الفقر يجتاح مملكة النفط والارهاب (السعودية)

> السعودية كل شيء مرتبط بعملة القرش

بقلم: إيان بلاك ترجمة: هاشم المطري فريق عمل الثورة نت

نشرت صحيفة فريتاج الالمانية ، اليوم الخميس ، تحقيق استقصائي للصحفي إيان بلاك ، ركز على ارتداد الوضع الاقتصادي والأزمة المالية التي تعصف بالنظام السعودي نتيجة الحرب التي تقودها المملكة في اليمن . واشار الصحفي الالماني في التحقيق الذي اجرها داخل الاراضي السعودية الى أن ، الاقتصاد السعودي أصيب بتدهور خلال عام واحد ويظهر ذلك من خلال ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وارتفاع الاسعار بدرجة كبيرة وباتت تشكل هاجس يؤرق حياة المواطنين.

وأوضح أيان بلاك أن الاجراءات تسببت في ارتفاع الاسعار وبأت الفقر يلاحق اكثر من 4 مليون مواطن سعودي الى جانب 4 مليون يعيشون تحت خط الفقر من اجمالي السكان البالغ عددهم 21 مليون نسمة. ويعاني الاقتصاد السعودي انهيار دفع بالسلطة الحاكمة الى اصدار قرارات بفرض الضرائب ورفع اسعار مادة البنزين وخصخصت القطاع العام وايقاف المشاريع الحكومية ، لمواجهة العجز في الميزانية البالغ 98 مليار دولار بمايعادل 15% من حجم الناتج المحلي. وقال الالماني أيان بلاك أن المملكة التي كانت فاحشة الثراء تحولت اليوم الى دولة تعاني انهيار وازمة اقتصادية وبداء الفقر يلاحق المجتمع حيث تتضأل حالة الرفاهية التي كان يعيشونها في السابق.

وأضاف أن حالة من السخط والغليان بدأت تطفوا بين اوساط السكان ضد الاجراءات التي اتخذتها الأسرة الحاكمة ،

مشيرا الى أن المواطنيين السعوديين يدفعون ثمن سياسة التهور التي يقودها سلمان ونجلة الطائش. نص التحقيق كامل: ارتفع صوت مأذنة مسجد “الفيصلية مول” التجاري الواقع في وسط الرياض مشعراً بدخول صلاة الظهر، حينها هرع أصحاب المحلات، التي تعرض بضائع فارهة، إلى إغلاق محلاتهم والتوجه إلى المسجد الموجود في الطابق الأرضي المكتظ بالكثير من المصلين مع استمرار رجال الأمن في ممارسة أعمالهم وتفتيش الزائرين على مدخل المركز التجاري. ومن بين حراسة المبنى امرأة منقبة ترتدي أيضاً قفازات بيضاء جالسة أمام كبينة الماسح الضوئي الكاشف للمعادن. أما مطعم الفيصلية مول فقد خصص جناح مختلط “للعوائل” بغية الحفاظ على الخصوصية التقليدية.

ويضم المركز التجاري أيضا فرع لسلسلة “هارفي نيكلز” الانجليزية الذي يعني ببيع مجموعة ماركات لأزياء النساء والرجال والإكسسوارات ومنتجات التجميل. هنا نبحث بلا جدوى عن مؤشرات أزمة اقتصادية محتملة في السعودية، الذي ألقى بظلاله على قطاع النفط وخفض الدعم عن المشتقات النفطية. فهذا الإجراء الأخير كان ضرورة ملحة لتقليص العجز في الميزانية الكلية البالغ 98 مليار دولار.- أي ما يعادل 15 % من حجم الناتج المحلي. وقد لجأت الحكومة قبل فترة قصيرة إلى رفع سعر مادة البنزين بمعدل 60% (غير أن سعر وحدة البنزين مازال غير مكلف ويعرض بسعر التراب). وتنظر الحكومة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة والإيرادات الأخرى، وهذا بلا شك يعبر عن تغير دراماتيكي في بلد لم يعرف ساكنيه حتى اليوم ضريبة من هذا النوع.

محمد تامر، شخص ظريف مصري الجنسية، خسر عملة في إحدى شركات المقاولات السعودية وينشط حالياً في مجال بيع الشقق الصيفية في أبو ظبي، والذي قال ضاحكاً ” الضغط الاقتصادي بسيط جداً، فالناس هناك أغنياء”. خارج الفيصلية -مول المرصع بالرخام يلاحظ انعكاسات وقف الحكومة لبند المشاريع لأسباب اقتصادية، فأسعار الإيجارات السكنية ارتفعت بصورة خانقة وتشكل اليوم معضلة حقيقية يعاني منه الكثير من السعوديين. أما سائق التاكسي خالد الذي صادفنا خارج المطار ينتظر الزبائن فيقول “إنه بفضل مرتب التقاعد الذي يستلمه بعد تسريحه من الجيش استطاع اليوم توفير حياة متوسطة لعائلته. غير أنه مازال يساوره القلق حين التفكير عن الوضع في حال تم رفع الدعم بعد خمس سنوات. السائق خالد يبلغ من العمر منتصف الخمسينيات وأب لعشرة أبناء، تحتم عليه اليوم العمل الجانبي من أجل أن يجني دخل غير خاضع للخصم الضريبي وتوفير حاجاته اليومية تساعده في ذلك زوجته،

حيث يقول:”أترون! هناك حرب مستعرة في اليمن، وهذا بالطبع يضر باقتصاد البلد، إلا أن ذلك كله لا يحمل تبعات وخيمة على الحكومة”. بالنسبة لبعض فئات المجتمع السعودي فقد تدهورت أحوالهم المعيشية بشكل كبير. فحينما نبتعد بعض الكيلومترات عن وسط مدينة الرياض وقريباً جداً من أملاك آل سعود المحاطة بالأسوار نجد أمهات مع أبنائهن يقرفصن حول نار مشتعلة من أجل التقليل من استخدام الكهرباء والهروب من برد يوم قارس. وعند التحقق عن قرب عن هوية تلك العائلات نجد أن تلك النسوة زوجات لمواطنين سعوديين فقراء ذات مستوى تعليمي متدني غير قادرين على الدخول إلى سوق العمل ومنافسة العمالة الأجنبية.

ووفقا للتقديرات يعيش بين اثنين إلى أربعة مليون من رعايا الملك سلمان البالغ تعدادهم 21 مليون نسمة تحت خط الفقر، حتى لو تناقض ذلك مع الأحكام المسبقة عن قوة اقليمية فاحشة الثراء. ففي السنة الأولى لتقلد سلمان عرش المملكة انخفض سعر النفط في السوق العالمية إلى 35 دولار للبرميل .

حتى لو ظل سعر البرميل على المتوسط باقي على هذه القيمة فان حجم الطلب في السوق العالمية يعاني من الركود كون النفط الصخري الذي تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية احتل مرتبة هامة فضلاً إلى عودة إيران إلى السوق العالمية بعد أن تم رفع العقوبات عنها سيساهم في زيادة كمية النفط المعروض في السوق، زد على ذلك الحرب التي يخوضها التحالف السعودي في اليمن منذ شهر مارس 2015 الذي يكلف المملكة طبقاً لتقارير دقيقة 600 مليون دولار شهرياً. والظاهر أن تلك الحرب لن تخمد في الفترة المنظورة مما يضع المملكة أمام أوقات عصيبة في المستقبل.

يرى هشام الحجيلان مدير إحدى شركات الطاقة الشمسية “أنه بفضل حفنة من المال كان كل شيء يسير على ما يرام. لكن عندما شرعت المملكة في عد كل قرش تنفقه أصبحت الأمور مرهونة بتلك القروش.

فاليوم يطغى على الشارع السعودي مفهوم التقشف مما دفع أغنياء البلد التفكير في إفراغ أحواض السباحة واستبدال سياراتهم ذات الدفع الرباعي بسبب استهلاكها ألا معقول للوقود بسيارات صديقة للبيئة و كذلك ربما إطفاء مكيفات التبريد عند مغادرتهم للمنزل”. إن هذا التغيير لدى المستهلك السعودي أحدثه على وجه الخصوص ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان. فهذا الأمير يحاول أن يقلل من اعتماد الدولة الكلي على إيرادات النفط مع عدم الإضرار في نفس الوقت بقدرة المملكة على المنافسة في السوق العالمية مع اهتمامه الشديد بالقلاقل الاجتماعية.

يقول المستشار الأعلى السابق في وزارة المالية السعودية اليوناني الجنسية جون سفاكياناكيس “أنه كان من المحرمات الحديث عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية. ففي حال ارتفع سعر البنزين والكهرباء والمياه فسوف يحدث ذلك ثورة في البلد. غير أنه حتى اللحظة لم يجرأ احد على التظاهر وهذا لا يعني أنه يمكننا التغاضي عن الطبقة المتوسطة”. بعد أن كانت المملكة السعودية تنفق في الماضي بلا حساب أكثر مما تجنيه من عائدات النفط حملت ميزانية 2016 ختم بن سلمان في سعيه للتجديد. غير أن هناك قضايا قليلة تحمل صبغة الشفافية وخاصة حينما كشف للرأي العام أن نفقات الجيش والأمن تشكل 25% من حجم النفقات المعتمدة في الميزانية. وكثر الحديث في الشارع السعودي عن ضرورة وضع مؤشرات قياس الأداء الحكومي يمكن من خلالها مراقبة القرارات طويلة الأجل.

فاعلان بيع شركة ناتكو النفطية العملاقة المملوكة للدولة يؤكد مدى خفض الدعم في الميزانية، التي شملت كذلك نسبة خاصة من بند التامين الصحي ونفقات التنمية البشرية. فالخصخصة هي السائد اليوم في تصرفات الحكومة. وهناك إمكانية لبيع مناطق كاملة وموارد معدنية غير مستغلة في حين نسمع عن توجهات لمكافحة الفساد وتوفير فرص عمل أكثر. غير انه لا شيئ جديد في ذلك. فالجدل حول إصلاحات في قطاع المشتقات النفطية قائم منذ سنوات. إلا أن الملك السابق عبدالله كان يرفض الخوض في ذلك. أما اليوم فهناك توجه لتطبيق ضريبة المبيعات من بينها ما يسمى بـ رسوم على المنتجات المضرة بالصحة (ضريبة الخطيئة) للمشروبات السكرية والتي يمكنها أن تساعد في تخفيف السمنة لدى السعوديين. وهناك توجه أكيد في خفض الدعم للخدمات الاجتماعية والمشتقات النفطية.

ويمكن مستقبلاً أن نقتبس تفاصيل أكثر من “برنامج التحول الوطني” الذي وضع من قبل شركات استشارية كـ شركة ماكينزي وشركات استشارية أخرى. ويري المستشار السابق سفاكياناكيس “أنه مع قليل من الصقل يمكن للسعوديين عمل الكثير دون الاعتماد على النفط، في سبيل زيادة إيرادات البلد. فالسعوديون غير مقتنعين تماماً حتى اللحظة أنه في يوماً ما سوف يرتفع سعر النفط ودخول المملكة في مرحلة ركود اقتصادي. فهم لا يرضون أن يقرر الحظ أو الله مصيرهم”. ويسود مفهوم على كل المستويات أن الإصلاحات الاقتصادية ستحمل معها أيضاً عواقب سياسية.

حيث يقول المؤرخ محمد آل زلفة عضو سابق في مجلس الشورى “أن الناس ترقب شيئ مضاد. فالحكومة تجني كل الإيرادات من مبيعات النفط ثم تنفق بكلتا يديها كل ما جنته. وحينما تم خصخصة شركة ارامكو تلا ذلك ولأول مره فرض رسوم ضريبية فهذا دفع الى التساؤل لدى العامة حول ما هي الفائدة التي جناها الشعب.” أما المهندسة المعمارية السعودية هيفاء الحبابي فتقول “أنه لا مناص من مشاركة أقوى لدى الجمهور في نقاش هكذا مواضيع. لقد ترشحت هيفاء الحبابي في الانتخابات البلدية في العاصمة الرياض وهي الانتخابات التي سمح للمرأة لاول مرة المشاركة فيها.

ولم يثنيها عن الترشح تلك الادعاءات انها لن تنجح في تلك الانتخابات. وتنشط السيدة الحبابي اليوم في وضع مجلسها المحلي تحت المحاسبة العلنية عند اتخاذ قراراته. في الوقت الراهن من الصعوبة بمكان تقييم مساعي التحول على كل الصعد كون أكثر المعارضين السعوديين من بينهم اولئك المتعاطفين مع الاخوان المسلمين مازالو يقبعون خلف القضبان ومنهم من يم تخويفهم إن لم يطبقوا أفواههم.

على كل حال مازال الشارع السعودي يخشى من التحدث عن الديمقراطية.

قد يعجبك ايضا