من سرية حزام إلى تحالف الحزم (4)
اليمن وآل سعود
عباس الديلمي
من الاعتداءات السعودية على جارها اليمن في القرن العشرين الميلادي حرب أو عدوان سبع سنوات(1962-1970م) التي تحضر اليوم وقائعها إلى الأذهان نتيجة لما حشدت لها مملكة بني سعود من تحالف دول امبريالية ورجعية، ومرتزقة أجانب كتب معظمهم يوميات مشاركته في تلك الحرب العدوانية .
فما إن قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م جن جنون السعودية خاصة بعد انزعاجها من وقوف الرئيس جمال عبدالناصر والمعسكر الاشتراكي إلى جانب هذه الثورة ومساندتها ودعم مقاومة تحرير جنوب اليمن من الاحتلال البريطاني.
لقد كانت حرباً ضروساً خلفت عشرات الألوف من الضحايا واستخدم بنو سعود كل إمكانيات مملكتهم النفطية في عدوانهم على اليمن عدا استخدام القوات الجوية .. وكما يتذرع اليوم بنو سعود في عدوانهم الحالي ، بطلب ما تسمى بالشرعية أو شرعية الرئيس الفار وإعادتها إلى السلطة ومحاربة انقلاب سبتمبر والتصدي لإيران والمجوسية في اليمن،فقد تذرعوا بالأمس بطلب ما أسموها بشرعية الحكم في اليمن وشرعية الملك الفار اليهم والقضاء على انقلاب سبتمبر والتصدي للسوفيات والشيوعية و عبدالناصر والناصرية في اليمن.
إن التاريخ هنا لا يعيد نفسه، ولكنه يكشف أن عداء بني سعود لليمن وحقدهم عليه هو، وعما قريب سيتخلون عما يسمونه بالشرعية الفارة في فنادقهم، كما تخلوا عن الشرعية التي لم تفر إلى فنادقهم، بل إلى الكهوف والجبال وقادت معاركا أوصلتها إلى بعض أحياء العاصمة كبيت بوس وقرية حدة وسناع والنهدين، وهزمت هناك على يد الجيش والمقاومة التي رفعت شعار (الجمهورية أو الموت) أو من طلبوا الموت وكانت لهم الحياة والجمهورية.
لقد خاض اليمانيون حينها حرباً غير هينة، بل كان لها أثرها حتى على النظام السعودي الذي شهد انقلاب ولي العهد فيصل(المتشدد) على أخيه الملك سعود الحذر من التورط في اليمن عملا بنصيحة والده.. خاصة بعد اندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963م وفشل محاربتهم لها بالاعتماد على المرتزقة من السلاطين والأمراء الفارين من وهج الثورة إلى الرياض.
يعرف الجميع أن بني سعود لا يريدون ولا يقبلون بثلاثة أشياء رئيسة هي:
لا يريدون يمنا موحدا قويا، ولا ممتلكا لسيادة قراره، ولا معتمدا على موارده الذاتية، ولهذا فقد كان لثورة 14 أكتوبر والشطر الجنوبي من اليمن نصيبهما من الأذى والعدوان الذي تعرضت ثورة 26 سبتمبر وشطر اليمن الشمالي، ومن الشواهد على ذلك أنه وبمجرد إعلان بريطانيا عن اقتراب انسحابها من جنوب اليمن حزم الملك السعودي فيصل حقائبه إلى بريطانيا ليطلب منها- شخصيا- أمرين رئيسيين أولهما أن يتم الإبقاء على ما أسمته اتحاد الجنوب العربي بدعمها لسلطنات ذلك المشروع الاستعماري وثانيهما أن تبقى على قاعدة عسكرية وقوات بريطانية في السلطنات المجاورة لمملكته.. إلا أن هذا المشروع فشل تحت ضربات ثوار الجبهة القومية.
الشاهد الثاني هو أنه وبعد مرور قرابة العام والنصف على خروج المستعمر البريطاني في 30 نوفمبر 1967م شنت مملكة بني سعود حربا عدوانية على حدود (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) في أوائل عام 1969م لتثبت احتلالها لمنطقتين إلى يومنا هذا.
وقد تعرض جنوب الوطن وثورة أكتوبر للكثير من المؤامرات والاعتداءات، التي أخذت أكثر من طابع احتضان العناصر المعادية للثورة وتشكيل جماعات وألوية عسكرية منهم لمحاربتها وشاغلتها الحدودية، واستغلال العناصر الموالية العسكرية منهم لمحاربتها ومشاغلتها الحدودية ، واستغلال العناصر الموالية للنظام السعودي والتي اعتنقت المذهب الوهابي، في شمال اليمن لتفجير حربين بين شمال اليمن وجنوبه .. بهدف إضعاف الطرفين وزرع الشقاق والاختلافات بينهما لصالح من لا يريد يمنا قويا ولا موحدا ولا معتمدا على قدرته ولا يمتلك سيادة واستقلال قراره.