فـتشوا عـن ألغام كيري!
* عباس غالب
من الواضح وبعد مرور أكثر من أسبوع على مبادرة جون كيري وزير الخارجية الأمريكي التي أطلقها من السعودية لاستئناف مشاورات السلام اليمنية: لا يبدوا بأي حال من الأحوال أنها قد أتت بجديد وإن كانت قد زرعت ألغاما داخل بنود المبادرة لعل في طليعتها تلك التي تتعلق بتسليم الأسلحة والجهات المسؤولة عن ذلك فضلا عن خلو المبادرة عن أي جديد يتعلق بمستجدات الأوضاع على الساحتين اليمنية والسعودية التي انتقل فيها الصمود اليمني إلى مقاومة باسلة تهدد مركز تحالف العدوان في أراضي المملكة في وقت لا تدخر مملكة الشر كل ما من شأنه إنزال الأذى بالشعب اليمني وتدمير البنية الأساسية وقتل اليمنيين دون اكتراث بعواقب هذه الجرائم النكراء .
منذ البداية بدأ التزامن بين سحب واشنطن لمستشاريها البالغ عددهم أكثر من أربعين خبيرا يعملون في إدارة العمليات العسكرية ضد اليمن من السعودية وبالتزامن مع إطلاق هذه المبادرة فإن ثمة قناعة بدأت تتضح لصانع القرار الأمريكي في أن حملة المملكة وأخواتها لضرب اليمن لم تأت بأي شيء يذكر، إذ أن المملكة خسرت أكثر مما ربحت: وبالتالي فإن هذا التوقيت يذهب لجهـة حفظ ماء وجه السعودية والتعامل مع هذه التطورات وكأن واشنطن عاصمة محايدة لا علاقة لها بما يجري من مآسٍ يندى لها جبين الإنسانية.
ورغم أن المواقف لم تتبلور تجاه هذه المبادرات حتى الآن إلا أن الأغلب أنها ستكون مترددة بعض الشء بالنظر إلى تلك الألغام وبالنظر –كذلك- إلى أن صاحب هذه المبادرة يعتبر شريكا أساسا في الحرب على اليمن غير أن تطوير المبادرة بموافقة بعض الأقطاب العالمية والقوى الاقليميه بعد تشذيبها من الألغام التي احتوتها يتيح للطرف الوطني التعاطي بايجابيه خاصة وأن الجميع يدرك أن الحرب لن تقود أي طرف من أطراف النزاع إلى الانتصار.. وبأن السلام هو الغاية التي ينشدها الطرف الوطني على -الأقل- والذي ما أنفك يعبر عن هذه القناعة في أكثر من مناسبة طيلة جولات المباحثات السابقة.
لقد جاء إعلان تشكيل المجلس السياسي الأعلى واستئناف مجلس النواب لجلساته على خلفية التظاهرة الجماهيرية الملايينية التي شهدتها العاصمة صنعاء مؤخراً.. بمثابة دق المسمار الأخير في نعش أولئك الذين أرادوا إبقاء اليمن مجرد حديقة خلفيه للمملكة، فضلا عن أن صمود اليمنيين طيلة نحو17 شهراً من العدوان الغاشم كان –ولا يزال- بمثابة اختبار حقيقي لمعدن اليمنيين الصامد والمقاوم للعدوان ضد كل أشكال وأساليب الاستكبار والعنجهية لكل من يحاول المغامرة أكثر في مخطط العدوان.
في وقت لا يتردد فيه قادة اليمن عن مد يد السلام لكل الأطراف وتحديدا مع المملكة حاملة راية العدوان الذي ينبغي التفاوض المباشر معها لحل مجمل القضايا والمعضلات التي تعيق إقامة السلام على أسس من الندية والاحترام.. وبعيدا عن النظرة الفوقية والاستعلامية التي كانت دوما تصاحب الأسرة السعودية المالكة في تعاملها مع اليمن.
وبعد.. فإنني أعتقد – بالإضافة إلى كل ذلك – أن مبادرة كيري جاءت أيضا في توقيت آخر مرتبط بأجندة جديدة ترتبط بعملية تسريع خطة تقطيع أوصال منطقه الشرق الأوسط وبحيث لم يعد ممكنا لمشيخات النفط أن يكون لها تأثير على مجريات الأمور في منطقه تلتهب بالأحداث.. فهل يعقل الخليجيون؟!.