> جعل من الأرض اليمنية حقل تجارب لأدوات الموت والدمار
> منظمات دولية ومحلية تقدم أدلة دامغة لتورط العدوان في استخدام الأسلحة المحرمة في قصف المدنيين
احتاجت المنظمات الحقوقية العالمية شهوراً طويلة من عمر العدوان السعودي الذي يختتم اليوم عامه الأول قبل أن تبدأ في الحديث والتلويح عن انتهاكاته الجسيمة والصارخة بحق اليمن واليمنيين واستخدامه المفرط للأسلحة المحرمة والمحظورة دوليا في استهدافه للمدنيين ومرافق البنى الأساسية والخدمية والمناطق الآهلة بالسكان..مع أن هذا العدوان الوحشي استخدم ومنذ أيامه الأولى أصنافاً لا تحصى من تلك الأسلحة المحرمة في ضرب المدن والأعيان المدنية والخدمية.
وبحسب مراقبين ومختصين فإن العدوان على اليمن مثل فرصة مناسبة لدول وشركات صنع السلاح حول العالم للقيام بتجارب عملية على فاعلية تلك الأسلحة الحديثة وقوة آثارها التدميرية الهائلة.
وتصدرت السعودية خلال العام 2015م لائحة الدول الاكثر استيرادا للسلاح بسبب عدوانها على اليمن واستوردت احدث انواع السلاح الفتاك من مختلف بلدان العالم.
وظلت على دأبها وسعيها المجنون لاستيراد السلاح طيلة فترة العدوان ولاتزال الى اليوم ..وفي 17 نوفمبر 2015، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن وزارة الخارجية وافقت على بيع النظام السعودي ذخائر جو-أرض بقيمة 1.29 مليار دولار أمريكي، مثل قنابل موجهة بالليزر، وقنابل ذات «أهداف عامة» بنظام توجيه. وجاء في البيان أن «الشراء يغذي إمدادات القوات الجوية الملكية السعودية بالأسلحة، والتي أصبحت مستنفذة بسبب الوتيرة العالية لعملياتها الحربية في اليمن».
وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن الحكومة الأمريكية تعلم جيدا بالهجمات الجوية العشوائية للتحالف الذي تقوده السعودية، والتي قتلت مئات المدنيين في اليمن منذ مارس. ولا زالت تمد السعوديين بمزيد من القنابل في ظل هذه الظروف يعني مزيداً من وفيات المدنيين، التي ستكون الولايات المتحدة مسؤولة عنها.
يشار إلى أن القنابل العنقودية ليست أسلحة دقيقة التصويب، تحتوي الواحدة منها على عشرات أو مئات الذخائر الصغيرة التي تنفجر عند ارتطامها بالأرض وتنتشر على مساحة واسعة، تقارب مساحة ملعب كرة قدم، ما يجعل كل شخص متواجد في مكان الهجوم عرضة للموت أو للإصابة بجروح، وأحياناً لا تنفجر الذخائر الصغيرة في وقتها، فتتحول بطبيعتها إلى ألغام أرضية من الممكن أن تتسبب في إصابة أو قتل المدنيين بعد وقت طويل.
دعوات لحظر السلاح
الدعوات الأوروبية لحظر بيع السلاح للنظام السعودي تأخرت كثيرا وبعد قرابة العام من انتهاكات العدوان السعودي وجرائمه البشعة في اليمن, فقد دعا البرلمان الأوروبي، في قرار اصدره يوم الخميس (25 فبراير 2016) دول الاتحاد الأوروبي الى فرض حظر أسلحة على السعودية بسبب تدخلها الذي يزعزع استقرار اليمن. وجاء في قرار البرلمان الأوروبي الذي جرى اقراره بموافقة 449 عضوا مقابل معارضة 36 وبامتناع 78 «أدت الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية والحصار البحري الذي تفرضه على اليمن إلى وفاة الآلاف وتسبب في زيادة معدلات عدم الاستقرار في اليمن».
ودعا البرلمان المسؤولة العليا لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى «إطلاق مبادرة ترمي إلى فرض حظر أسلحة أوروبي على السعودية «. والتصويت غير ملزم من الناحية القانونية لكن أعضاء البرلمان الأوروبي يأملون أن يمثل ضغطا على الاتحاد للتحرك.
وفي يوم الثلاثاء الموافق الـ15من مارس الحالي اصدر البرلمان الهولندي قرارا بحظر بيع السلاح للنظام السعودي .
وأكدت منظمة العفو الدولية ضرورة إجراء تحقيق مستقل وفعال في الانتهاكات التي ارتكبها ولايزال يرتكبها تحالف العدوان العسكري السعودي في اليمن .. لافتة الى وجود أدلة دامغة تؤكد الاستخفاف بحياة المدنيين من قبل هذا التحالف والذي اعلن عن مدن بأكملها أهدافاً عسكرية.
وقالت المنظمة في بيان نشرته اصدرته فبراير الماضي « انها وثقت انتهاكات ومخالفات خطيرة للقانون الانساني وأدلة دامغة على اتباع تحالف الحرب على اليمن أنماطا مزرية من العمليات الجوية والتي تؤكد الاستخفاف بحياة المدنيين في العديد من المناطق السكنية».
وأكدت أن العديد من الضربات الجوية تصل إلى حد جرائم الحرب كالتي استهدفت اطفالاً كانوا يلعبون خارج منازلهم وأطفالاً نائمين في منازلهم ما يؤكد الحاجة الملحة لتحقيق مستقل وفعال للانتهاكات التي وصفتها بالجسيمة.
وأشارت العفو الدولية الى أن باحثيها وجدوا أدوات منزلية ولعب الأطفال وكتباً وأواني طهي من بين الأنقاض في عدة مناطق لا توجد فيها أي علامة على أسلحة أو اشياء عسكرية يمكن العثور عليها، فضلاً عن عدم وجود أي أدلة أخرى تشير إلى أن المنازل المستهدفة كانت هدفاً عسكرياً مشروعاً.
وأوضحت المنظمة أن أربع غارات جوية على الأقل ، حققت فيها ، هاجمت قوات التحالف منازل أكثر من مرة ما يوحي بأنها كانت أهدافاً مقصودة على الرغم من عدم وجود أي دليل أنها كانت تستخدم لأغراض عسكرية.
ولفتت المنظمة في بيانها الى أنها وثقت استخدام التحالف العسكري السعودي للقنابل العنقودية المحرمة دولياً في صعدة شمال شرق اليمن في 13 غارة ما ادى الى مقتل نحو 100 مدني بينهم 59 طفلاً بين شهري مايو ويوليو الماضيين ، ما يؤكد الحاجة أيضا لوقف عمليات نقل بعض الانواع من الأسلحة.
ودعت المنظمة في هذا الصدد الى وقف عمليات نقل الاسلحة والذخائر التي استخدمت في ارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي لأعضاء التحالف الذي تقوده المملكة السعودية وعلى وجه الخصوص، القنابل من سلسلة MK (MARK) 80 وغيرها من القنابل المميتة والطائرات المقاتلة والمروحيات القتالية وأجزائها ومكوناتها المرتبطة بها.
وأشارت في بيانها الى استخفاف التحالف العسكري على اليمن بحياة المدنيين بعدما اعلنت المملكة السعودية التي تقود التحالف عن مدن بأكملها بأنها أهداف عسكرية حيث يعيش عشرات الآلاف من المدنيين ، ما يعد انتهاكاً للقانون الدولي.
وقالت كبيرة مستشاري منظمة العفو الدولية دوناتيلا روفيرا في هذا الصدد «إن تعيين مناطق واسعة، ذات الكثافة السكانية العالية كأهداف عسكرية وتكرار استهداف منازل المدنيين هي أمثلة تكشف عن فشل صارخ لقوات التحالف لاتخاذ الاحتياطات الكافية لتجنب الخسائر المدنية في الأرواح كما هو مطلوب بموجب القانون الإنساني الدولي»..
وأكدت أن «لامبالاة العالم لمعاناة المدنيين اليمنيين في هذا الصراع أمر مروع» .
وأشارت في هذا الصدد الى فشل مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة باتخاذ قرار حول إجراء تحقيق دولي في الانتهاكات في اليمن .. معتبرة ذلك احدث اخفاق في سلسلة من الإخفاقات التي يبذلها المجتمع الدولي لمعالجة الإفلات التام من العقاب لمرتكبي الانتهاكات الخطيرة في اليمن.
وختمت المستشارة بمنظمة العفو بالقول «لقد ساهم انعدام المساءلة للأزمة المتفاقمة وما لم يقدم الجناة للعدالة على جرائمهم، فسوف تستمر معاناة المدنيين».
وأكدت الأنباء والتقارير طوال الفترة الماضية على استخدام تحالف العدوان السعودي الامريكي أسلحة محرمة دولياً مثل القنابل العنقودية،والقنابل الفراغية، والقنابل المشبعة باليورانيوم، والقنابل الفسفور الأبيض وغيرها الكثير من آلات القتل والإجرام التي لا ترحم صغيراً ولا كبيراً من أبناء الشعب اليمني.
وتوضح منظمة هيومن رايتس وتش الدولية لحقوق الانسان في العديد من التقارير التي أصدرتها على مراحل متفاوتة من العدوان واخرها تقريرها الصادر يوم الـ14من فبراير الماضي بأن تحالف العدوان السعودي استخدم القنابل العنقودية المحرمة دولياً، مشيرة الى حصول السعودية على هذه القنابل من أمريكا، وإن هناك 108 دول وقعت عام 2008 على اتفاقية تحرم استخدام تلك القنابل بسبب تأثيرها الواسع على المدنيين.
وأشارت المنظمة إلى أن القنابل العنقودية التي عثرت عليها في اليمن هي من صنع شركة تكترون سيستمز كوربوريشن، وهي شركة سلاح أمريكية مقرها في ولاية رود ايلاند الأمريكية.
وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية عثورها على أدلة ذات مصداقية على أن التحالف الذي تقوده السعودية استخدم ذخائر عنقودية محظورة، من صنع أمريكا، في غاراته على اليمن، وأشارت المنظمة إلى حصول السعودية على هذه الأسلحة المحظورة دولياً من أمريكا.
وأشارت المنظمة الى أن الذخائر العنقودية التي استخدمت في الغارات التي تقودها السعودية قد أصابت مناطق قريبة من قرى محلية، عرّضت حياة الناس للخطر. ولأن هذه الأسلحة محظورة في جميع الظروف، فإن السعودية والدول الأخرى المشاركة في التحالف، وعلى رأسها أمريكا التي صنّعت الأسلحة، تضرب عرض الحائط بالمعيار الدولي الذي يحظر استخدام الذخائر العنقودية لأنها تعرّض حياة المدنيين للخطر على الأمد الطويل.
وأوردت المنظمة الدولية دلائل دامغة حول استخدام السعودية وحلفاؤها هذه الأسلحة خلال عدوانهم على اليمن، حيث أشارت المنظمة إلى عدد من الصور والفيديوهات التي تثبت تورط السعودية في استخدام هذه الأسلحة ضد المناطق المأهولة بالسكان. كما أشارت هيومن رايتس ووتش إلى تصدير أمريكا 1300 قنبلة عنقودية من نوع CBU-105 عام 2013م، إلى السعودية ..منوهة بأن السياسة الأمريكية الحالية تسمح باستخدام هذه القنابل المحظورة وتصديرها.
وأبرزت منظمة هيومن رايتس ووتش حقائق عدة أجبرت السعودية على الاعتراف باستخدامها هذه الأسلحة خلال عاصفة الحزم، بعد أن كانت نفت استخدامها بشكل قاطع، عندما اعترف المتحدث باسم التحالف السعودي أحمد عسيري، في مقابلة مع قناة (سي إن إن) الأمريكية أن بلاده تستعمل بالفعل تلك القنابل، ولكنه زعم أنها تستهدف الآليات العسكرية ولا تستهدف المدن والمناطق المأهولة، الأمر الذي أثبتت هيومن رايتس ووتش كذبه بالأدلة القاطعة. ولكن العسيري أشار من حيث لا يدري إلى تورط أمريكا في هذه الجريمة عندما تساءل بقوله: هي ليست غير قانونية، وإذا كانت تلك القنابل غير قانونية فلماذا تبيعها أمريكا؟
140ألف قنبلة عنقودية
إضافة إلى تأكيدات المنظمات الدولية باستخدام العدوان لأسلحة محرمة من قبل العدوان السعودي الأمريكي فهناك منظمات مختصة وحقوقية محلية قامت بجمع وثائق دامغة تثبت هذه الحقائق.
وفي هذا الإطار قال المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في بيان نشره في الثاني من مارس الحالي بان العدوان السعودي القى 140ألف قنبلة عنقودية على محافظات صعدة وحجة وعمران ومارب منذ بداية العدوان وحتى ديسمبر من العام الماضي ..مشيرا إلى أن العدوان ألقى قنبلة نترونية تسمى «أم القنابل «على حي فج عطان السكني بصنعاء كما استهدف أحياء في أمانة العاصمة بقنابل عنقودية ..مؤكدا استخدام العدوان لأسلحة محرمة دوليا في استهداف المناطق السكنية والمرافق الخدمية الحكومية وفي ضرب أراض زراعية واسعة في عموم محافظات الجمهورية.
وأوضح مركز التعامل مع الألغام أن فريقا تابعا له قام بالتعاون مع خبير دولي برفع كميات كبيرة من مخلفات تلك الأسلحة المحرمة ..مشيرا إلى انه تم مسح مساحة 400في 400متر مربع في قرية فج عطان بعد تعرضها للقنبلة النترونية وتم اخراج خمسة أطنان من مخلفات القنابل التي ألقتها طائرات العدوان..إلى جانب رفع 3اطنان من مخلفات القنابل المماثلة الملقاة بمديرية حرف سفيان بمحافظة عمران .
ويؤكد المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام أن العدوان استهدف حي الكويت وشارع الرباط ومنطقة السنينة والدائري في العاصمة صنعاء بقنابل عنقودية باعتراف العدوان وقد تم انتشال طنين من مخلفات تلك القنابل كما أكد المركز استخدام العدوان لقنابل كيميائية وفوسفورية وعنقودية في محافظات مارب وحجة وصعدة.
ولايزال العدوان وحتى وهو يكمل عامه الأول يوغل في استخدام هذه الأسلحة المحرمة والفتاكة ليضيف وبشكل يومي ضحايا جدداً من المدنيين الأبرياء إلى قائمة طويلة من الجرائم والانتهاكات البشعة بحق الإنسان اليمني والإنسانية جمعاء.