تشتوا حلويات ؟
محمد خالد عنتر
في ذلك الرصيف الممطر الذي ترافقت فيه خطواتنا مع قطرات المطر العفيفة بعد خمود يومٍ عاصف استوقف سيري صوتٌ أنثويٌ عانقه برد الرياح وزمهرير العاصفة .
تشتوا حلويات؟؟
كانت امرأةً خمسينيةً اعتصمت بنصف بابٍ في منتصف الرصيف ليحميها من جلدات المطر الباردة، تبيع الحلويات الطرية التي تعيد للأبدان المرتعدة حرارتها بعد يومٍ عاصف..
تبيع الحلويات التي تعتبر مكملاً لتخمة يعيشها الكثيرون اليوم بينما هي لا تجد خبزاً جافاً لمن ينتظرها في الدار.
أمٌ كسيرة الجناح تستند على الطرقات المكتظة بالبشر كي تعيل أفواهاً جائعةً زاد جوعها حصارٌ وحربٌ ودمارٌ ودماء ..
هذا هو العدوان ..
حين نرى دولاً لا تعرف الفقر ولا يعرف الفقر طريقاً لحكامها وحاشيتهم .. تشن أبشع حربٍ ظالمةٍ على الفقراء والمعدمين لتزيد فقرهم وحاجتهم ..
حين نرى أبناء نفس البلد يستغلون أوجاع هؤلاء المساكين ليزيدوهم وجعاً وحرقةً ونحيباً ..
حين تكون القضية الأولى هي اللقمة ..
ونرى أن تلك اللقمة قد فاضت عن حدها بين يدي من لا تجد في بطونهم نفخةً هواءٍ من شدة تخمتها.
تلك تبيع حلوياتٍ دافئة في قلب شارعٍ يتقاطر برداً ويترنح من قوة الرياح القاتمة..
بينما نحن لا ننام جائعين ولا نخرج من بيوتنا معدمين .. نقف أمام بائع حلوى أو ناسك أحذيةٍ لكي نقضي حاجتنا منهم ثم نغادر دون أن يستوقفنا ذلك السؤال..
كيف يعيل هذا الرجل أسرته؟ ومتى تعود هذه السيدة إلى بيتها لتطعم أبنائها؟
نحن ننام على فراشنا الدافئ ونسير في الطرقات بأمان .. أقصد أمان البال ..
بأننا لن نجوع غداً ..
بينما آخرون ينامون كل يومٍ وهم لا يملكون أدنى دليل على أن الغد سيأتي وهم أحياء .. لأن الجوع قد يسبق الغد .. ويقتلهم دون رحمه ..
تشتوا حلويات؟؟
نعم .. نشتي حلويات .. لكن غيرنا يشتي لقمة يابسة .. ليسد بها جوعه وجوع أطفاله.
فهل نحن مدركون؟؟