> مذبحة مدينة كهرباء المخا
حاشد مزقر
في الساعة العاشرة وعشرين دقيقة من مساء يوم الجمعة 24 يوليو 2015 جاء سرب من الطائرات انطلقت من قواعد دول العدوان الخليجي لقصف مدينة موظفي محطة كهرباء المخا والتي تتكون من 270 وحدة سكنية وما هي إلا لحظات والدماء تسيل والجثث تتناثر والضربة تلو الأخرى لتغادر طائرات التحالف سماء المخا مخلفة أكثر من 90 شهيداً وأكثر من 300 جريح مع وتدمير كلي للمدينة السكنية..
قصص من المأساة
خالد مساعد لا يعنيه التفكير بنجاته من الموت شيئاً فعندما ماتت زوجته وإحدى بناته وأصيب بجروح خطيرة ليلة القصف لم يهم ما حدث إلا بعد أن فاق من غيبوبته التي استمرت ثلاثة أيام حينها قال: كنا نعيش أجواء طبيعية فإذا بأصوات الطائرات تحلق بصوت عال وهو ما كان يحدث منذ ثلاثة أيام وما هي إلا ثوان قليلة حتى سقطت على مساكننا تسعة صواريخ خلال ربع ساعة لم نستطيع الهرب واجهنا مصيرنا المحتوم ومن لاذ بالفرار أصابته الشظايا ومن بالداخل سقطت على رؤوسهم أسقف البنايات ففارقوا الحياة ومن نجا فانه إما مبتور أو مصاب بإصابة خطيرة ..جيراني استشهدوا بأكملهم والأسرة التي تسكن في الشقة المقابلة لي وهي أسرة أحمد الوصابي استشهد جميع أفرادها عدا شخص واحد كما أن أسرة مكونة من أحد عشر فردا استشهدوا بأكملهم ولم يبق منهم احد وهي أسرة بيت ماوية.
احمد قائد علي البعداني / فني ميكانيك في محطة المخأ الكهربائية روى لنا تفاصيل قصته مع المأساة وقال:كنت قبل الحادثة بثلاثة أيام أسمع بوضوح صوت الطائرة الاستطلاعية في سماء المخاء لكننا لم نعرها اهتماماً فمن المستحيل جدا أن يتم قصف مدينة سكنية تضم مائتي أسرة بكل هذه البشاعة فمنذ ان سكنت هذه المدينة عند التحاقي للعمل في هذه المحطة سنة 86م لم أشاهد في مدينتنا أي مظهر من سلاح وأنا من أبناء المنطقة لا أصدق ولا أصدق بأنني خرجت أنا وأسرتي سالمين ورغم إصابتي بالشظايا وكذلك ابني إلا إنني اقل من تعرض للقتل والإصابات الخطيرة فليس هناك أسرة إلا وفيها شهيدان أو ثلاثة من غير المصابين.
النكبة
المهندس علي أحمد الرعيني، مدير عام محطة كهرباء المخا، الذي التقيناه في مستشفى الأمل العربي بمدينة الحديدة ونحن نزور الجرحى وعندها كان يتلقى العلاج جراء إصابته خلال القصف على المدينة فتحدث يقول: كنا في المنزل ما بين الساعة التاسعة والنصف والعاشرة مساء وسمعنا صوت الصاروخ الأول فخرجت من المنزل للاطلاع على الأضرار والاطمئنان على ولدي الذي كان مع عدد من الشباب في الاستراحة حيث يتجمع الشباب عادة وهو المكان الذي تم ضربه بأول صاروخ وأثناء خروجي من المنزل فؤجئنا بالصاروخ الثاني فانبطحنا على الأرض لتفادي الإصابات ثم انطلقنا إلى مكان الاستراحة ووجدنا الجثث متناثرة ومترامية على بوابة الاستراحة والناس في حالة هلع كل يبحث عن قريبه او صديقه ووجدت ابني وقد أصيب بإصابات بليغة كما ترونه في العناية المركزة.
يضيف: عند بداية القصف البعض حاول ان يخرج من بيته ويفر باتجاه الساحل خوفا من القصف خصوصا وان الطائرة كانت لازالت تحلق فوق المكان وصوتها نسمعه بكل وضوح” مشيرا الى أن السكن الداخلي للموظفين تعرض للقصف بنحو 7 غارات وغارتين على الكمب التابع للمحطة الكهربائية خارج السكن.
سبب تزايد الضحايا
وفي مكان الواقعة روى شهود عيان لكاتب التحقيق بأن الفرق الزمني بين كل صاروخ دقيقتان وبعد أن سقط الصاروخ الأول على استراحة المدينة هرول الكثير للإسعاف لكن الطائرة عادت واستهدفت المسعفين من شباب السكن فاختلطت دماؤهم وأشلاؤهم بين قتلى وجرحى الصاروخ الأول فخرجت النساء والأطفال وكل من كانوا في مساكنهم محاولين الهروب باتجاه البحر للأسف معظمهم لم يستطع النجاة بسبب عودة الطائرات سريعا وإسقاطها للصواريخ بشكل سريع كما ان مستشفيات المدينة مغلقة والمدنية الأقرب إليهم تعز تعيش اجواء حرب طاحنة والحل هو إسعافهم إلى مستشفيات الحديدة التي تبعد عنهم مسافة ساعتين ونصف هنا كانت الكارثة فقد فارق عدد كبير من الجرحى الحياة بسبب النزيف وتأخر إجراء الإسعافات الأولية ومن عاش هول القصف لم يعد يعي ما حدث فهو أقرب إلى الجنون وكل من يزور المكان لا يكاد يستوعب ولا يصدق ما حدث.
أسباب الاستهداف
سؤال يبحث عن إجابة..لماذا تم قصف مدينة وسكن موظفي محطة المخأ.. هناك أسباب كثيرة تجعلهم يستهدفون المحطة ومجمع المخأ السكني التقينا ونحن نستطلع المدينة المنكوبة عضو المجلس المحلي بالمخا عادل الخولاني فطرحنا عليه أسئلتنا فأجاب قائلا: قامت المحطة والمؤسسة العامة بتوفير الطاقة الكهربائية بأوقات مناسبة وبجهود كبيرة فتم إنارة بعض المحافظات والمناطق المهمة وتم تشغيل بعض المنشآت الحيوية وتم إنارة أجزاء من مدينة تعز الغالية وهذا ما أثار غضبهم لأنهم يريدون ان تغرق اليمن في الظلام الدامس وأيضاً إنارة تعز أغضب ميليشيات المرتزقة وظهرت فضائحهم الإجرامية والهدف الثاني من ضرب المدنيين أيضاً إثارة الرعب والخوف في أوساط الناس ليهجروا المدينة تمهيداً للقيام باقتحامها رغم أن المخاء استقبلت العديد من الأسر النازحة من كل أنحاء الجمهورية وهم بانحطاطهم يقصفون النازحين في كل ربوع اليمن.
توثيق وإثبات
بعد مرور ثمانية أشهر من هذه المجزرة البشعة لازلنا نتذكر اللحظة التي شاهدنا فيها أنقاض المدينة المنكوبة يومها كان فريق الإنقاذ يحاول جاهدا إخراج بعض جثث الضحايا التي مازالت تحت الأنقاض فيما وثقت الصور التي التقطتها كاميرا صحيفة (الثورة) الثقوب التي أحدثتها صواريخ الطائرات عند سقوطها على أسطح البنايات فلم يكن القصف عشوائياً أو بصواريخ الكاتيوشا كما زعم تحالف العدوان بل كان القصف على درجة عالية من الدقة والاحترافية والخبث وهو ما أثبته فريق منظمة هيومن رايتس الذي زار المدينة ووجه إدانته للعدوان واثبت ارتكابه لجريمة حرب بحق عشرات المدنيين.