العلامة/ فؤاد ناجي: أجمل أيام الإنسان هي أولى محطات حياته

التقاه/ عبدالله أحمد الكبسي
يهل علينا شهر رمضان شهر القرآن شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، ويمننا الحبيب يمر بأخطر منعطف في تاريخه المعاصر، حيث يواجه تحالفاً عدوانياً بربرياً سافراً ،عدواناً تجرد من أبسط القيم والأخلاق الدينية والإنسانية مسنوداً من دول قوى الاستكبار والطغيان العالمي، ممثلاً بسياسة الهيمنة الأمريكية وهيمنة إقليمية ممثلة بالنظام السعودي والكيان الصهيوني.
هذا العدوان الهمجي قوبل بصمود وتحد يماني أسطوري أذهل العالم ببذله وتضحياته.
وبعد أكثر من عام وأربعة أشهر على هذا العدوان يهل علينا هذا الشهر الكريم وشعبنا وجيشنا ولجاننا الشعبية أشد صلابة وعزيمة وشكيمة وإصراراً لتمريغ أنف هذا العدوان في وحل لعنات التاريخ.
وفي هذا الشهر الكريم ارتأت “الثورة” أن تستضيف على صفحاتها يومياً علماً من أعلام اليمن تحت عنوان “ضيف رمضان” ليتحدثوا عن ما تختزنه ذاكرته من ذكريات عن رمضان وحلقات العلم والتدريس والجامع الكبير وغيره من جوامع اليمن يمن الإيمان والحكمة. حيث نستضيف اليوم فضيلة العلامة/ فؤاد ناجي – نائب وزير الأوقاف عضو رابطة علماء اليمن- فإلى نص هذا اللقاء:

* بداية هل لكم أن تحدثونا عن بدايتكم في طلب العلم، وعلى يد من من العلماء؟
– بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الأخيار المنتجين، شهر مبارك وكل عام والجميع بخير وعافية.
بداية الإلتحاق بطلب العلم كان في عام 1416هـ الموافق 1996م وذلك على يد مجموعة من المدرسين الذين وفدوا من الجامع الكبير في صنعاء للتدريس في مسقط رأسي قريتنا عافش ببلاد الروس، وبعد ذلك التحقنا بدورة صيفية ومن ثم التحقنا للدراسة بالجامع الكبير بصنعاء لمدةعشرين عاماً، أكملنا معها دراستنا الثانوية والجامعية إلى جانب العلوم الدينية التي تلقيناها على يد مجموعة من العلماء الأفاضل.
* أبرز هؤلاء العلماء الذين تتلمذت على أيديهم؟
– لعل من أبرزهم السيد العلامة علي ابن أحمد الشامي، رحمه الله، والسيد العلامة محمد أحمد الكبسي والعلامة عبدالكريم اللاحجي والعلامة أحمد لطف الديلمي والعلامة عبدالله الراعي والعلامة إسماعيل ابن حسين الكبسي، ولا ننسى العلامة حمود بن عباس المؤيد، حيث درسنا لديه في جامع النهرين، والعلامة حمود حواة والعلامة محمد الجرافي والعلامة محمد إسماعيل العمراني ، وكذا حضرنا دروساً لدى أحواننا الشافعية في تريم حضرموت ومدينة تعز لدى الكثير من العلماء الأفاضل، وأخذنا العديد من الدورات التخصصية كالتنمية البشرية وغيرها.
للجامع الكبير خاصية فريدة
* لاشك أن في مرفأ ذاكرتكم ذكريات ومواقف لا تُنسى خصوصاً في مثل هذا الشهر الكريم شهر رمضان سواء مع بعض العلماء أو المقرئين وغير ذلك من الذكريات؟
– لعل من أجمل أيام الإنسان هي تلك الأيام التي قضاها في رياض الجنة، متنقلاً بين مجالس الذكر وحلقات العلم فتلك الأيام رغم ماكنا نعاني فيها ضغوط ومضايقات وجهود مضنية في تحصيل العلم على ما فيها من شظف العيش إلا أنها تظل من أجمل أيام الإنسان هي أول محطات حياته وأفضل محطات حياته، لأنها أيام طهارة ونقاء وخصوصاً في شهر رمضان المبارك في الجامع الكبير في صنعاء، حيث للصيام فيه نكهة أخرى ومذاق مختلف، ففي الجامع الكبير يأتي مشايخ القرآن كالشيخ الحافظ محمد حسين عامر –رحمه الله- وغيره من مشايخ القرآن ويزدحم الصائمون على الجامع الكبير في رمضان حتى يخيل للمرء وكأنه في أحد الحرمين الشريفين حيث تجد الصائمون هنالك ما بين قائم وقارئ للقرآن وجالس في حلقات العلم في صورة فريدة من نوعها.
* كيف تقرأون قيم التآلف والترابط الاجتماعي بين الأمس واليوم؟
– لقد رسم اليمانيون صورة للتكافل والتراحم والتعاطف والمواساة صورة قل نظيرها في العالم، فهذا العدوان على شراسته والحصار على إطباقه لم يكن لليمنيين أن يصمدوا على طول أمده وشدته لولا رعاية الله وعنايته وتعاطف اليمنيين وتكافلهم في ظل غياب تام للمنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية التي طالما ذرفت دموعهاعلى حال المسلمين في كوسوفو والشيشان وأفريقيا وسوريا ولم نر لها موقفاً تجاه ما يعانيه أبناء جلدتهم ودينهم ووطنهم وشعبهم الذين تبرعوا في السابق لهذه الجمعيات الخيرية على حسب زعمها أنها للمنكوبين في العالم الإسلامي في فضيحة لا يمكن أن يسترها ساتر، فالتكافل بين أبناء الشعب اليمني ظهر جلياً لم نر نازحاً إلى خارج اليمن بل نزح اليمنيون إلى بعضهم البعض وكفل بعضهم البعض وفدا بعضهم البعض، وأعطى بعضهم البعض، فتحول الشعب اليمني كله إلى جمعية خيرية لليمنيين كل اليمنيين مقرها بيوتهم وأعضاؤها هم أعضاء هذا الشعب لا فرق بين يمني ويمني.
* حدثوناعن الأجواء الإيمانية والروحانية خصوصاً في رمضان كيف كانت؟
– لاشك أن الشعب اليمني وهو المشهود له بالإيمان ومن أكثر الشعوب تديناً إن لم يكن أكثرها على الإطلاق، وهو اليوم أكثر روحانية وإيماناً وهو يتعرض لهذا العدوان الذي يستوجب منه أن يكون أكثر رجوعاً إلى الله وتضرعاً إليه.
* الزكاة علاوة على كونها أحد أبرز أركان الإسلام فهي تعتبر أحد أبرز المداميك التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي، فكيف تؤكدون على أهميتها في مثل هذه الظروف الراهنة؟
– في شهر رمضان يقيم المسلم أركان الإسلام كلها ماعدا الحج ونحن في ظل هذا العدوان والحصار المطبق ينبغي أن نكون أكثر حرصاً على إخراج زكاة أموالنا للدولة التي تقدم المرتبات للموظفين مع شحة الموارد وانقطاع الكثير منها، ولمساعدة المتضررين من العدوان من النازحين والجرحى وأسر الشهداء وللمجاهدين من الجيش واللجان الشعبية، وبالتالي فمن وجبت عليه الزكاة ممن يمتلك النصاب ولم يخرجها في هذا الشهر الكريم وفي ظرف، اليمنيون فيه في أمس الحاجة لمساعدة بعضهم البعض، فهو بلاشك من الأشقياء المحرومين ولن تقبل منه صلاة أو صياماً إلا بأداء زكاته، فعلى الأغنياء أن يخرجوا من رؤوس أموالهم فضلاً عن الزكاة فالرحمة لا تنزع إلا من شقي، وما كان الجوع والعطش في رمضان إلا ليتذكر الصائمون وخصوصاً الموسرين منهم حاجة المحتاجين وبؤس البائسين ومعاناة المعانين، فما بالك ونحن في ظل هذا العدوان البربري الغاشم.

قد يعجبك ايضا