روتين العدوان
أقول قولي هذا
عبدالمجيد التركي
يبتسم المذيع حين يطلُّ في نشرة الأخبار، وهو يقول أسعد الله مساءكم بالخير أعزائي المشاهدين، ثم يقرأ أخباراً ليس فيها أي خير.. ولا أدري لماذا يبتسم المذيعون!!
أفتح الفيس بوك، هرباً من أخبار الموت وحمَّى الثورات، فأجد كل أصدقاء الفيس بوك متوتِّرين كأنهم في قلب المعركة، فأستحضر الحديث الذي يقول “يؤجر المؤمن رغم أنفه” حين يشير لي أحدهم بصور مليئة بالجثث والدم.
في الثمانينيات كان نشر صور الضحايا ممنوعاً في وسائل الإعلام، وحين كانت القناة تضطر لذلك ينبِّه المذيع بعدم السماح للأطفال بمشاهدة هذه الصور، ويعتذر أيضاً للمشاهدين، رغم أنها كانت صوراً اعتيادية مقارنة بما يتم نشره اليوم.. إذ أن المصوِّر يقوم بتقريب الكاميرا إلى داخل أحشاء القتلى، وكأنه يريد أن يُثبت لنا أنهم لا يتنفَّسون!!
أشعر بالضيق، فيصلني إشعار على الموبايل بإضافة رصيد مجاني إلى حسابي، أبحث في ذاكرة الهاتف عن أصدقاء أتحدَّثُ إليهم، لكنهم جميعاً متواجدون في الفيس بوك.. سأتصل بأحدهم فيحدثني عن علي البخيتي وآخر صورة سيلفي قام بنشرها.. وآخر سيحدثني عن حميَّة الملك سلمان بتحرير اليمن، وثالث سيحدثني عن حصار تعز، ورابع سيرسل لي رابطاً لمقال كتبه عن لقائه بالشيخ الزنداني لمدة دقيقة واحدة فقط.. مقال طويل تحدث فيه عن فرحته بهذه الدقيقة التي اعتبرها أهمَّ دقيقة في حياته على الإطلاق.. فأتذكر رواية “إحدى عشرة دقيقة” للروائي العالمي باولو كويلو، الذي لم يسهب كما فعل صاحبنا في هذا المقال الذي كان ينبغي عليه تسميته “ما لا تتَّسع له الحقيقة في وصف دهشة الدقيقة”.
ألجأ إلى قناة mbc2 لأشاهد أفلام الموت والدَّمار لأعزِّي نفسي أن الموت عالمي وليس حكراً علينا نحن فقط.
magid711761445@gmail.com