خطبة الجمعة بين التنوير والتجهيل !!

عبدالعزيز البغدادي

تحس من خلال كلماته التي يطلق بعضها على مسمعك كالرصاص بأنه قد أتقن بالفعل كيف  وفي أي الحروف يرفع صوته وفي أيها يحفظها ،
إنه فن الإلقاء لا بل فن الإرهاب بالكلمات من موقع الموعظة التي تبحث عن الحسنة فيها فيصعب عليك أن تجدها ؛
بعد أن أكمل خطبة الجمعة اقتربت منه وقلت له أريد الحديث معك على انفراد دقيقتين أو ثلاثا،
أرتبك قليلاً  وكأنه خاف من شيءٍ ما وقال أهلاً وسهلاً يا أستاذ ،
قلت له يا أخي العزيز أتحدث معك مفترضاً فيك حُسن النية لأنك من ألقيت علينا خطبة الجمعة وخطيب الجمعة في ما نعرف جميعاً كان في ما مضى أي قبل ثلاثة وثلاثين عاماً يختار في المدن والأرياف بقدر من العناية وإلى حدٍ ما بمراعاة أن يكون  أعلم الناس وأفصحهم وأكثرهم تقوىً وصلاحاً وإيمانا وأغلب هذه الصفات بالطبع يعتمد في تشخيصها على أمور ظاهرة وباطنه والظاهرة يقع التأكد منها على الناس وأما الباطنة فلا يعلم ما في النفوس إلا الله وإذا كان هناك من يستطيع أن يرى بنور الله فلا تبنى على هذه الرؤى أحكام دنيوية ،
ما يبنى عليه شرعاً بل وقانوناً  هو الظاهر ولهذا قيل ( الشريعة بالظاهر ) وهنا يكمن الفرق بين العقيدة والشريعة!!؛
من خلال ظاهر خطبتك يتبين أنك لا تعلم من يعتدي على الشعب اليمني فهل يعقل أن خطيب جمعة لا يعلم بعد عام من العدوان من هو المعتدي؟؟!!!؛
أعتقد ياصديقي أن من يتولى الخطابة يجب عليه أن يبين للناس ماهم مختلفون فيه لا أن يخفي عليه ما هو بيّـن !؛
هناك في اعتقادي نوعان من الخطاب
إما خطاب يقوم على الصدق والوضوح الأدبي واستخدام قوة الحجة في موضعها وكشف الحقائق للناس إسهاماً في بناء جبهة داخلية متماسكة تعرف عدوها وهو هنا النظام السعودي المستولي على عاصمة المسلمين ظلماً وعدواناً الذي أستجلب المرتزقة من كل بقاع الأرض ويعمل بالتأكيد تحت إمرة وخبرة الإدارة الأمريكية والصهيونية وهذا ما لم يعد سراً ولا قابلاً للإخفاء لأنه قد كشر عن أنيابه وانتقل العمل بالنسبة له من المرحلة السرية إلى العلنية لهذا فإن من يحاول إخفاء المكشوف فهو إما على  درجة من الغباء أو الصلافة والعدائية للإنسان لا تطاق وتثير السخرية !!،
وإما خطاب يعتمد على  تضليل الرأي العام وتضييع وقت وصرف أنظار الناس ووعيهم عن إدراك الحقائق التي صارت أوضح من الشمس !
إنك بعد عام من وقاحة القصف السعودي الأمريكي الصهيوني ومن تحالف معهم من العملاء والمرتزقة لا تزال ترى من الخطباء من يردد على مسامعنا كل جمعة عبارات توهمك بأن العدوان يديره شياطين الجن وليس شياطين الإنس الذين نعرفهم جميعاً وقد أحرقت صلافتهم وجرأتهم مرحلة التخفي !!،
لا يوجد مسؤول محدد في نظر هؤلاء عن كل هذا الإجرام الذي يقوم به النظام السعودي الأمريكي الصهيوني إذ لا يزالون يعتمدون لغة الإيماء أو عبارات التضليل وإخفاء الحقائق !!.
فهل وجد الخطباء والوعاظ لإظهار الحقائق وتعليم الناس ما يجهلون لخلق جبهة موحدة قائمة على الصدق وعدم التجهيل ؟؟!!؛
خطر في البال خلال الخطبة وبعدها أن هناك طريقة معينة لا بد من التفكير فيها لاختيار الخطيب وهي أن نساعد الناس على التمسك بالتفكير المستقل في اختيار من يعتلي منبر الجمعة وإبعاد هذا المنبر ومنبر الوعظ عموماً عن أيديولوجيا التحزب والتمذهب الضيق ليعود إلى آفاق العلم والمعرفة والحرية وهي خطوة تحتاج للحديث عنها تفصيلاً في مقال آخر !!..

قد يعجبك ايضا