العرب؛؛ بعد خمسمائة وتسعة عشر يوماً من انتهاك سيادة دولته؛ فماذا علينا كشعراء ومهتمين بالشأن الثقافي في إحياء ذكرى الشاعر الكبير عبدلله البردوني الذي أرخ لهذا العدوان قبل حدوثه؛ ورفضه؛ ووقف إلى جانب وطنه وقصائده تجسد ذلك على الواقع.
وفي هذه الذكرى أليس حرياً بنا الالتزام بالسير على ذات النهج طالما العدوان وأثر البردوني كفيلان بأن نجعل هذه المناسبة انتصار لليمن وإرادته الشعبية ولقضيته الكبرى في الاستقلال والسيادة واستئصال العملاء والخونة؛ وبالتالي الوقوف بحزم أمام من يسخر كتابته وابداعه بعيداً عما يحدث في وطنه حتى نلمس أن لا استثناء منا وإننا جميعاً في ذات المركب وإننا كالجسد الواحد ضد العدوان وفي مواجهته؛
كما أنه لمن دواعي السرور التحدث عن البردوني لكن من الصعب جداً أن نستطيع الايفاء بحقه البردوني كان روح الوطن جسد ذلك في كل كتاباته أعطى حاور ووجه وتألم وأحب وكان روح الوطن، ناضل وسجن ووهب وتغنى بوطنه وحلم لكن لم ينل إلا اغترابه ودليل ذلك كثير في كتاباته .. البردوني إنسان كسر كل الحواجز وقفز إلى العالمية كقفزته تلك وهو في سن الرابعة عشرة إلى المزرعة بحثاً عن زاد يسد رمقه ليواجه هذا العالم القبيح يكافئه على ما قدمه له بالنكران كحارس المزرعة آنها بالضرب أما السؤال الملح هل سنظل على ذلك النكران نتجاهل ما نحن فيه، فالبردوني أعطانا فرحتنا وحرر ألسنتنا فما نواجه من مواقف أو حدث إلا كان البردوني حاضراً عنا نستشهد بشعره ونرد بوجه ذلك بما تعلمنا في مدرسته من حكم وعبر وتضحية وشموخ. البردوني وجه الأمة الآتي من رغيف الأمهات.
البردوني يدن الموروث وصياد البرق .. جوال العصور ومملكته البساطة وحكاية الغريب في الوطن الغريب .. البردوني ضمير الإنسانية اللاذع لملل الفاشية والقصور يظل ينبض في قلوب فقهت ويحرق وجوهاً جفت البردوني هو البردوني دونة البر وتحته السماء وحبره البحر .. يمضي بنا ربما لمكانٍ نزعم أنه الوطن وهوية نزعم أنها العروبة وزمانٍ نزعم أنه الكفاح ويكشف بالأخير قصر رؤانا وعمق خطواته؛ يعري كل ذلك ويبدي رحمته.
إنه الخلد الخالد والنور الصامد في وجوة الحاملين والعصف السافخ في عيون الخونة استعينوا به في كل ظرفٍ واحذروا أن تكونوا منهم.
هذه مناسبة ليست كسابقتها من المناسبات فلتكن ميثاق شرف بما يناوئ ويوجه ويعري هذا العدوان الظالم؛ احتراماً لهويتنا اليمنية ولأنفسنا واحتراماً لتاريخ البردوني وأثره الإبداعي ونضاله الكبير في تثبيت معالم السيادة الوطنية ورفض الوصاية والتدخلات في الشأن اليمني ونبذِ كل مخلفات الوصاية من عملاء؛
يظل البردوني رمز كفاح وماهية وجود لدى كل حر ومنصف تتطلب أن نكون بمستوى مجاراته أخلاقاً وقيماً ورؤى كترسيخ الوعي ورفع حماسة الشعب في الانتماء لليمن والدفاع عن سيادتها وبقائها ومكانتها ومنح شعبها تقرير مصيره. دون الرضوخ للأطماع الآنية.
ها هو البردوني يقول لكم إنه ضد العدوان وضد استعمار بلده وضد العملاء. فماذا يا أدباء ويا كتاب اليمن ستقولون له؟.