هدير محمود
منذ أن اتبعت المملكة العربية السعودية سياسة التدخل في شؤون الدول الأخرى، وبالتحديد عندما شنت عدوانها على الأراضي اليمنية خلال شهر مارس من العام الماضي، بدأت الأضواء تتسلط على صفقات الأسلحة التي تبرمها المملكة مع الدول الغربية.
السعودية على رأس مستوردي السلاح
كون المملكة ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وكونها تقود سباق تسليح غير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط، يُعد إلى حد كبير شأنًا داخليًّا من شؤون المملكة، لكن عندما يتم توجيه هذه الأسلحة نحو صدور بعض الشعوب العربية، فإن ذلك يُخرج الأمر من حيز الشأن الداخلي للملكة إلى حيز تهديد وتدمير الأمة العربية وشعوبها.
منذ أيام قليلة، كشف التقرير السنوي الذي يصدره معهد أبحاث ستوكهولم العالمي للسلام، ارتفاع واردات الأسلحة من قبل دول الشرق الأوسط بنسبة 61 في المائة بين الفترتين من 2006 إلى 2010، ومن 2011 إلى 2015، وحصدت السعودية مرتبة ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم، بزيادة قدرها 275 في المائة مقارنة بالفترة السابقة.
وقال الباحث رفيع المستوى، والذي يعمل مع برنامج المعهد المتخصص بالإنفاق العسكري والأسلحة، بيتر ويزمان: إن تحالفًا من الدول العربية يستخدم بشكل أساسي أسلحة متقدمة مصدرها أمريكي وأوروبي في اليمن، مضيفًا أنه رغم انخفاض أسعار النفط، من المقرر تسليم كم كبير من الأسلحة إلى الشرق الأوسط كجزء من العقود التي تم توقيعها في السنوات الخمس الماضية.
قرار أوروبي
هذا التقريرأقلق معظم دول العالم التي بدأت تسلط الأضواء على جرائم العدوان السعودي في اليمن وما خلفه هذا العدوان من قتلى ومصابين وتدمير للبنى التحتية، وأكدت تقارير أن الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية والحصار البحري الذي تفرضه على اليمن أدت إلى قتل نحو 6000 شخص في اليمن منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، وتسبب في زيادة معدلات عدم الاستقرار في اليمن، وهو ما دفع البرلمان الأوروبي إلى مناقشة مشروع قرار يفرض حظر بيع أسلحة للسعودية.
بالفعل صوت البرلمان الأوروبي على قرار يحض الاتحاد الأوروبي على فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى السعودية، ودعا البرلمان بريطانيا وفرنسا وحكومات دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى التوقف عن بيع الأسلحة إلى بلاد تُتهم باستهداف المدنيين في اليمن، وصوت نواب البرلمان الأوروبي بأغلبية 449 صوتًا لصالح فرض حظر أوروبي على تصدير السلاح إلى السعودية، فيما صوت ضد القرار 39 نائبًا، وغاب عن جلسة التصويت 76 نائبًا آخر.
وحض قرار البرلمان الأوروبي مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد، فيديريكا موغيريني، على إطلاق مبادرة تهدف إلى فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى المملكة، ودعا بيان صادر عن البرلمان الأوروبي إلى وقف إطلاق نار ووقف العمليات التي تستهدف المدنيين وعمال الإغاثة الإنسانية والطبية، ووقف القتال على الأرض، فضلًا عن القصف في اليمن، بما يسمح بإيصال مواد الإغاثة الضرورية لإنقاذ حياة الشعب اليمني.
في ذات السياق أبدى نواب أوروبيون قلقهم من أن تكون الضربات السعودية في اليمن قد تسببت في وقوع جرائم حرب، وقال البرلماني البريطاني اليساري، ريتشارد هويت، الذي اقترح القرار: إن هذا نداء إنساني واضح لإنهاء إراقة الدماء في اليمن، ودعوة إلى المملكة العربية السعودية إلى سلوك الطريق السياسي بدلًا من الحل العسكري للصراع. وأضاف هويت :إن مزاعم انتهاكات السعودية للقانون الإنساني الدولي أصبحت الآن من الخطورة، بحيث إن الاستمرار في مبيعات الأسلحة لها من شأنه أن يشكل انتهاكًا لقانون السلوك الخاص بالاتحاد الأوروبي والمتفق عليه قانونًا.
مدى تأثير القرار
على الرغم من أن هذا التصويت غير ملزم قانونيًّا لدول الاتحاد الأوروبي، إلا أنه من المفترض أن تكون له أهمية رمزية، وأن يثير حفيظة بعض الدول الأوروبية والغربية حول الجرائم التي ترتكب بواسطة أسلحتهم في اليمن، وأن يزيد من الانتقادات الدولية الموجهة ضد المملكة منذ بداية عدوانها على اليمن، أو على الأقل يثير سخط شعوب الاتحاد ويدفعها للضغط على حكوماتها لإيقاف تمويل السعودية بالسلاح الذي يدمر الآلاف من الشعوب العربية.
بريطانيا وفرنسا يتصدران
تعتبر بريطانيا وفرنسا من أبرز الدول التي تشترك وتتورط مع السعودية في عدوانها على اليمن، حيث تصاعدت مبيعات الأسلحة البريطانية إلى السعودية بشكل غير مسبوق، من 9 ملايين جنيه استرليني؛ لتصل إلى مليار جنيه استرليني بارتفاع بنسبة 110%، خلال ثلاثة أشهر فقط في ظل الحرب، وبلغ إجمالى حجم صادرات بريطانيا من الأسلحة للمملكة في العام الماضي فقط 3 مليارات جنيه استرليني، فيما أبرمت فرنسا العديد من العقود التسليحية مع المملكة، وتمثلت أبرزها في تلك التي أبرمت العالم الماضي، واشتملت على 23 طائرة هليكوبتر طراز «H145» من شركة إيرباص، وبلغت قيمتها 12 مليار دولار، وأكتوبر الماضي عقد الطرفان عقودًا في المجالين البحري والعسكري، بقيمة تزيد على 10 مليارات يورو.
* عن موقع البديل المصري