عادل بشر
ليست أفلام الاكشن والرعب وحدها من تحتوي على مشاهد عنف لا تخطر على قلب بَشر , بل إن الواقع يحوي الكثير من تلك الجرائم التي تشهدها المجتمعات ومن بينها المجتمع اليمني المحافظ..
الجريمة التي بين أيدينا لهذا الأسبوع شهدتها إحدى المحافظات وسنقوم بعرض موجز لتفاصيلها عسى من يعتبر.. فإلى التفاصيل:
قبل سنوات عديده احتفل اكرم ونبيلة بزفافهما وسط فرحة الأهل والأصدقاء وكان حفل الزفاف بسيطاً جدا نتيجة للحالة المادية الضعيفة التي يعيشها الزوج..
لم يكن اكرم يحمل أي مؤهل دراسي قد يستطيع من خلاله أن يجد عملا جيدا في أي مؤسسة واقتصرت معيشته على العمل بالأجر اليومي واعتمد في ذلك على قوة جسده وبنيته التي تحتمل الشقاء..فكان كل يوم الصباح يخرج من المنزل ويلف الشوارع بحثا عن أي عمل .. المهم أن يكسب من وراه ما يستطيع به أن يوفر ابسط متطلبات المعيشة له ولزوجته والأطفال الذين جاؤا بعد ذلك..
في أحد الأيام وبينما هو يمارس ماراثون البحث عن عمل قادته قدماه إلى بناية لازالت قيد الإنشاء وكانت هناك شاحنة محملة بالحديد والاسمنت وأمامها يقف رجل يبدو من ملامحه انه ثري فاقترب منه اكرم وسأله إن كان يريد عاملا فأخبره الرجل إن لديه عمالاً كثيرين وانه ينتظر منهم المجيء لإفراغ الشاحنة من الحمولة .. حينها عرض عليه اكرم أن يتولى وحده عملية افراغ حمولة الحديد والاسمنت .. فاستغرب الرجل من هذا العرض كونه تعّود أن يقوم عشرة عمال بإفراغ حمولة الشاحنة .. وكنوع من التحدي قبل الرجل بأن يقوم اكرم بهذا العمل ..
ذهب الرجل في حال سبيله وترك لأحد الأشخاص مهمة مراقبة الشاب اكرم وفي المساء عاد الرجل ليتفاجأ بأن اكرم انتهى من إفراغ الشاحنة لوحده فأعجب به وبعمله وقوته وطلب منه إن يستمر في العمل معه..
طار اكرم من الفرحة وعاد إلى منزله يزف البشرى لزوجته بأنه أخيرا تمكن من الحصول على عمل شبه مستمر لدى أحد الأثرياء.
دارت الأيام وفي كل يوم كان اكرم يٌثبت لرب عمله انه قّد المسؤولية وموضع ثقة فجعله كبير العٌمال.
هذا الرجل ( صاحب العمل ) هو في الأساس مقاول معروف وكانت لديه مشاريع ينفذها في إحدى دول الجوار .. وذات يوم احتاج لشخص مثل اكرم يٌشرف على احد مشاريعه خارج الوطن فوفر له الفيزة وتذاكر السفر وقام بإحضاره إلى تلك الدوله ليتولى مسئولية الإشراف على المشروع براتب لم يكن يحلم به.
استمرت بوابة السَعد مفتوحة لأكرم بفضل هذا الرجٌل وشاءت الاقدار إن ينتهي رصيد الرجٌل من الحياة في حادث مروري افتعله ملك الموت ليقبض من خلاله روح هذا المقاول الطيب , ليجد اكرم نفسه بعد ذلك في مشاكل مع أبناء المرحوم , فترك العمل معهم وشق طريقه بنفسه معتمدا على المبلغ المالي الذي استطاع أن يجمعه خلال بضع سنوات من عمله مع المقاول المرحوم كما اعتمد على خبرته ومعرفته بكثير من المقاولين وأصحاب الأعمال وشكل لنفسه مكتبا للمقاولات ..
بعد فتره من الزمن عاد اكرم إلى الوطن ونقل مكتب المقاولات من الخارج إلى الداخل ومارس حياته وعمله بشكل طبيعي..
على المستوى الأسري كانت حياة الأسرة في تحسن مستمر ولم تعد الأم ( زوجة اكرم) تطيق تذكر الأيام السوداء التي مرت بها بداية انتقالها إلى عٌش الزوجية, حيث كانت تنام وهي تبكي من شدة الجوع .. والقهر على زوجها الهائم في الشوراع بحثا عن قوت يومهما.
مضت الأيام عادية ولم يتغير أي شيء في مواقيت الطبيعة غير أن أحوال أكرم تغيرت 180 درجة للاسوأ فيما يتعلق بسلوكه الشخصي وأخلاقه وتعامله مع أسرته والسبب في ذلك يعود إلى تعرفه على رفقة سيئين جعلوا منه مدمناً للشراب وزيراً للنساء.. وأيضا كان هذا الطريق سببا رئيسا في تدهور العمل لدى اكرم بشكل غير متوقع وأصبح مديونا بمبالغ كثيرة ووصل الأمر حد اغلاق مكتب المقاولات .
كانت الزوجة تعلم بتصرفات زوجها والتحول الهابط في أخلاقه خلال الفترة الأخيرة ولكنها كانت تٌخفي ذلك عن أولاده حتى لا يسقط من نظرهم وظلت محافظة على صورته أمامهم كأب مكافح وناجح .. وفي كل مرة يغيب فيها الأب عن المنزل لبضعة أيام متتالية تتعذر الأم لأبنائها حين يسألون عنه بأنه في عمل خارج المنطقة.. كل ذلك لم يٌثمر في الأب الذي استمر في غيّه وانحرافه عن الطريق الصحيح غير مبالٍ بالحال التي أوصل أسرته إليها.
في احد الأيام أخبرت نبيلة زوجها أكرم أنها تعبت من الكذب على الأبناء وأنها لم يعد لديها أي قطعة من الذهب والمجوهرات كي تبيعها وتٌغطي بثمنها مصروف الأبناء ومتطلبات البيت وأخبرته بأنه يجب عليه إن يحسم هذا الأمر.. حينها اجتمع الأب بأبنائه واخبرهم بكل صراحة انه مٌفلس وان عليهم الاعتماد على انفسهم في المعيشة من الآن وصاعدا .. وكان هذا الأمر بمثابة الصاعقة التي نزلت على الأبناء.. وفوق ذلك صارحتهم الأم بكل شيء وبما اخفته عنهم طوال سنوات مضت.
بعد ذلك غادر الأب البيت ولم يعد وفي احد الأيام تفاجأت الأم بشخص يطرق باب المنزل ويطلب منها مغادرته هي وأبناؤها لأن والدهم باعه له .. جن جنون الأم ولم تعرف ماذا تفعل فآخر ما كانت تتوقعه من زوجها أن يقوم ببيع البيت الوحيد الذي يمتلكوه ليدفع بثمنه تكاليف ملذاته الشخصية..
في تلك الأثناء لم تكن نبيلة تفكر سوى بشيء واحد وهو الانتقام من هذا الرجل السيئ فأخذت سكيناً وأخفتها تحت جلبابها ثم انطلقت إلى المكان الذي تعرف أن زوجها يقيم فيه مع رفاق السوء وأصدقاء الملذات وانتظرت حتى تأكدت انه لم يعد في الغرفة سوى زوجها ثم طرقت الباب وحين فتح لها باشرته بطعنات عديدة في أنحاء مختلفة من جسده حتى سقط جثة هامدة معلناً رحيله إلى ديار الآخرة.. ومع ذلك لم تحاول الفرار بل جلست بجوار جثته الدامية تنظر إليها وتبكي حتى تم القبض عليها.