(لعبة الحياة) في (وادي الذئاب)

 

إبراهيم طلحة

ملاحظتان قبل البدء:
ـ لعبة الحياة: برنامج مسابقاتي
ـ وادي الذئاب: مسلسل تليفزيوني
على شاشة (أبوظبي) دارت أحداث مسلسل تركي مدبلج أثار ضجة واسعة وتسبب في أزمة سياسية دبلوماسية بين تركيا وإسرائيل.. المسلسل الدرامي البوليسي يحكي لعبة الحياة بوصفها ـ أي الحياة ـ مسرحًا كبيرًا لوقائع التصفيات النفسية والجسدية.. تدور رحى معارك ضروس بين الإنسان وأخيه الإنسان بحسب المسلسل، ويظهر النزوع البشري النرجسي، وتحضر السياسة بسلطاتها القيادية والدينية والحزبية والاستخباراتية والإعلامية.
الواقع أن (وادي الذئاب) يعكس تفاصيل الكواليس المسكوت عن إعلانها حيث يشتبك الأفراد والجماعات بعضهم ببعض وبعضهم إلى بعض وبعضهم مع بعض؛ لتتفاصل الكائنات فيما بينها دراميًّا عبر الأثير والموجات الكهرومغناطيسية.. (وادي الذئاب) وادٍ كبير تتناوش الأوحاش فيه وينهش كلٌّ منها الآخر ما أمكن، ولا رحمة ولا مودة عندما يتعلق الأمر بحسابات المصالح.. الآدميون يكشفون عن حقائقهم ونواياهم المطوية ليشبهوا فصيل الذئاب والكلاب أو فصيل الأفاعي والثعابين.
معظم المقاطع تسفر عن نهايات صادمة؛ فترى القوم صرعى والعالم مضرجًا بالخيانات والدماء.. المسلسل اختزال لموائد الموت وصفقات القوة بالإضافة إلى كونه متمحورًا حول مجموعة من أخطر الثنائيات في الكون الذي يلوثه الإنسان لعل أبرزها ثنائية المال والجنس؛ فالمخدرات وتجارتها والنساء وبعض كيدهن تعاظم من حجم المعضلات والمشكلات وفي أجزائه المتعاقبة يتخير كادر المسلسل لأنفسهم البحث عن شخصية (المنقذ) أو الزعيم (الرمز) / (المعلّم )، ويذيع صيت البطل (مراد علمدار) بوصفه بارون الصناعات الحركية التنظيمية.
تتداعى لحظات التنوير وتتوارد النقلات الذهنية وترفل اللقطات بمواقف تعبر عن تراجيديا كوميدية، من خلال بث نسبة من محمولات الفكر السياسي بمرجعياته الايديولوجية لتبدو مجاميع بشرية فوق الأرض وكأنّها شطائر تحشوها مؤسسات الفساد المتفرقة.. الحلقات متوالية تختصر معالم صراعات متوالية بين قوى الخير وقوى الشر مع ملاحظة أن ما يبدو خيرًا محضًا قد لا يكون كذلك وما يبدو شرًّا محضًا قد لا يكون كذلك أيضًا، هذا فضلاً عن أن يكون أحدهما ظلاً ظليلاً للآخر !!
(وادي الذئاب) يصور مكنونات القلوب والعقول من الشؤون والشجون ويحدث القاطنين في البقاع القصوى عن طبيعة الدنيا وأهل الدنيا.. هو مقاربة ذهنية لحوادث الدهر والزمان والعصر والمكان.. الوادي المذكور يعيد إلى الأذهان فكرة أن الحياة كلها لعبة خطيرة وحلبة منافسة غير شريفة ومصارعة غير حرة ربما، وأن زوابع التاريخ والجغرافيا قد تنم عن عواصف قادمة!
في الحياة دائمًا مساحات افتراضية!!

قد يعجبك ايضا