المشروع والشرعية بين شرق الخليج وغربه
صلاح القرشي
الأسرة الحاكمة السعودية بمجرد أن تسقط تنتهي الدولة ويصبح الشعب العربي في نجد والحجاز بلا دولة ولا هوية من اليوم الثاني على سقوطها.
فأما بعد ذلك كل دولة عربية تأخذ جزءاً منها وكما كانت طوال التاريخ تحكم إما من بغداد أو دمشق أو القاهرة أو اليمن من خلال. الدول اليمنية المتعاقبة من عهد الرسوليين وما بعد أو تضمها زعيمة الاستعمار الجديد في العالم أمريكا إلى أملاك أسرة آل ثاني أو آل نهيان ، أو تقيم أمريكا في أرضها دولة جديدة أو دولتين في نجد والحجاز وبأسماء جديدة وهويات جديدة كما فعلت بريطانيا مع بني سعود في السابق.
نقول هذا الكلام لكي يعرف الجميع أن الدولة التي تعد نشأتها طارئة وعلى غفلة من الزمن وبضروف استثنائية وتكون مختلقة ومصطنعة وهي بلا تاريخ أو هوية ولا جذور ولا موروث شعبي وثقافي وقيمي متأصل منذ القدم تكون معرضة في أي وقت للزوال والانتهاء من الواقع ومن الخارطة الجغرافية والسياسية. ، وليس هكذا وحسب بل عندما تكون الدولة نشأتها كما قلنا طارئة على الجغرافية ولا ترتكز على موروث تراكمي من النظم القانونية والثقافية والعسكرية والاقتصادية والزراعية وغيرها ، والتي تدخل في بناء الدول عبر الاعمار الضاربة في عمق التاريخ للدول.
تكون هذه الدولة ومثالنا هنا المملكة السعودية على ذلك ، تكون عاجزة وغير قادرة على النهوض الحقيقي بالدولة ، من حيث بناء أي تنمية حقيقية في كل المجالات سوى المجال العلمي أو الاقتصادي الصناعي والزراعي والعسكري وغيرها ، لأنها لا تحمل مشروعاً حقيقياً يمثل الأهداف والآمال المتراكمة تاريخيا بحياة الشعب وتطلعاته والذي ظل يصبو الشعب ويتطلع لتحقيقها عبر مراحل عمره التاريخية الطويلة من الزمن ، لذلك السعودية لن تستطيع أن تحقق شيء وهي فاشلة في كل المجالات الذي ذكرناها ، وهي أسرة نصبها وصنع حكمها الاستعمار البريطاني فقط للخدمة مصالحة كوكيلة له وتنفذ قرارته وبحيث تكون مرتهنة ارتهان كلي في قرارتها له كما أرادها المستعمر الذي نصبها ، والتي ورثتها من بعد ذلك أمريكا، ولا ترتكز على مشروعية شعبية حقيقية.
لذلك لن تستطيع أن تنهض نهضة حقيقية ولو توفرت لها أكبر ثروات الأرض واشترت مخزون السلاح العالمي من الدول المصنعة ، واستوردت كل شيء ، وانظروا ما تعانيه السعودية اليوم وماهي عليه من ثقافة استهلاكية وتبذيرية واتكالية وتنمية غير حقيقية كرتونية ، إلا أكبر مثال على ما نقول. ، ورغم ما تملكه من ثروة مهولة توفرت لديها طوال سنين عمر أسرتها في الحكم من خلال مداخيل النفط الضخمة وايرادات الحج والعمرة الضخمة أيضا ، إلا أنها تفتقد لأبسط البنى التحتية الحقيقية، والفساد مستشر في داخلها وفي كل أجهزتها .
ولقد رأينا عندما تهطل الامطار كل سنه عليها كيف أن هذه الامطار تكون كارثه على الكثير من مدن المملكة .
ويمكن أن نضرب مثلا آخر وهو أن السعودية لم تستطع أن تبني لها جيشا حقيقيا قويا يعتمد على الشعب وتسلحه وتدربه ويمتلك عقيدة عسكرية نابعة من ثقافته الدينية والوطنية والقومية ، لأنها لا تثق به ولأنها أسرة حاكمة وليست دولة ، ولأنها ببساطة جيشها لا يوجد له تاريخ عريق ولم يكن له دور تاريخي في دولة من قبل ان تحكم أسرة بني سعود ، وحتى مشتريات أسلحتها من امريكا والدول الغربية مشروطة بعدم استخدامها ضد اسرائيل وتحت رقابة وقيادة وتشغيل هذه الدول .
لذلك السعودية كل شيء تفعله بنيته هشة فهي تعتمد على الحماية الخارجية ، و كما رأينا عندما استدعت امريكا والغرب يحاربون بالنيابة عنها العراق بقيادة صدام حسين ، وهي تراكم شراء الأسلحة فقط في المخازن لينخرها الصدئ ولتستخدمها بعد ذلك نفس الدول الذي باعتها لها من اجل حماية وتثبيت مصالحها في المنطقة ، ورأينا في حربها الحالية مع اليمن كيف أنها ظلت تلهث وتتنقل من دولة الى دولة تترجاها ان يعطوها جيوشا تحارب بالنيابة عنها ، وحتى قواتها الجوية تحت قيادة طيارين دول أخرى وأيضا غرفة قيادة عملياتها الحربية والقيادة والسيطرة تحت امرة مئات من الضباط البريطانيين والامريكيين الذين يقودون عملياتها الحربية كما اعترف بذلك وزير خارجيتها الجبير مؤخرا أثناء مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية البريطاني ، وحتى انها هي وحلفها العدواني على اليمن لجأوا الى الاستعانة بجيوش ومرتزقة شركة بلاك وتر الأمريكية سيئة الصيت ليقاتلوا عنها ، وهكذا في كل المجالات الأخرى فاشلة وكل ما ترونه هو غابة من الاسمنت المسلح وتعتمد في كل حياتها على الاستيراد من الخارج. وحتى التصنيع لديها فقط يعتمد كله على الخامات الخارجية ، فقط هي تكرتن .المنتجات وتعبيها في مصانعها ، وكل من يشتغلون عليها أيضا عمالة اجنبية.
هكذا عندما تكون الدولة مختلقة ومصطنعة واستقلالها شكلي فأنها لا تستطيع النهوض وتكون دولة هشة وكرتونية لأنها لا تمتلك مشروعاً وطنيا وقومياً ينبع من تاريخ دولتها وشعبها الضارب في اعماق التاريخ.
ولكن في المقابل قارنوا وبدون تعصب وبمنطق علمي بينها وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية سوى اختلفنا معها أو اتفقنا معها فبالرغم من أن إيران لا تملك الثروة الضخمة التي تملكها أسرة بني سعود ، وهي دوله محاصره من كل الدولة الغربية والشرقية منذ أن فجرت ثورتها وأسقطت الشاه.، إلا أنها خرجت بعد هذا الحصار دولة نووية ومتقدمة في كل المجالات الصناعية والزراعية والبحث العلمي والنووي والقدرة العسكرية الهائلة والتصنيع العسكري والمدني والفضائي، وأيضا الصحي والتعليمي وتعتمد في كل ذلك على العمالة والخبرات المحلية الإيرانية.، ببساطة لأنها تملك جذوراً تاريخية وهي دولة أصيلة في المنطقة وتمتلك الإرادة الحقيقية المستقلة ، ولها مشروع حقيقي وتعتمد على شعبها في كل شيء وتثق به لأنها تعبر عن طموحه وتطلعاته ، ولم ينصب قيادتها الاستعمار كوكيل له في الدولة الإيرانية كما هي السعودية الآن وتخضع وتأتمر لكل ما يقرره هذا المستعمر .
لذلك وبلا تعصب أو مبالغة فأن السعودية التي تحكمها أسرة بني سعود لا مستقبل لها ومصيرها الزوال بمجرد حدوث اختلال بسيط في التوازن القائم.. واعتقد قربت نهايتها كثيرا.