الجيش السعودي متهم بارتكاب جرائم حرب في اليمن
إيلفينا بوتولية
مع بدء دخول معاهدة تجارة الأسلحة التقليدية حيز التنفيذ, بالإضافة إلى الادعاءات التي وجهت إلى الائتلاف العسكري بقيادة المملكة السعودية فيما يخص ارتكاب جرائم حرب في اليمن, فإن المضي بتصدير الأسلحة إلى العاصمة السعودية الرياض يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
*هل تمثل صفقة الأسلحة المعروفة باسم دونا والتي تقدر قيمتها بـ3مليارات دولار وتسعى الجمهورية الفرنسية إلى تسليمها إلى المملكة السعودية انتهاكاً صارخا للقانون الدولي؟
إن عمليات تصدير الأسلحة للمملكة العربية السعودية التي تعتبر اكبر عميل لدى الجمهورية الفرنسية لا تعتبر إشكالية أخلاقية فحسب و لكنها تصب أيضا في مصب إشكالية قانونية, فمع دخول معاهدة تجارة الأسلحة حيز التنفيذ في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر من العام 2014م وبالإضافة إلى الادعاءات التي وجهت إلى التحالف بقيادة السعودية فيما يختص ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في اليمن, فإن الضرب بهذه المعاهدة عرض الحائط والمضي بتصدر الأسلحة إلى العاصمة السعودية الرياض يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
* ما هي البنود المنصوص عليها ضمن أجندة معاهدة تجارة الأسلحة التقليدية؟
– إن إقرار معاهدة تجارة الأسلحة في عام 2013م يمثل تقدما كبيرا في تنظيم تجارة الأسلحة التقليدية، وذلك من خلال حث الدول على الأخذ بعين الاعتبار الآثار الإنسانية المترتبة على صفقات بيع أسلحتها, وعلى نفس الصعيد صادقت كل من فرنسا, المملكة المتحدة البريطانية وألمانيا حيث أن هذه الدول تعتبر أهم البلدان المصدرة للأسلحة والمصوتة على النص النهائي للمعاهدة في حين امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية.
عملت معاهدة تجارة الأسلحة على تنظيم التجارة الدولية للأسلحة التقليدية بالإضافة إلى المركبات القتالية المدرعة, الطائرات الحربية وطائرات هليكوبتر, الأنظمة المدفعية ذات العيار الثقيل, الصواريخ وقاذفات الصواريخ, ناهيك عن الأسلحة الخفيفة والأسلحة الصغيرة, فاتفاقية دونا ترتكز على هذا النوع من المعدات العسكرية.
تعمل معاهدة تجارة الأسلحة التقليدية بشكل خاص على أن الدول التي تعتبر طرفاً في هذه المعاهدة لا تسمح بنقل أي من هذه المعدات العسكرية التقليدية المذكورة آنفاً وفي حال كان لديها علم مسبق بهذه الصفقات التي من خلالها يمكن أن تُستخدم لاقترف مخالفات جسيمة لبنود اتفاقيات جنيف التي عقدت في العام 1949م والتي تحد من استخدامها ضد المدنيين أو ضد أهداف مدنية, فهذه الاتفاقيات تعمل على حماية هذه الأطراف من مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية على النحو المبين الذي حددته الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكون طرفا فيها.
إنه لمن المؤكد أن الشركات الفرنسية المصنعة للأسلحة تعتبر دون أدنى شك من بين العملاء للدول المدانة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاك القانون الإنساني الدولي.
الغارات الجوية التي يشنها الائتلاف العربي بقيادة المملكة السعودية على اليمن يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني بشكل شبه يومي من قبل العديد من المراقبين.
ففي شهر ديسمبر من العام المنصرم, نشر مجموعة من المحامين والحقوقيين تقرير ذو جودة ودقة عالية أظهرت من خلاله أن المملكة المتحدة البريطانية عازمة على انتهاك القوانين الدولية و ذلك عن طريق عزمها على بيع و تصدير الأسلحة للمملكة السعودية حيث أنه ليس من الخفي على احد ان الرياض ستستخدمها في حربها ضد اليمن.
استنتج فليب ساندز أستاذ القانون الدولي في جامعة كولدج في العاصمة البريطانية لندن أن التطبيق يجب أن ينطبق أيضا على أي رخصة تصدير جديدة للأسلحة الصادرة عن فرنسا، حيث خص بالذكر صفقة بيع الأسلحة دونا.
*الجيش السعودي متهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن:
منذ شهر مارس من العام المنصرم أعلنت المملكة السعودية التدخل العسكري في اليمن و ذلك لدعم ما يسمى القوات الموالية” لـ “عبد ربه منصور هادي”.
وفي ذات الصدد, خضعت القوات المسلحة السعودية لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تنظم سير العمليات العسكرية, فقواعد القانون الدولي الانساني يحظر شن أي هجمات أو اعتداءات بحق المدنيين أو ممتلكاتهم, بالإضافة إلى العاملين في المجال الطبي أو المجال الإنساني أو المدارس و المعالم التاريخية التي لا تعد أهدافاً عسكرية, ففي حال تعرضت أين من هذه الأماكن إلى هجمات أو غارات عسكرية بصورة متعمدة فهذا يندرج تحت بند ارتكاب جرائم حرب.
إن القانون الدولي واضح وصريح إلا انه منذ بدء الغارات العسكرية للجيش السعودي على اليمن عمدت المملكة السعودية على ارتكاب انتهاكات عديدة من هذا النوع على مرأى ومسمع من البرلمان الأوروبي واللجنة الدولية والمنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة أطباء بلا حدود.
ففي الثاني والعشرين من شهر فبراير المنصرم أكد فريقا من الخبراء التابعين لمنظمة الأمم المتحدة هذه المزاعم التي تقضي بارتكاب المملكة السعودية جرائم ضد الإنسانية في حربها على اليمن.
وفي نفس السياق أكد الخبراء على صدق ما يقولون حيث انهم لديهم معلومات تفيد بأن التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية استهدف من خلال الغارات الجوية المدنيين وأهداف مدنية و بالإضافة إلى مخيمات النازحين الداخلية والأحياء السكنية المدنية حتى أن هذه الغارات لم تتوارى عن استهداف المرافق الطبية والمدارس والمساجد والأسواق, فهذه الغارات نفذت في معظم الأحيان بطريقة ممنهجة وعلى نطاق واسع.
عدم تجاهل:
الجمهورية الفرنسية كمثيلتها من الدول الموقعة على معاهدة تجارة الأسلحة التقليدية التي من الصعب عليها تجاهلها, فهي تسعى إلى التخلص من هذه الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمتها مع هيئة الأمم المتحدة, في الوقت الذي تواصل فيه المملكة السعودية انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي الإنساني ضد المدنيين اليمنيين, فهذه الانتهاكات الجسيمة ستطبق على أرض الواقع من جديد وذلك من خلال الأسلحة الفرنسية.
أكد مجموعة من الخبراء البريطانيين على ضرورة تعدد وانسجام قائمة المطالب في ظل تغيب الموقف السعودي الذي لم يقدم أي تفسيرات أو توضيحات عن الهجمات التي استهدفت المدنيين بشكل عشوائي وواضح ناهيك عن الصمت الذي تنتهجه الحكومة السعودية في عدم تبرير أو أجراء أي تحقيقات لفهم ملابسات هذه الغارات.
حيث انه من غير الوارد أن تعمل الرياض على معاقبة المدنيين العزل, فعدد وطبيعة هذا الانتهاكات التي ارتكبها الائتلاف العربي في اليمن تشير إلى أنها لم تكن مسألة انتهاكات متفرقة بسبب أخطاء تتعلق بالوقائع أو القانون ولكن في الواقع تستند على تجاهل و استخفاف ممنهج لقواعد القانون الدولي, بل وفي بعض الأحوال سياسة جنائية.
وفقاً للمحامين البريطانيين فإنه من المرجح جداً أن عمليات بيع الأسلحة في المستقبل ستعمل على تأكيد مبدأ أن هذه الأسلحة سيتم استخدامها ضد المدنيين والأهداف المدنية بطريقة غير مشروعة وغير قانونية.
ينبغي على الحكومة الفرنسية أن تأخذ بعين الاعتبار هذه النتائج قبل إصدار أي تراخيص تقضي بتصدير أي أسلحة تندرج تحت العقد دونا بالإضافة إلى تسليط الضوء على المادة السابعة من الصكوك الأساسية للقانون الدولي الإنساني التي تقضي بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب.
تعتبر الجمهورية الفرنسية من أهم الدول التي لعبت دورا هاما في المفاوضات التي أدت إلى إقرار معاهدة تجارة الأسلحة التقليدية وأثبتت التزامها بتحسين السيطرة على تجارة الأسلحة التقليدية كونها واحدة من أوائل البلدان التي صادقت على هذه المعاهدة, كما يجب أن تأخذ بالحسبان الاتهامات الخطيرة الموجهة للرياض ليس فقط في سياق تنفيذ اتفاق دونا فحسب بل يجب أيضا الأخذ بعين الاعتبار أي تراخيص تصدير للأسلحة في المستقبل.
صحيفة لوبغاسيون الفرنسية
ترجمة / أسماء بجاش