حرب صهيونية صليبية برايات إسلامية
عبدالعزيز الحزي
لم يشهد التاريخ العربي والإسلامي في كل عصوره -وحتى في عصر الانحطاط – مواقف مخزية مثل المواقف العربية الحالية لعرب الألفين تجاه اليمن والعدوان عليه وحصار شعبه برا وبحرا وجوا وذلك على نقيض الأدوار الجدّية للأمة العربية والإسلامية وشعوبها على مر العصور في رفع المعاناة والظلم والحصار وصد العدوان والأعمال الوحشية التي ترتكب من قبل أي معتدٍ ضد أي قومية أو أي شعب مضطهد ناهيك عن أبنائها.
فالصمت العربي والإسلامي المطبق والمواقف السلبية المخزية لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وللشعوب العربية إزاء ما يتعرض له اليمن من عدوان وحصار ووقوفهم مع نظام آل سعود في عدوانه على الشعب اليمني العربي المسلم وهم يرون بأم أعينهم الكم الهائل من أطنان القنابل والصواريخ وهي تلقى على رؤوس أبنائه، كل هذا يعكس حجم الهوة التي وصلت إليه الأمة وحجم الانحطاط الذي وصل إلى حد اللا معقول.
دويلات وأنظمة عمرها بعمر الزهور تقوم بتأجيج الصراعات في الدول العربية والإسلامية بهدف خلق واقع يخدم المستعمر وأبناء صهيون، فالآن أصبحت المنطقة العربية ساحة قتال بلا حدود ولا جنسية ،مقاتلون من مختلف الجنسيات يقاتلون في العالم العربي ينتمون إلى جماعات متطرفة يشنون حرباً على جميع أبناء الأمة العربية في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن وغيرها مستغلين حالة الفوضى التي أراد المستعمر الجديد أن يكون موطنها العالم العربي والإسلامي.
ليس بجديد علينا نحن العرب في التاريخ الإسلامي أن تعاني الشعوب الظلم والقهر، فما بعد عصر الخلفاء الراشدين من المغرب إلى المشرق، عصر الأمويين والعباسيين والفاطميين والمماليك والتتار( المغول) والعثمانيين وغيرهم من الدول والإمارات التي حكمت الدول العربية خلال تلك العصور مرت الأمتان العربية والإسلامية بالكثير من المآسي والأحداث المؤلمة .
لكن ما يثير الدهشة والاستغراب في الفترة الحالية لم يهتز ضمير العالم ولا حتى ضمير عرب اليوم لما يجري في اليمن من سحق للعدالة وإهدار للحقوق وظلم وجور وبغي وعدوان غير مبرر تقوده الدول الرجعية المارقة بمؤامرة مبرمجة ومساندة غربية صهيونية صليبية على دول عربية هي سوريا، ليبيا، العراق واليمن.
فالحرب الصليبية الصهيونية في الوطن العربي وخصوصا في اليمن يجند لها يمنيون وعرب وأجانب يرفعون رايات الإسلام مع شركات أجنبية تدير المعارك والحرب وخبراء يهود وصليبيون يخططون للاستيلاء على مقدرات البلاد وفرض الهيمنة على المنطقة وأموال عربية خليجية تحرك القتال بين أبناء الشعب الواحد وأطراف خليجية وغربية تدعم جماعات مختلفة وحركات لتتناحر فيما بينها ويستمر الصراع في اليمن ناهيك عن الإمداد بالسلاح والعتاد والعدة لتحريك الراكد.
محنة البقاء في الواقع المرير باستمرار والعدوان على الشعب اليمني المسلم بالغارات اليومية والقصف اليومي الذي يطال كل شيء ،الحجر والشجر والبشر تدمر الأخضر واليابس (مستشفيات ومدارس ومساكن وبنى تحتية) وحصار جائر على اليمن لم ولن يكون الأول والأخير على الدول العربية فقد سبقه عدوان على العراق وليبيا وسوريا، ونعتقد أن عدة دول عربية أخرى ستواجه الحصار والدمار والموت ونقص المواد الغذائية ولو بعد حين فاليمن ليست الهدف الأخير للمستعمر الجديد فحجم المؤامرة على الوطن العربي الكبير.
كنا نظن مجرد الظن لا اليقين أن تحرك الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها نظام آل سعود ضد أبناء الشعب اليمني، على مدار أكثر من عام مشاعر الأمة العربية، لكنه مجرد ظن قطعه يقين زائف بمواقف مخزية وذل وهوان وخنوع للأمة العربية التي لم تحرك أي ساكن أو حتى مجرد التعبير عن مواقف رافضة للعدوان فلم تجرؤ هذه الدول العربية ولا شعوبها على الشجب والتنديد، وكأن الأمر لا يعنيهم، أو أن الشعب اليمني ليس له مكان تحت الشمس على هذه البسيطة، وليس شعباً عربياً مسلماً تفاعل مع كل ما حدث لتلك الشعوب في أثناء مرورها ببعض الأزمات السياسية، لقد أصبحت الشعوب العربية وكأنها مخدرة لم تحرك مشاعرها صور القتل والتدمير لليمن وشعبه.
إننا نعتقد جازمين أن أبناء الشعب اليمني لم يكونوا ليقفوا هذا الموقف السلبي والصمت المهين الذي وقفته الشعوب العربية تجاه ما يتعرض له أبناء الشعب اليمني من عدوان، فهذه السلبية وهذا الذل ما هو إلا نتاج ما أراده المستعمر من فرقه لأبناء الأمة العربية تحت شعاره القديم (فرق تسد).
وفي الواقع نعتقد أن الشعوب العربية تعاني من أزمة هوية وذلك في مشهد مثير لأمة تاهت عن منزلتها ومكانتها بين الشعوب والأمم ووجودها في صحراء قاحلة أفقدها كل أثر يمكن أن يقودها إلى منزلتها ووجودها الأصلي فلم تقم الأمة بجهود مضنية للبحث عن طريق العودة ولم تعبـأ لفشلها في ذلك.