ن ……..والقلم…درس آخر …وبليغ

عبد الرحمن بجاش
رحم الله الأستاذ عبدالوهاب المؤيد , فقد تعلمت منه أهم درس في حياتي : ( كيف أفرٍق بين ما هو شخصي وما هو وظيفي) في علاقتي بالآخرين !! , ذلكم الدرس الأهم أفادني كثيراً, وهاهو الدرس الآخر والبليغ أيضاً يأتي من حيث لم احتسب !!! . صعقت , وذلك أول الألم الذي يضربك لحظة أن تُبَلًغ بموت عزيز عليك , صعقت إذ شاهدت أمامي صورة المخلافي أو عبدالوهاب حمود المخلافي , أو (الشيخ) كما كان رحمه الله يُحب أن يٌنادي , وقد جرت عليه ( المشيخة ) التزامات كثيرة , كان لها أن تبدو جلية وواضحة في علاقته بالآخرين , ويكفي أن يشخط وجهه , لتدري إنه سيفي معك !!! . وقد أوجبت عليه (المشيخة ) أن يتحمل التزامات كثيرة , لو كان تعامل معها بروح مدير الشئون المالية لما كانت تحولت إلى عبء عليه وأي عبء !!! . رددت طويلا في أعماقي والفيس بوك في صفحة زميل ينقل من الصبح إليَّ خبر وفاته , (إنا لله وإنا إليه راجعون) , ليعتصر الألم قلبي مرة, والندم مرة , فقد كنت على الصعيد الإنساني ( متألم) من ( الشيخ ) , لكن الألم لم يصل إلى درجة الحقد أو الكراهية , فلست من النوع الذي يحقد أو يكره , مهما بالغ الآخرون في تطرفهم معي , لكنني ولا أخفيكم كنت متألما , والأمر متعلق بحساسية معهودة بين زملاء العمل , بعث لي بتهنئة في مناسبة ما , كان الاسم يشير إلى زميلنا المشترك طه البكولي , فرددت التحية بمثلها , بعد مرور بعض الوقت لا أدري كيف ركزت على الرقم لاكتشف أن الصورة صورة ( الشيخ ) , هذا ما دعاني مدفوعا بألم شخصي ألا أرد على اتصال منه في وقت ليس بالبعيد , لم أرد متعمدا , عرضا سمعت أو ربما دريت أنه مريض من ديوان الفيسبوك , تمنيت له الشفاء في سري , لأفاجأ أمس بموته , ليعصرني الألم عصرا عرفت أنه خُذل كما خُذل كثيرون في هذا البلد , ليتني رددت على ذلك الاتصال , لم استطع أن ارتفع فوق الألم , وربما هي من المرات النادرة , اعترف أنني أخطأت برغم أن لي عذري , ولأنني عودت نفسي على شجاعة الاعتراف بالخطأ وعلى الاعتذار في مكانه الصحيح ووقته المناسب , من هنا اعتذر لروح (الشيخ) , وأقر بأنني الآن وبهذه الخسارة لشخص كان وفيا لمن يشخط لهم وجهه , ليتهم كانوا أوفياء معه , هو في كل الأحوال كان رجلا مبدئيا بطريقته , وهذه المبدئية وشخطة الوجه دعته إلى أن يُحَمٍل نفسه فوق ما تحتمل , حتى إذا حانت ساعة الوفاء كما كان ربما يتخيلها , فقد خُذل ربما ممن كان يعتقد بوفائهم المحتمل له !!! , يُحسب للمخلافي أنه ساهم في إنقاذ هذه المؤسسة وبطريقته في لحظة حرجة , للأسف لن يحسبها له أحد , فأنت في لحظات كثيرة تجد نفسك تحرث في البحر , إذ مهما قدمت فلن تجد أمامك سوى سراب عام , لكن تقدير نفسك لنفسك , وراحة ضميرك هي أثمن من كل شيء , لقد قررت أن ما حصل درس بليغ تعلمته , وبطريقتي , رحم الله الشيخ , ولله الأمر من قبل ومن بعد .

قد يعجبك ايضا