الزكاة كأداة لمحاربة الفقر والبطالة

أحمد ماجد الجمال

إن الإنسان بقطرته يحب العمل والإنتاج الذي يوفر دخلا ماديا له ليحقق عيشة مناسبة في هذه الحياة، من الطبيعي أن من مسؤوليات الدولة الرئيسية تحقيق هذه الفطرة الإنسانية بإيجاد فرص عمل لأفراد المجتمع (ذكورا وإناثا) يستطيعون من خلالها توفير مورد مالي لمعيشة أسرهم ، وفي نفس الوقت يساهمون كسواعد منتجة ومخلصة تشارك في التنمية.
إننا نشاهد حاليا بروز ظاهرة البطالة وبصورة سريعة، وهذا يعني أن إستراتيجية القضاء على البطالة لم توفق في وضع الحلول الفاعلة وطويلة الأمد لعلاج تلك المشكلة وبالاستفادة الحقيقية من الطاقة البشرية.
إن حلول الفقر الداعية إلى المساعدات المالية فقط ليست الطريق الأمثل بل الحاجة إلى الدعم الذي ينتج عنه تنمية مجتمعية واقتصادية بين الفقراء والمساكين وفي الوقت نفسه الحرص على استمرارية تحقيق دخل.
فالفقر والبطالة وتوظيف الموارد البشرية من ابرز المشكلات التي تواجه الأسر والمجتمعات والدول، ونتيجة لذلك تضع الدول خططا تنموية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لمكافحة الفقر والبطالة، وأحيانا قد لا تنجح هذه الخطط في تحقيق أهدافها لكن عند النظر إلى التاريخ الاقتصادي للتعامل مع الفقر والبطالة تبرز تجربة الزكاة والوقف لتكون معلما بارزا في القضاء على هاتين المشكلتين لأنهما يعززان مفهوم التكافل المجتمعي، لذا فالتوعية بفريضة الزكاة وتفعيل دورها الاستثماري في تنمية المجتمع ، ومحاربة الفقر يجب أن يرافقه تحديث وتطوير البيانات والمعلومات عن الزكاة الذي سيظهر إلى أي مدى يكون أثرها في توزيع الدخل والثروة ومحاربة البطالة، كما أن لها تأثيراً دائماً نحو الحد من الركود الاقتصادي وتشغيل رأس المال واستثماره، ومن المفترض أن تساهم في جميع مجالات الفقر بدعم المشاريع الصغيرة والتعليم والصحة وتوفير التجهيزات الزراعية والحيوانية والسمكية وغيرها، ودعم الإغاثة في ظروف الحرب والكوارث الطبيعية وعليه تعد الزكاة وسيلة فعالة للقضاء على الفقر والبطالة حيث يتكرر دفعها كل عام لمن يستحقها ولها أثرها المهم في علاج الانكماش الاقتصادي، وقد أثبتت التجارب أن أنجح أساليب معالجة البطالة والفقر هو تأهيل العاطلين عن العمل بتمكينهم من القيام بمشاريعهم الصغيرة، وهذا دافع للفرد للعمل إلى جانب تسديد حاجته لييسر له الحياة الكريمة ويجعله في وضع معيشي أفضل كما أن للزكاة تأثيراً على الاستهلاك ومنع الزكاة يؤدي إلى خلق مشكلات اقتصادية واجتماعية في المجتمع مثل التسول وغيره.. وللوصول إلى النموذج المنشود من تطبيق نظام الزكاة لابد من أن يسبقه تطوير منظومة الإدارة الزكوية وكادرها البشري وتأهيل الفقراء للمساهمة في العملية الإنتاجية لصالح استقرار المجتمع ونموه، لأن بعض المشاريع تتطلب تمويلا مما يلزم البحث عن مصادر تمويل جديدة لتحريك الأسواق ومعالجة الركود الاقتصادي وزيادة الاستثمار في الاقتصاد بدلاً من تراكم الثروات في نطاق ضيق، وهذا ما سوف يحقق التوازن الاجتماعي ويساعد على تدني المشاكل الاجتماعية بدرجات ملحوظة فكلما ارتفع مستوى التنفيذ العميق للزكاة انعكس أثره الايجابي المباشر وغير المباشر، لأن أكثر هذه المشاكل بسبب الحاجة والفقر والبطالة.
أخيراً.. فالزكاة تعد من أفضل الطرق التي تحول المجتمع من خامل إلى مجتمع منتج اقتصادياً وخال من البطالة والفقر كونها ضد الاكتناز وحبس الأموال التي تسبب الركود الاقتصادي وهذا هو أهم أهداف الاقتصاد، لذا فإن أدوات الزكاة إذا استخدمت بفاعلية أكبر ” طرديا” سوف تكون أداة فعالة لان الاهتمام كان في السابق ينحصر في إجمالي الناتج المحلي وحده على أساس أن هذا الاهتمام سيحل مشكلة الفقر، أما الآن فيجب أن تنعكس المعادلة، ” أن نهتم بالفقر وهذا الاهتمام كفيل بحل مشكلة إجمالي الناتج المحلي”.
باحث بوزارة المالية

قد يعجبك ايضا