صفقات السلاح السعودية.. مصالح مشتركة ومعاناة تتصاعد

هدير محمود
في ظل استمرار صفقات السلاح السعودية مع بعض الدول الغربية والأوروبية، وبعد قرابة عام ونصف من العدوان الغاشم على اليمن، وضرب المملكة وهذه الدول بالنداءات والمطالبات الدولية عرض الحائط، بوقف العدوان الغاشم على اليمن ووقف تصدير الأسلحة إلى الرياض، تخرج المزيد من التقارير والمطالبات الدولية؛ لتكشف حقيقة هذا العدوان، وسعي هذه الدول نحو مصالحها أيًّا كان الثمن.
وطالبت منظمة مراقبة بيع الأسلحة، الاثنين، الدول الكبرى المصدرة للأسلحة، ومن بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بوقف مبيعاتها من الأسلحة إلى السعودية؛ بسبب عملياتها في اليمن، وجاءت دعوة المنظمة خلال مؤتمر هو الثاني الذي تعقده منظمة التجارة العالمية في جنيف بشأن معاهدة تجارة الأسلحة التي بدأت العمل على تنفيذها في 2014م، وتشتمل على قوانين تحكم سوق الأسلحة الدولية، وتطلب المعاهدة من الدول وقف أية صفقات أسلحة إذا أقرت في وقت بيعها أنها ستستخدم ضد مدنيين.
وقالت مديرة منظمة مراقبة بيع الأسلحة، أنا ماكدونالد، إن هذه الدول الكبرى، باستمرارها في بيع الأسلحة للسعودية، رغم توقيعها على المعاهدة، تمارس أسوأ أشكال النفاق. ولفتت إلى أن معاهدة تجارة الأسلحة سارية منذ عامين ونصف، ولكن بعض الدول الأطراف فيها تنتهكها دون محاسبة، وتابعت: في كل يوم نرى التأثير المدمر لبيع الأسلحة والذخيرة لاستخدامها ضد المدنيين في اليمن. واتهمت المنظمة هذه الدول بانتهاك القانون الدولي بشكل سافر، من خلال استمرارها في بيع أسلحة قاتلة بمليارات الدولارات للسعودية.
في ذات الإطار أظهرت المنظمة أن فرنسا صدقت على صفقة مبيعات أسلحة للسعودية بقيمة 18 مليار دولار. أما الولايات المتحدة فوافقت على صفقات بيع أسلحة للرياض بقيمة 5,9 مليار دولار في 2015م، بينما بلغت مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية 4 مليارات دولار.
جاءت مطالبة منظمة مراقبة بيع الأسلحة بعد أيام من خروج تقرير سنوي لشركة “IHS INC” الاستشارية، يظهر احتلال السعودية المرتبة الأولى عالميًّا في شراء السلاح للعام الماضي 2015م، حيث يؤكد التقرير أن مشتريات المملكة السعودية من السلاح قفزت بنسبة 50%؛ لتصل إلى 9.3 مليار دولار. ويشير التقرير إلى أن سوق السلاح العالمي ارتفع في 2015م ليصل إلى 65 مليار دولار، بزيادة قدرها 6.6 مليار دولار عن 2014م. كما أظهر التقرير احتلال أمريكا المرتبة الأولى كأكبر مصدر للسلاح، حيث باعت في 2015م أسلحة بقيمة 23 مليار دولار، منها أسلحة بقيمة 8.8 مليار دولار ذهبت للشرق الأوسط.
بعيدًا عن الإدانات والانتقادات الكثيرة الموجهة للتحالف السعودي وهجماته وغاراته الوحشية في اليمن، وبعيدًا عن مطالبات المنظمات الدولية والحقوقية بوقف هذا العدوان فورًا والتحقيق في بعض المذابح التي وقعت خلال عامي العدوان، يبقى السؤال الأكثر جدية وطرحًا على الساحة الآن: هل إدانة منظمة مراقبة بيع السلحة ومطالبتها للدول الكبري بوقف بيع السلاح للمملكة سيضيف جديدًا إلى العدوان السعودي على اليمن، أم أنه سيوضع بجانب الإدانات السابقة؛ لتستمر السعودية في طريقها غير مبالية أو مكترثة بهذه النداءات والدعوات والإدانات؟
إجابة هذا السؤال لا تحتاج إلى أيام لتتضح، فمن المؤكد أن الدول الكبري المقصودة بنداء منظمة مراقبة بيع الأسلحة لن تمتثل لمطالبات المنظمة، فهذه الدول تبحث عن مصالحها المتمثلة في عقد صفقات بيع الأسلحة وكسب المليارات من ورائها، التي تعتبر مصدرًا هامًّا لهذه الدول، بغض النظر عن أي عواقب لهذه الصفقات. وهذه الإجابة تأتي بناءً على مواقف سابقة لم تمتثل فيها السعودية إلى نداءات ومطالبات الجمعيات والمنظمات والهيئات الأممية والحقوقية والبرلمانية والإنسانية بوقف هجماتها على اليمن، فقد واجهت السعودية انتقادات شديدة بسبب هجماتها في اليمن، وجاء أبرزها تصويت نواب البرلمان الأوروبي بأغلبية 449 صوتًا لصالح فرض حظر أوروبي على تصدير السلاح للسعودية، وهو ما لم تلتزم به أي من الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، إلى جانب العديد من الإدانات التي وجهتها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمة أطباء بلا حدود لغارات التحالف السعودي على اليمن.
* نقلاً عن “البديل المصرية”

قد يعجبك ايضا