إعداد/ عبدالصمد الخولاني
تناول العلماء هذا الموضوع تحت مسميات عدة، منها: مناصرة الكفار على المسلمين، أو مظاهرة الكفار ومعاونتهم على المسلمين، أو موالاة الكفار، وقد يذكرون لفظ الحلف مع لفظ المظاهرة والمعاونة… إلخ، وهذه المسميات أغلبها في كتب التفسير والعقيدة.
ومنها –أيضاً- الاستعانة بأهل الشرك على أهل الإسلام، والاستعانة بالمشركين على البغاة، ونحو ذلك، وهذه أغلبها في كتب الفقه وشروح الحديث.
الصورة الأولى: أن تكون القيادة للكافرين، والراية الظاهرة لهم، مثل أن ينضم المسلم إلى الكفار، وينصرهم ويظاهرهم ويعينهم على المسلمين، ويذب عنهم بالمال والسلاح والرجال.
الصورة الثانية: أن تكون القيادة للمسلمين والراية الظاهرة لهم، وذلك بأن يكون التحالف أو التناصر بين المسلمين والكفار، ويستعان بالكفار على قتال المسلمين تحت راية الإسلام بحيث يصير الكفار تابعين لأهل الإسلام مؤتمرين بأمرهم.
فهاتان الصورتان لكل منهما حكمها الخاص بها:
حكم الصورة الأولى التي تكون القيادة للكافرين والراية الظاهرة لهم: وهي الانضمام تحت لواء الكفار لحرب المسلمين، وكسر شوكتهم، واحتلال أراضيهم، كما هو الحال بما يحدث لوطننا الغالي اليمن من قبل التحالف السعوأمريكي الصهيوني، وهذا من أعظم صور الموالاة وأخطرها على الإطلاق، وهو خيانة عظمى لله ولرسوله وللمؤمنين، وهو كفر يخرج من الملة والعياذ بالله، والأدلة على ذلك كثيرة منها:
قول الحق تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين). (المائدة: 51).
حيث بين الله تعالى من فعل ذلك فهو منهم، أي من أهل دينهم وملتهم فله حكمهم.
قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: “إن الله تعالى نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله، فإنه منهم في التحزب على الله ورسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منهم بريئان.
ثم قال: يعني تعالى ذكره بقوله: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، ومن يتول اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه.
وقال ابن حزم: وصح أن قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين.
وقال الإمام الطبري: معنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين وتدلونهم على عوراتهم فإنه من يفعل ذلك (فليس من الله في شيء)، يعني بذلك فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر (إلا أن تتقوا منهم تقاة)، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافونهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل.
وقال ابن القيم: إنه سبحانه وتعالى قد حكم ولا أحسن من حكمه: انه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم.
وقد أصدرت لجنة الفتوى في الأزهر فتوى شهيرة في حكم الأحلاف العسكرية مع غير المسلمين جاء فيها: (انظر مجلة الأزهر المجلد 27 صفحة 686-682 السنة 1956م).
ولا ريب أن مظاهرة الأعداء وموالاتهم يستوي فيها إمدادهم بما يقوي جانبهم، ويثبت أقدامهم بالرأي والفكرة وبالسلاح والقوة سراً وعلانية مباشرة وغير مباشرة، وكل ذلك مما يحرم على المسلم مهما تخيل من أعذار ومبررات، ومن ذلك يعلم أن هذه الأحلاف التي تدعو إليها الدول الاستعمارية وتعمل جاهدة لعقدها بين الدول الإسلامية ابتغاء الفتنة، وتفريق الكلمة، والتمكين لها في البلاد الإسلامية، والمضي في تنفيذ سياستها حيال شعوبها لا يجوز لأي دولة إسلامية أن تستجيب لها وتشترك فيها لما في ذلك من الخطر العظيم على البلاد الإسلامية، وهي في الوقت نفسه من أقوى مظاهر الموالاة المنهي عنها شرعاً، والتي قال الله تعالى فيها: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم).
وقد أشار القرآن الكريم إلى أن موالاة الأعداء إنما تنشأ عن مرض في القول يدفع أصحابها إلى هذه الذلة التي تظهر بموالاة الأعداء، فقال تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) (المائدة: 52).
فنصت الفتوى على علاقة تلك التحالفات التي تحدث اليوم وارتباطها الوثيق بالموالاة والمظاهرة المحرمة، كما يحدث من تحالف سعوأمريكي على اليمن.