لماذا أغلب القضايا الوطنية والإنسانية القائمة على الفطرة والسلوك الإيجابي التلقائي أول من يتخلّى عنها الكثير من المحسوبين على قائمة المثقفين ومن يمكننا تسميتهم مبدعين؟ مثلاً الوحدة اليمنية.. أول من أعلن الانفصال عنها هم المحسوبون على الثقافة.. وكذلك الخلافات الطائفية والمذهبية والنعرات اللاأخلاقية يقودها ويسقط في براثنها مجموعة كبيرة من المثقفين.
لكنّ ثالثة الأثافي وأمّ المصائب هي ما تبدّى بوضوح وفي بعض الأحيان بمراوغةٍ دنيئة في موقف الكثير ممن كنّا نعوّل عليهم بناء وسط ثقافي متميّز ، غير أنّ العدوان السعودي أظهرهم على حقيقتهم وعلى جهلهم المريع بأبسط أبجديات الثقافة الوطنية حين أعلن الكثير منهم موقفهم القميء ضدّ وطنهم وانحازوا لصفّ الخيانة والمال الحرام .
وللأسف الشديد ، أينما وجدت خلافاً موحشاً ورديئاً في اليمن على الأقل.. تجد وراءه ثلّة من المثقفين وممن يُعوّل عليهم تثقيف المجتمع وتنميته أخلاقياً ومعرفياً وإنسانياً.. بدلاً من الانخراط في خدمة الأحقاد والأوجاع. الأخطر من المثقف البائع لوطنه مقابل حفنة من المال الحرام ، هو المثقف اليمنيّ الذي انحاز لصفّ العدوان عن عقيدةٍ وقناعة تامة ، سواء كانت عقيدة دينيّة أو فكريّة ، إذ أن الخائن عقائدياً لن يتراجع عن خيانته حتى يلقى حتفه ، في حين نجد أن الخائن طمعاً في مصلحةٍ ومال قد يعود ذات يومٍ إلى جادّة الصواب حين يفنى الحرام من بين يديه ، ويرميه آل العدوان على قارعة الطريق .
وبناءً على ذلك هل يحق لنا أن نُسمّي مثل هؤلاء «مثقفون » ؟ أم هم في الغالب عبارة عن «أبواق» تابعة للسياسي الذي باع وطنه وارتهن للعدوان وتحالفاته المختلفة داخلياً وخارجياً ..ذلك السياسيّ الذي حجز له مقعداً في لظى الفنادق المدفوعة الأجر ، بينما المثقف الجائع سلوكاً وعقيدة وطنية قبل جوع بطنه لا يجد من مقابل لخيانته سوى فُتات ما يتساقط من عنجهية السياسي المتنفّذ الذي يقتاتُ على ثمرة الكيل بمكاييل الربح المادي ومصالح الحياة الفانية ، بينما يغدو المثقف الخائن بوصلةً لتعميق الجهل ومفاهيم العدوانية بين أبناء المجتمع الواحد .