“ميدي” التي تميد بهم
نبيل حيدر
● لم يكمل الأسبوع نصابه إلا وسجل حتى اللحظة كسر أنوف العدوان ومرتزقته في “ميدي” للمرة الرابعة وخلال خمسة أيام.
ميدي المدينة الجميلة الآمنة حولها الحقد الأعمى الجارف إلى متنفس لنيران غيظه فصبّ عليها ثواقل الطائرات والبوارج وجيَّش لها الخبراء العسكريون والمرتزقة والملونون، ومع ذلك كله، وبرغم الإمكانيات الهائلة صمدت ميدي بصمود البواسل الذين لا تعرف شوكتهم الانكسار وإن شابها العناء.
● وتبدو ميدي هدفاً استراتيجياً للعدو ومرتزقته وتحديداً الجنرال الفار والذي كانت ميدي تقع ضمن إقطاعيته الخاصة في الساحل الغربي لليمن وعلى امتداده وإلى درجة تقاسم عصاباته مناطق الاصطياد على مستوى الشركات النهابة وعلى مستوى الأفراد الذين غلّفهم بمسميات جمعيات تعاونية سمكية كانت تفرض الإتاوات وتمنع الصياد من الاصطياد إلا بعد أن يدفع صاغراً مذعناً لقوة قهر لا تعرف غير استلاب ما بأيدي غيرها.
● ولأنها كبيرة في حق الجنرال الذي يقبع في السعودية وفي غرف عملياتها العسكرية ومن قبل بدء العدوان أنه لم يستطع تحقيق انجاز حربي واحد على الأرض عبر مجاميعه وعبر معلوماته واتصالاته وصِلاته ورغم توفر الغطاء الكثيف الجوي والبحري السعودي ..لأنها كذلك تشن على ميدي الحملات العسكرية تلو الحملات في محاولات لتحقيق اختراق في الجهة الغربية الساحلية.
وهناك يسجل العدو السعودي ومرتزقته كل علامات الفشل..و نفس الفشل يسجله من ذُباب و المخا وحتى الحديدة التي يريدونها أن تقع لقمة سائغة بين يدي الجماعات الإرهابية ـ وهذا ما تقوله إعداد محاولات العمليات الإرهابية في أكثر من ناحية فيها ـ وصولاً إلى ميدي ذات الامتداد الاستراتيجي الهام في الساحل التهامي. والساحل التهامي هو ذاك الذي يحلم السعودي بالسيطرة عليه كما جرى في أوائل القرن الماضي في الحرب اليمنية السعودية .. غير أنه بقي حلماً رغم كل الحشود وخصوصاً حشود هذا الأسبوع.
● ميدي المدينة هجرها سكانها فقذائف البوارج والطيران السعودي لا تفرق بين حي وجماد إلا أن المقاتلين المدافعين لم يهجروها لأنهم يعلمون أنها ترفض هجرانهم وتفرح بثبات أقدامهم عليها وحولها.
وقد ظهرت “ميدي” تحت الأضواء وبشكل كثيف عندما كانت العيون والآذان معلقة بمفاوضات جنيف (2) في ديسمبر الماضي والتي لم تكن مفاوضات بقدر ما كانت لعبة سعودية للإلهاء حركت على حسها الحشود والمرتزقة نحو ميدي، وحينها لم تكد ساعات يوم تكمل دورتها إلا وكان الإعلام الكاذب يشتغل على “تحرير ميدي”.
● والواضح جداً أن ميدي وعلى وتر التهدئة الحالية في جبهة ما وراء الحدود الشمالية لا تزال تشغل بال الجنرال السعودي المعتدي والجنرال اليمني الفار الحالم بعودة امبراطوريته بدءاً من تراب ميدي.. وحيث يأملون من خلالها استعادة معنوياتهم ومعنويات مرتزقتهم الصحو منها والنائم منتظراً للحظة الصفر التي أتت كثيراً وولت أكثر.
● ميدي رهانٌهم الذي يكيلونه .. لكنها عند البواسل ليست رهاناً بل أرضاً وإنساناً يقدمون حياتهم من أجلهما.
والفرق كبير جداً بين مقامرٍ أدواته طاولة وأوراق وبين مُدافع باسل قضيته أرض وإنسان.
ولهذا ستبقى “ميدي” تميد بهم.