> الناصريون .. كفروا به من قبل ثم حجوا إليه في الرياض
عباس السيد
في كلمة له اوائل مارس الجاري ، أشار السيد حسن نصر الله ، الى ما اعتبرها ، اكبر خسارة لحقت بالنظام السعودي في حربه على اليمن. وهي: فقدان آل سعود للهيبة التي كانت تلقي بظلها على واقع الحريات الصحفية وحق التعبير في المنطقة العربية.
وقال: قبل الحرب على اليمن ، لم يكن احد من الكتاب والصحفيين العرب يجرؤ على توجيه النقد علنا لأسرة آل سعود ” كان يمسحوا فيه الأرض “.
الآن، والكلام لنصر الله، ملايين اليمنيين يخرجون إلى الشوارع وهم يصرخون: الموت لآل سعود. وهذا يعد في السياسة ، خسارة استراتيجية للنظام السعودي منذ عقود.
كلام السيد نصر الله يذكرنا بواقع الاعلام اليمني خلال العقود الثلاثة الماضية ، والذي كان يعاني ما يمكن وصفه بـ ” فوبيا السعودية ” على الرغم من هامش الحريات الواسع الذي حصل عليه بعد توحيد شطري اليمن عام 1990م.
فقد كان من السهل لأي كاتب أو صحفي ان يسخر ويتهكم ويتهم ويوجه النقد اللاذع لرئيس الجمهورية، لكنه يفكر مرات ومرات قبل ان يوجه قلمه نحو السعودية. الأمر اشبه بمن يفتح على نفسه عش الدبابير.
وفي مرات عدة ، رفعت وزارة الاعلام اليمنية دعاو قضائية ضد كتاب وصحفيين يمنيين بتهمة الإساءة الى علاقات اليمن بدول الجوار والإضرار بالمصلحة الوطنية العليا.
خلال تلك الفترة ، كان للناصريين اليمنيين ، اكثر المحاولات لكسر التابو السعودي، وكانت بعض الكتابات في الصحف الحزبية أو الأهلية اليمنية تجعل السفارة السعودية في حالة استنفار لترميم التابوه السعودي الذي خدش في اليمن.
واستطاع النظام السعودي بعد سنوات من الترهيب والترغيب ان يدجن القيادات الناصري ليصبحوا على ما هم عليه الأن… ، وتحولت صحيفة الوحدوي خلال اكثر من عامين وكأنها نسخة من عكاظ.
الآن، يمكن للناصريين اليمنيين ان يعودوا الى جذورهم ومبادئهم – إن أرادت قياداتهم – فالتابو السعودي الذي خدشوه من قبل، وتحملوا هم وغيرهم من الأحرار اليمنين، وتحملوا الكثير بسبب تلك الخدوش السطحية البسيطة، انكسر الآن بالكامل، كسره ملايين اليمنيين وهم يصرخون غضبا من جرائمهم: الموت لآل سعود.
لقد كان السيد نصرالله محقا وهو يصف سقطوط الهيبة السعودية بأنها خسارة استراتيجية، وهو ينظر إلى البعيد كعادته. فالخسائر العسكرية والبشرية والمالية يمكن تعويضها ، لكن سقوط الهيبة أو التابو لا يمكن فيها التعويض أو الترميم.
رد يمني إستثنائي
ومثلما كان العدوان الدي قادته السعودية إستثنائيا بحجمه ودمويته وعشوائيته، كان الرد اليمني إستثنائيا أيضا بنوعيته وتركيزه.. وخير مثال على ذلك، هو الضربة التي تلقتها قاعدة الملك خالد الجوية في خميس مشيط في السادس من يونيو 2015م، والتي سقط فيها عشرات الضباط السعودين على رأسهم قائد القوات الجوية السعودية الفريق الركن محمد الشعلان.
وفي الـ 14 من ديسمبر 2015م، لقي قائدا القوات السعودية والإماراتية الغازية في ذوباب المطلة على باب المندب مصرعهما في ضربة نوعية بصاروخ توشكا أطلقه الجيش واللجان الشعبية اليمنية على معسكر للغزاة في ذوباب ، وسقط في العملية عشرات الضباط والمرتزقة.
كما سقط في عمليات أخرى ، قائد مرتزقة بلاك ووتر ” ماسياس ماكنباه ” مكسيكي الجنسية ومقتل وإصابة العشرات من المرتزقة في العاشر من ديسمبر 2015م، أثناء محاولتهم التقدم نحو العمري في ذوباب. وبعد أقل من شهرين لحق به خلفه في قيادة بلاك ووتر ” نيكولاس بطرس ” في إستهداف الجيش اليمني واللجان الشعبية قاعدة العند المحتلة في لحج بصليات من الصواريخ.
وكان قائد قوات الجنجويد السودانية ، العقيد التيجاني سرالنمر قد لقي مصرعه في العاشر من يناير في استهداف قاعدة العند أيضا.
تلك مجرد نماذج للردود اليمنية النوعية والمركزة والتي تحدد اهدافها العسكرية بدقة، بينما يستخدم العدوان أحدث الأسلحة وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا العسكرية في قصف الأحياء السكنية والأسواق وصالات الأعراس.