مفاوضات الكويت والسلام في اليمن
عبدالعزيز الحزي
مع العودة إلى المشاورات بين ممثلي أطراف الصراع ( الوفد الوطني ووفد الرياض) واستئنافها في الكويت في الموعد المقرر يبدو أن هذه المشاورات في النهاية لن تسفر عن أي اتفاقٍ لإنهاء النزاع، وترجيح كفة الحل العسكري رغم ثبوت فشله في تعديل موازين القوة على الأرض أو تحسين شروط التفاوض لصالح أي طرف.
محصلة مفاوضات الكويت
محصلة هذه المشاورات منذ بدايتها في ابريل الماضي مع الوسيط الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لم يتحقق خلالها شيء يذكر أو أي “منجز” يستطيع المتابع أن يتفاءل بقرب التوصل إلى حل يخرج البلاد من أزمة طالت واستفحلت حلقتها بفعل تدخلات دولية وإقليمية، لكن الأغرب في نظر البعض هو ظهور ولد الشيخ في بعض المؤتمرات الصحفية وكأنه يتحدث عن أزمة مختلفة في مكان آخر من العالم.
وفد الرياض يرفض وبصورة مستمرة تسوية القضايا الرئيسية المحددة في جدول أعمال المفاوضات والإطار العام لها، ومناقشة أي أفكار أو مقترحات بهذا الصدد ويستند في ذلك إلى ما يسميه المرجعيات وهو بذلك يستميت في محاولته الإبقاء على “شرعية” الرئيس الفار هادي خارج أي نقاش لإمكانات الحل السياسي للنزاع قبل تسليم السلاح والانسحاب من المدن والمؤسسات.
ويصر الطرف الوطني على أنه لا حل سياسي للصراع إلاّ من خلال اتفاق على “سلطة توافقية” تشرف على إتمام تلك الترتيبات العسكرية والأمنية، شريطة ألاَ يكون لهادي ونائبه دور رئيسي أو مستقبلي فيها .كما أن الوفد الوطني يرفض نقل مقر لجنة التهدئة والتواصل إلى السعودية.
آخر مسمار في نعش المفاوضات
المبعوث الأممي ولد الشيخ عجز خلال مشاروات الكويت بين أطراف الصراع عن تقديم تصور لخارطة طريق مستقلة متقاربة تؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأهيل الخدمات العامة وإنقاذ الاقتصاد الوطني وإكمال المرحلة بما يفضي إلى انتخابات تشريعية ورئاسية. كما أن إصرار ولد الشيخ على تبني أجندة خارجية في إدارة المفاوضات هي علامة على أن الأمم المتحدة تسير وفق سياسات دولية واقليمية مرسومة مسبقا لا تحتمل المساومة ولا تنظر إلى مصلحة اليمن والمنطقة بعين اعتبار .
لم تكن لدى ولد الشيخ خطة بديلة للحل يستطيع أن يخترق بها الجمود الحاصل بين طرفي المشاورات بما يفضي إلى حل يرضي جميع الأطراف الداخلة في الصراع والحصول على ضمانات من عواصم القرار لدعم الخطة في حال إعلانها.
إصرار وفد الرياض على أجندة مرسومة مسبقا تتمثل في تسليم السلاح لطرف الرياض اعتباطا وشرعية هادي ونقل المفاوضات إلى السعودية يعد مجرد محاولة مستميتة لهذا الطرف لإخراج نظام آل سعود من المسؤولية عن العدوان على اليمن وهذا مؤشر خطير في دق آخر مسمار في نعش مفاوضات الكويت، لأن هذا الطرف يعلم مسبقا أن الوفد الوطني يرفض هذه الشروط وسيرفضها بشكل دائم لأنها ليست حلولاً جدية تخرج اليمن إلى بر الأمان وإنما هي مجرد حلول تزيد الوضع أكثر تعقيدا وليست في صالح البلاد.
السلام في اليمن
يدرك الجميع أنه لا مناص من سلام شامل (من خلال التفاوض) بعيدا عن الحل العسكري الذي لم يفلح أي من أطراف الصراع في اليمن من حسمه لصالحه أو أن يحقق على الأرض شيء يعزز مكاسبه في جلسات الحوار في قصر بيان الأميري في الكويت.
ومن المفترض أن يكون أطراف الصراع قد خلصوا من خلال مفاوضات جنيف1 وجنيف2 ومفاوضات الكويت التي قاربت الثلاثة أشهر تقريبا إلى حقيقة مفادها أن اتفاق السلام في اليمن يتأتى بالشيء المعقول لا بالمستحيل وبما يحقق السلام في البلاد فعليا ويزيل تعقيدات المشهد السياسي في اليمن ويرضي جميع الأطراف وهو ما يعني أن لا يرجع أي طرف من أطراف مفاوضات الكويت خالي الوفاض من أي مكسب يذكر، بمعنى آخر أن يحقق الاتفاق لشراكة حقيقية في البلاد تزيل شبح الحرب والاحتراب ويبني لمستقبل مشرق .