لماذا لم تسقط الأنظمة الخليجية حتى الآن؟!
د. صادق القاضي.
في العادة ينفتح الحديث عن مستقبل النظام السعودي خصوصا، والأنظمة الخليجية عموما، بالسقوط الوشيك لهذه الأنظمة، وفي الواقع كان استمرار هذه الأنظمة حتى الآن محلا لكثير من علامات التعجب والاستفهام، حول أسباب وعوامل هذه الظاهرة التي جرى التعامل معها باعتبارها متنافية مع المنطق!.
قبل أربعة عقود، من الآن ، عالج مبكرا «فرد هاليداي، في كتابه:(الجزيرة العربية بلا سلاطين)، هذه القضية التي طرحها بتنبؤاتها وتساؤلاتها، ومن قبل وبعد هاليداي من الصعب إحصاء المقاربات والتناولات العربية والغربية التي تعرضت لهذه القضية، وأيا كان الأمر، فقد كان السؤال: ما سر بقاء الأنظمة الخليجية واستمرارها، حتى الآن؟! هو السؤال المحوري الأكثر إلحاحا، في عدد كبير منها، وتلخصت الإجابة عنه في عوامل وأسباب داخلية وخارجية، ومن أهمها:
-الولاء التقليدي في المجتمع التقليدي للسلطات التقليدية.
-سلبية المجتمعات الخليجية نفسها تجاه السياسة والدولة.
-اعتبار الرفاه المعيشي مقابل الحقوق السياسية.
-نجاح الدولة في التمظهر بتجليات تلبي قيم القبيلة والدين.
– احتكار الأسر الحاكمة للمسئوليات والمناصب القيادية.
– تكوين نخب قبلية و دينية وثقافية تتبع الأنظمة.
على الصعيد الخارجي، تتلخص أهم العوامل في التالي:
-العلاقات الاستراتيجية مع الدول الغربية باعتبارها أكبر المصادر العالمية لتوفير الطاقة للغرب.
– الاستثمارات المالية الاستراتيجية في الدول الغربية.
بيد أن هذه العوامل مجتمعة ومتفرقة تبدو هشة أمام تهديدات بمتغيرات عميقة وجذرية في المجتمعات الخليجية نفسها، وأمام رياح تغيير عربية ودولية عاصفة، تواجه هذه الأنظمة بتحديات مطردة على كل الجوانب والمستويات.
ارتفاع نسبة الشباب والبطالة ومحدودية التوظيف ورداءة إدارة الثروة وانعدام الشفافية، والتمييز العنصري ضد المرأة والأقليات، والقمع السياسي، وتنامي قوى المعارضة، وقوى التحديث المواكبة لثورة المعلومات، وعجز الاقتصادات الريعية عن مواجهة مستجدات السوق، كمواجهة انخفاض أسعار النفط، وبالتالي عجزها عن الإيفاء بالتزاماتها الداخلية.. كلها أسباب داخلية، اجتماعية وسياسية واقتصادية .. تهدد بتقويض الأنظمة الخليجية من أساساتها.
في كل حال، فإن الرؤى والتنبؤات المستقبلية المعاصرة ليست كرات بلورية(سحرية) تتنبأ بالمستقبل، بيقينية حتمية، حسب عبارة «د.كريستوفر. م ديفتسون»، الخبير بالشئون الخليجية، والذي تناول مؤخرا في كتابه «ما بعد الشيوخ»» الانهيار المقبل للممالك الخليجية»، هذه القضية بشكل أكثر تعمقا للحيثيات واتكاء على النزعة الإحصائية، مستنتجا « إنه لا يمكن(للأنظمة الخليجية)المحافظة على هذا التماسك الملكي الدقيق لوقت طويل. إن الضغوط الداخلية الشديدة تتزايد وستصل حد الانفجار». متنبئا بـ»الزوال» الوشيك للأنظمة الخليجية، في فترة لا تتجاوز هذا العقد.