جامعة دول عربية أم جامعة سعودية؟!
حسن علي ولد جميل
يتألف ميثاق جامعة الدول العربية من ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق لاسيما الملحق الأول الخاص بفلسطين، حيث أكدت الديباجة أن الدول ذات الصلة وافقت على الميثاق بهدف تدعيم العلاقات والوشائج العربية في إطار من احترام الاستقلال والسيادة بما يحقق مصالح عموم البلاد العربية. وقد وقعت جميع الدول العربي هذا الميثاق في 22 مارس 1945م عدا السعودية واليمن.
عمدت السلطة السعودية ومنذ اللحظة الأولى لقيام دويلتهم الثالثة في القرن الماضي على إضعاف وحدة الصف العربي بكل السبل والحيل، مستغلة موارد النفط لشرخ الوحدة العربية وكذا الإسلامية أيضاً، فكانت رسالة الملك عبد العزيز للسير «برسي كوكس» مندوب بريطانيا العظمى بأنه «لا مانع عندي من أن أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم وكما تراه بريطانيا»، أول انطلاقة تعكس سياسة الغدر والخسة والنذالة والخيانة والإجرام والدنائة والنفاق التي ينتهجها آل سعود تجاه العرب والمسلمين منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.
بزوغ جامعة الدول العربية مانع كبير أمام تحقق نوايا بني سعود، لذا لم يوقعوا على ميثاقها إلا بعد أن تشاوروا مع الحليف البريطاني الخبيث آنذاك فجاءت المشورة من الثعلب العجوز «أن ادخلوا الصف بهدف شرخ الصف» فكانت سياسة جميع ملوكهم حتى الآن.
«السعي الى توثيق الصلات بين الدول العربية وصيانة استقلالها والمحافظة على أمن المنطقة العربية وسلامتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية»؛ هي الأهداف الأساسية لإنشاء جامعة الدول العربية، لكن ذلك لا يروق وعقلية آل سعود الجاهلية القبلية الهمجية فعملوا على امتطائها لتمرير أهداف عقلية العنف والعنجهية والتكبر ومقت وتكفير الآخر بدعم البترودولار السعودي – الخليجي نحو زعزعة أمن واستقرار البلاد العربية وتوجيه البوصلة للصراعات الداخلية بدلاً من القضية الأم «فلسطين» تماشياً مع وعد «عبد العزيز».
منذ عام وفلسطين تطلب ملتمسة عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول العربية للبت في استمرار كيان الاحتلال الصهيوني في تجويع وترعيب وترهيب وقتل مستهدف ومبرمج يتعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل وتهويد القدس وغيرها من مئات الانتهاكات الصارخة التي دفعت حتى بالحليف الغربي لرفع صوته ضدها فيما الجامعة العربية تلتزم الصمت والإنكار.
مع بداية الاحتلال الامريكي للعراق وحتى يومنا هذا طالما دعا العراق جامعة الدول العربية للالتئام وبحث ما يتعرض له من احتلال وإرهاب حصد الملايين من شعبه، حيث لم يلق إذنآ أصاغية حتى يومنا هذا.
سوريا هي الأخرى ضحية صمت وتواطؤ وخيانة السعودية وقطر وأخواتها في جامعة الدول العربية فكان الجواب تعليق عضويتها بدلاً من مد يد العون لها ودعمهم للإرهاب طيلة السنوات الخمس الماضية لتسير أنهار الدماء فيها.
ومن قبل نداءات استغاثة السودان في صراعها مع عصابات الجنوب المدعومة إسرائيلياً، هي الأخرى لم تجد طريقها للاستجابة حتى تم اقتطاع أرضها حيث تعيش اليوم نفس التهديد بخصوص دارفور.
قرارات الجامعة العربية أو بالأحرى الجامعة السعودية – الخليجية، تصب في خدمة خيانة الأنظمة الموروثية التي لا تفقه معنى الديمقراطية والحرية والمشاركة الشعبية؛ ومنها القرار بشن العدوان على شعب اليمن وتمزيقه وتدمير بلاده لأنه قرر العيش باستقلال وحرية بعيدا عن السطوة السعودية، وكذا الأمر مع شعب البحرين الأعزل؛ بعد أن جعلت من ليبيا مسرحاً ومرتعاً للذبح والقتل والدمار يهدد دول الجوار التي تعارض سياسة بني سعود التدخلية في الشأن العربي والذي يتعارض وميثاق الجامعة العربية.
*إعلامي وباحث يمني