مفاوضات الكويت .. مكاسب ومغانم
عبدالعزيز الحزي
بعد نحو أسبوع من مباحثات السلام اليمنية في الكويت التي بدأت الخميس لا تزال هذه المباحثات تراوح مكانها ،تدور حول دائرة مفرغة بين الوفد الوطني ووفد الرياض ولم يحدث أي تقدم على مسار المفاوضات التي تهدف إلى إنهاء العدوان السعودي والشروع في تسوية سياسية حقيقية للأزمة اليمنية.
فإصرار المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد على فرض جدول أعمال المباحثات بما يتماشى مع أجندة الرياض وعجزه على احتواء الوضع وخلق التوازن بين أطراف المباحثات تسبب في تأزيم الوضع خلال المشاورات.
أما وفد الرياض، فقد أظهر بوضوح ممانعته لأي حوار جدي يخرج البلاد فعليا من حرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس وإصراره على فرض أجندة خارجية هدفها تحقيق مكاسب سياسية على حساب شعب ووطن في ظل استمرار خروقات الهدنة والغارات الجوية للعدوان السعودي وميليشيا هادي والتي شملت قصف المدن واستمرار الحشود والتعزيزات العسكرية باتجاه محافظات الجمهورية في كل من تعز ومارب وشبوة ولحج وغيرها والمدعومة بغياب الحس الوطني لدى طرف الرياض، أيضا أسهمت بشكل سلبي في مسار المفاوضات لكنها أكسبت الوفد اليمني قوة حقيقية تخوله تخويلا كاملا في الدفاع عن الوطن وتبنيه مصلحة البلاد بخلاف ذلك الوفد الذي بدأ مرتبكا لا يحمل في جعبته شيئاً سوى تنفيذ أوامر أسياده.
كما أن إصرار وفد الرياض على البدء في المباحثات قبل الالتزام بوقف اطلاق النار في مختلف الجبهات يدل على عدم جديته في استمرار دعم التهدئة ووقف العدوان على اليمن بل السعي نحو مكاسب سياسية آنية تكون مستقبلا وبالاً عليه ، إضافة الى أن إصرار ولد الشيخ على رفض أي خطوة جدية تتجه نحو البدء في فرض أجندة مفاوضات لسلام حقيقي توقف الحرب افقدته القدرة على المرونة والتحرك والمناورة للتقريب بين وجهات نظر مختلف الأطراف .
إصرار العدو السعودي أيضا على استمرار غاراته الجوية والقصف والخروقات من قبل مرتزقته واستهدافه للطرق والجسور والمنازل كما حدث في حرض والحديدة وتعز و”فرضة نهم” -وما حدث قبلها منذ بدء المشاورات- في تعز وشبوة ومناطق أخرى يؤكد على أن العدوان السعودي لم ولن يوقف عدوانه وأن المجتمع الدولي عاجز على إلجام النظام السعودي لوقف عدوانه على اليمن أرضا وإنسانا وأن المفاوضات هي مجرد كلام وأن طرف الرياض يريد أن يحقق بها ما لم يحققه بالحرب فلن تختلف هذه الجولة عن الجولتين السابقتين المنعقدتين في سويسرا نهاية العام الماضي.
الوفد الوطني ما زال حتى هذه اللحظة يأمل في مفاوضات حقيقية تخرج البلاد الى بر الأمان رغم أن الأمور لا تسير نحو حلحلة حقيقية للازمة مع إصرار وفد الرياض على فرض اجندته والبدء في المفاوضات رغم عدم الالتزام بوقف إطلاق النار وتثبيت الهدنة.
ويجري الوفد الوطني مباحثاته في الكويت وهو يعرف سلفا انه يتفاوض مع مندوبين عن (الرياض) لا يتمتعون بصلاحيات ولا يستطيعون أن يخرجوا قيد أنملة عن أجندة رسمها لهم الخارج ودفع ثمنها ، لكن مع ذلك يتمسك الوفد الوطني بخيار السلام والعمل بجدية على وقف الأعمال القتالية ومواصلة سريان وقف اطلاق النار في اليمن ،بينما وفد الرياض يرفض وقف العدوان ويصر على ضرورة استمرار الغارات الجوية تحت أي ذريعة ويريد أن يحقق مكاسب ويفرض أجندته ويحقق بالمفاوضات ما لم يحققه بالعدوان على اليمن وانه (وفد الرياض) جاء فقط من أجل ذلك وليس مخولا حول أي قضايا أخرى.
هكذا بدأت الأمور تنجلي بوضوح أن الرياض ووفدها لم يأتوا بجدية إلى مباحثات الكويت وإنما لكسب الوقت من أجل ترتيب الوضع العسكري الميداني وسعيهم وإصرارهم على فرض أجندة الرياض مضيعة للوقت وعدم الرغبة في اقتناص الفرصة لوقف الحرب والأخذ بخيار السلام وتركيز مطالبهم حول ما يوقف العدوان على البلاد، لكن بدلا من ذلك يميلون الى خلط الأوراق، يتشدقون باسم الوطن ويتبنون مطالب الرياض التي تريد أن تحقق بالمفاوضات ما لم تحققه بالعدوان.. وما خفي كان أعظم.
