العدوان على اليمن.. الأبعاد والتداعيات (10)

عبدالله عبدالرحمن الكبسي

ثالثاً: على الصعيد الدولي
لعل من نافلة القول: بأن قوى الغرب الاستكباري بزعامة الشيطان الأكبر – أمريكا – كانت وما انفكت تقف بكل الكيد والخبث اللذين عرفت بهما عبر تاريخها – البعيد والقريب – من وراء هذا العدوان الغاشم على اليمن – تخطيطاً وتسليحاً وتأييداً – ناظرين في ذلك إلى جملة من الأمور المميزة التي يتمتع بها اليمن – موقعاً وثروة، وعمقاً استراتيجياً عربياً وإسلامياً- لا نظير له في المنطقة على الإطلاق.
فهو من ناحية الموقع الجغرافي الفريد في جنوب شبه الجزيرة العربية، ومشاطئته المباشرة وبعمق فريد أيضاً لكل من بحر العرب والمحيط الهندي جنوباً، والبحر الأحمر غرباً، حيث تمر عبرهما معظم تجارة العالم الغربي والأسيوي والأفريقي من نفط الخليج والجزيرة الذي تتحكم اليمن من خلال موقعها هذا وإلى حد كبير بمنفذيه الوحيدين – باب المندب في الجنوب الغربي، وإلى الشرق منه ممر الناقلات في بحر العرب وإليه عبر منفذ مضيق هرمز، فإذا ما أضفنا إلى ذلك – الأهمية القصوى – لجزيرة سقطرى على مدخل المحيط الهندي، فقد تأكدت الفرادة الحقيقية للموقع الاستراتيجي لليمن وعلى النحو الذي جعل منه هدفاً ومطمعاً بالغ الخطر والأهمية لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي – مثلما كان هدفاً ومطمعاً مهماً للقوى الاستعمارية المتنافسة على النفوذ والسيطرة فيما قبل ظهور النفط وافتتاح قناة السويس كما هو معروف وهذا من جهة.
ومن أخرى فإن مما لاشك فيه بأن ظهور النفط كما الغاز أيضا باليمن، وتعاظم التوقعات باحتوائه على مخزون نفطي هائل قد ضاعف إلى حد كبير من اهتمام القوى الاستبكارية ذاتها باليمن ورفع من سقف أطماعها في احتوائه والسيطرة على مقدراته، تماما بالقدر الذي أهاج – حقيدة آل سعود – وحسدهم الأعرابي لليمن، وعلى النحو الذي أصابهم بسعار لا حدود له من الكراهية لليمن وشعبه المكافح الصبور، ولا سيما مع اتجاهه أخيراً إلى التحرر من وصايتهم العفنة، ونجاحه المثير عبر – ثورته المباركة – في تسديد الضربات الموجعة لأياديهم المخذولة في الداخل، ونفي ما تبقى من رموزها المأجورة إلى حيث ينبغي أن يكونوا في مقلب النفايات الرخيصة عند أسيادهم الأذناب.
من هنا – ومع ملاحظة أن الكيان الصهيوني، وكما هو الشأن فيه أبدا – يقع من تلكم الاهتمامات الغربية وفي سياقها في موقع الخصوصية والتميز، فضلاً عن دوره الأكيد في مجريات العدوان الجاري على اليمن، فإنه يمكن القول الآن وبكثير من الموضوعية والصواب: بأن المكر الأمريكي المتهم على نطاق واسع بتوريط – آل سعود – في مستنقع الحرب على اليمن، قد استغل الجموح السعودي في النيل من إرادة الشعب اليمني وكسر صموده العظيم، والدفع به إلى المزيد من الغرق في المستنقع إياه، وإلى الحد الذي تجاوز معه العدوان السعودي ما قد عُلم من كونه حاملاً أساسياً لأهداف ومطامع الأمريكان والصهاينة في اليمن – محض اتضاع لهما، وعلى حسابه أيضاً- إلى استشراف ما قد خفي وما هو في حكم المأمول من أهدافهما المستقبلية المبيتة والتماهي معها سعودياً إلى حد الإباحة والابتذال.
وهكذا طلع علينا – عَرَّاب الصَّهْيَنَة – والارتهان- أنور عشقي – ليبشرنا بوجه (حاشف ناشف) كما يقول أهل بلدتي يحصب يريم – بمشروع القرن وأعجوبته الاسطورية المتمثل في ما زعمه وهرطق به عن الحقل النفطي الضخم الذي يكتنزه – الربع الخالي – وما يتطلبه الاستثمار فيه من – بناء جسر العمالة والخرف الزهيمري السعودي بين اليمن وجيبوتي – مشترطا لذلك في تقليعة فضائحية أخرى أخزى وأغرب ما يلي:
1-    إقامة السلام الدائم بين العرب وإسرائيل التي وصفها الأفن السعودي وبلسان المأفون (عشقي) ذاته – بالأمر الواقع – وبكون رئيس حكومتها الإرهابي (نتنياهو) رجلا حازما وعاقلا، هكذا والله بصريح الخزاية والخيانة والانبطاح، وليرحم الله – جمال عبدالناصر- ولا محمد أنور السادات.
2-    تشكيل قوة (عربية) وضعوا ألف خط أحمر تحت كلمة عربية، وألف علامة استفهام حذاها، وحتى لا نفاجأ في – غد أو بعد غد – وقد انتظمت بني صهيون في إطار ملحوظها السعووهابي، أو في أقلها – تصحيفاً وتحريفا، وأكثرها احتمالاً وإمكانية – وقد تأمركت وتبرطنت وتفرنست.
وذلك لعمري، بل لعمر – الصفاقة السعوصهيوأمريكية – هو التفسير الأقرب إلى مقصود المؤلف ومراده – أخزاه الله تعالى – بدلالة كون – شارحه اللوذعي – أنور عشقي – لم يُبهم هنا أو يوارب، وإنما أردف الجملة أختها قائلاً: بمباركة أمريكية وأوروبية.
ونتساءل هنا فنقول: لِمَ القوة العربية المقترحة وضد مَن يا ترى، وما حاجتنا إلى الجسر العابر للبحار والقارات، وعندنا البحار والخلجان وموانئ التصدير الجاهزة والمهيأة سلفا؟.
ثم ما غاية الحديث عن المشروع المقترح وعرضه بضمير الجمع المشترك نيابة عن جميع الدول العربية المصاقبة للربع وذات الامتداد الجغرافي فيه؟
وهل لذلك الطرح المجمل من خلفية كيدية وتآمرية متصلة بثروتنا الوطنية الواعدة بمحافظة الجوف؟
وأخيراً: ما علاقة هذا الأمر بما اسماه ناطق البهتان والخيانة – عشقي – ضرورة السلام مع إسرائيل ، ولأي شيء يا ترى هذا – الاستجداء الذليل، والاتضاع المهين والمخزي للعدو، إن لم نقل: الرشوة المجانية الضخمة المقدمة من نظام – آل سعود – لأمريكا وإسرائيل بكل سخاء وأريحية وعلى حساب – ثروة الأمة وكرامتها واستقلالها وقبل هذا وذاك – حقوقها المصادرة بيد القهر، والتخاذل والتفريط في فلسطين المحتلة؟
فهذه جملة من الأسئلة الموضوعية نضعها هنا برسم لفت أنظار المعنيين من ذوي – الاختصاص والدراية – إلى هذه الناحية الدقيقة، وتبيه الغافلين من الصامتين والغارقين في أوهامهم البليدة إلى حقيقة المؤامرة الضخمة التي تحاجك للأمة بأسرها عبر هذا العدوان الغاشم بتداعياته المخيفة، وخطورة الدور السعودي في تبني أهدافها ومراميها المعادية للأمة ومصالحها.
وبعد: فلعل الكثير ممن سيتاح لهم الإطلاع على هذه المقالات المسلسلة عن العدوان الهمجي الفاحش على اليمن – أرضه وناسه ومقدراته – فضلاً عن النصوص الشعرية التي سيتم نشرها تباعاً.
أقول:لعل الكثير من هؤلاء سيفغرن أفواههم تعجباً وذهولاً لِما احتوت عليه الأوراق منثورها والمنظوم – من صراحة ومكاشفة، ربما استرهبها البعض إشفاقاً وتوجساً – وربما أكبرها البعض في نفسه، وودَّ من – حقيقة شعوره ووجدانه – لو ساعده الطبع وأمكنته الفرصة ليجهر بمثلها صدعا بالحق الذي يؤمن به، ووفاءً باستحقاقاته الواجبة يقيناً في – قلمه وعلمه وقريحته-.
على أن ثمة من سيعض علينا لأجل ذلك – أنامل الغيظ وشفاه الحنق – ويتراءانا بعيون الغضب ولحاظ البهت والإنكار، ولهؤلاء وأولئك نقول: بأننا عندما سطرنا هذه الأحرف وتلك الكلمات فإننا لم نكن نجهل مقتضياتها المحتملة من ردود الفعل السالبة، وغير المتوافقة إزاء ملحوظها.
بيد أننا في الوقت نفسه لم نختر بمحض التعمد، ولا كان مقصوداً لنا بالمطلق أن نتسبب في وجود – إثارة ما – من أي نوع لو كانت لنا في ذلك مندوحة مُعذِرة، ولو أن الأمر من مقتضاها بقي في إطار خلاف الرأي وتعارض الوجهات، وليس الذهاب إلى تأييد العدوان والسير في ركابه الحاقد اللئيم.
ومن هنا وعلى أساس من هذه الخلفية الواضحة والعميقة معا، وبالبناء على مقتضاها المسفر عن محض الحق الموجب للصدع الجهير في مواجهة ركام الزيف والضلال – فلعلنا أن نتوجه في ختام هذه الكلمات – إلى مَن يعز علينا أن يتعلقهم شيء من – الأذى والامتعاض – لتعلقهم من قريب أو بعيد بملحوظها، ونقول لهم بكل إخلاص: أمَّا ما كان من – حَدَّة الطبع وتجهم العبارة – فشيء استغفر عنه – البيان – وأمَّا ما عدا ذلك مما قد ضمِّنته الكلمات من المقاصد والمعاني، فأقل ما أرجو به – براءة الذمة من النفاق والتقصير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – وهو إلى ذلك أقل المستطاع قياماً بحقهما الحتم واللازم – تجاه أخص، وأحق، وأعظم موجباتهما تعلقاً بذمة القادر في – أنكر منكر ونكير – على الإطلاق ألا وهو العدوان المستبيح ظلماً وتجبراً – للنفس والمال والعرض وسفك الدم الحرام – وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.

قد يعجبك ايضا