دان غلازبروك
اسفرت حملة العدوان السعودي على اليمن منذ بدايتها في مارس 2015م عن مقتل 10000ألف شخص على الأقل , بما في ذلك 630 طفلاً. ومازال التصعيد مستمر في جانب انتهاكات حقوق الإنسان حيث يقتل 43 يوميا شخصا بينما يتصاعد عدد القتلى من الأطفال إلى 10 أطفال في اليوم الواحد., وفقا لليونيسف. في حين 73% من الأطفال المصابين إصابتهم مباشرة نتيجة الغارات الجوية, بحسب تقرير الأمم المتحدة.
يتم قصف أهداف مدنية بشكل متكرر. في غضون ايام من بداية الضربات الجوية, وقد تم استهداف مخيم اللاجئين, واسفر قصف المخيم عن قتل 40 شخصاً وإصابة 200 آخرين, وفي شهر أكتوبر تم استهداف مستشفى منظمة أطباء بلا حدود. كما تستهدف المدارس والأسواق ومخازن البضائع والموانئ كما استهدف مصنع السيراميك. وغني عن القول, ان كل هذه تعتبر جرائم حرب بموجب القانون الدولي- كما هو الحال في الحملة برمتها فهي تفتقر إلى أي تفويض من الأمم المتحدة.
يقبع وراء هذه الإحداث ضحايا مباشرون, أن الضربات الجوية والحصار المرافق – يعد جريمة رهيبة ضد السكان الذين يعتمدون على استيراد ما يقرب من 90% من حاجيتهم الأساسية – أنها تخلق مأساة ذات إبعاد أسطورية . في أغسطس 2015م حذرت منظمة اوكسفام ان حوالي 13 مليون سيجدون أنفسهم غير قادرين على الحصو ل على ما يكفي من الطعام, وهي أعلى نسبة سجلت من اي وقت مضى.
وعلق مدير الصليب الأحمر الدولي في شهر أكتوبر ” أن اليمن بعد خمسة أشهر تبدو مثل سوريا خلال خمس سنوات”. وفي الشهر التالي أصدرت الأمم المتحدة تقريرا قالت فيه ان 14 مليوناً الآن يعانون من انعدام الرعاية الصحية و80% من السكان الذي يبلغ تعداده 21مليوناً يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
كما قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة للصحفيين في شهر نوفمبر ” نقدر ان أكثر من 19 مليوناً يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي, وأكثر من14مليوناً يعانون من انعدام الأمن الغذائي , بما في ذلك 7,6مليون يفتقرون إلى الأمن الغذائي بصورة ملحة, وما يقرب من 320000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
وأضاف ان حوالي 2,5مليون قد أصبحوا لاجئين جراء الحرب. كما حذرت الأمم المتحدة في ديسمبر من ان اليمن على حافة المجاعة, وسيعاني الملايين جراء ذلك.
وقد صدرت بيانات من وزراء في الحكومة البريطانية تعطي انطباعا بالعطف تجاه الضحايا في هذه الحرب, وتزدري المسؤولين عن هذه الأعمال. وقال وزير الخارجية البريطاني في سبتمبر 2014م ” .
من المحتمل ان يسأل احدنا, كان ينبغي على الحكومة البريطانية ان تعبر عن غضبها لا سيما ان هذا التصريح جاء بعد ستة أشهر من بدء التصعيد الخطير الذي قامت به السعودية؟
ليس تماما. فبعد يوم من قيام السعودية “بعملية عاصفة الحزم” اتصل ديفيد كاميرون شخصيا بالملك السعودي ليؤكد له ” الدعم السياسي الثابت من بريطانيا لما تقوم به السعودية في اليمن”.
وخلال الأشهر التي تلت بداية الحرب, سارعت بريطانيا لبيع السلاح للمملكة السعودية, وباعت كميات مهولة من الأسلحة وذلك لتفوز بالمرتبة الأولى من مبيعات السلاح منافسة بذلك الولايات المتحدة . وقد تم منح أكثر من مائة ترخيص لتصدير الأسلحة الجديدة من قبل الحكومة البريطانية منذ بداية القصف, وخلال الستة الأشهر الأولى من2015م فقط, باعت بريطانيا أسلحة للسعودية بقيمة تزيد عن أكثر من 1.75 بليون جنيه إسترليني- أكثر من ثلاثة اضعاف مبيعات كاميرون المعتادة, إنه رقم بالفعل فاحش, في المتوسط النصف السنوي.
إن الغالبية العظمى من هذه المعدات كانت للطائرات المقاتلة والصواريخ التي تطلق من الجو, بما في ذلك أكثر من 1000 قنبلة, وطائرات مقاتلة مصنوعة في بريطانيا وهي تمثل أكثر من نصف قوام القوات الجوية السعودية. وبحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية, “لقد كانت طائرات التموين البريطانية والصواريخ البريطانية تشكل جزءاً من غارات شبه يومية على اليمن والتي تنفذها دول التحالف بقيادة السعودية.”
إن كل الجمعيات الخيرية تجمع دون أدنى شك أن رعاية بريطانيا لهذه الحرب سهلت بشكل كبير حصول المجازر في اليمن.” وقال الرئيس التنفيذي لمنظمة اوكسفام مارك غولدرينغ ” إن الحكومة البريطانية تغذي الصراع وتتسبب في معاناة إنسانية لا تطاق. حان الوقت ان تتوقف بريطانيا عن دعم هذه الحرب.”
وقال مدير منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة, آلن كيت: ” لقد غذت المملكة المتحدة هذا الصراع المروع من خلال مبيعات الأسلحة بطريقة طائشة الأمر الذي أدى إلى الإخلال بقوانينها الخاصة ومعاهدة تجارة الأسلحة العالمية التي ناصرتها من قبل… يؤكد الرأي القانوني وجهة نظرنا أن استمرار بريطانيا ببيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية يعد أمرا غير قانونيا, وغير أخلاقيا ولا يمكن الدفاع عنه.”
وقال ادوارد سانتياغو, المدير القطري لمنظمة “انقذوا الأطفال في اليمن” , :إن إحجام بريطانيا عن الإدانة العلنية للتكلفة الإنسانية في اليمن تعطي انطباعاً أن العلاقات الدبلوماسية ومبيعات الأسلحة ورقة رابحة لأطفال اليمن,” في حين كتب اندرو سميث عضو في حملة ضد تجارة الأسلحة :إن ” الطائرات المقاتلة البريطانية والقنابل البريطانية كانت أساس الكارثة الإنسانية في اليمن والتي تعصف بالشعب اليمني.” وقد حث كبار المحامين بمن فيهم فيليب ساندس على أن بريطانيا ترتكب خرقا واضحا للقانون الدولي لكونها تبيع أسلحة معروف عنها أنها تستخدم لارتكاب جرائم حرب.
وقد اتضح الآن أن المشاركة ليست بالأسلحة البريطانية فقط وإنما بمشاركة موظفين بريطانيين أيضا. فحسب اسكاي نيوز, فقد تم انخراط ستة مستشارين عسكريين بريطانيين مع القوات الجوية السعودية للمساعدة في عملية الاستهداف. بالإضافة, إلى أن هناك 94من افراد القوات المسلحة البريطانية التي تخدم في الخارج ” يقومون بواجبهم لصالح قوات مجهولة, يعتقد ان هذه القوات التي يخدمون لصالحها هي التحالف بقيادة السعودية ,” وفقا لصحيفة “ذا ويك”- على الرغم من أن الحكومة ترفض الإفصاح عن القول أين يخدمون.
في الواقع, حتى الضربات الجوية البريطانية في سوريا قد قلصت جزئيا وذلك للرغبة في دعم الجهود الحربية المتعثرة في اليمن. وقد اعترف فيليب هاموند في استجواب أمام البرلمان مؤخرا أن هناك ” انخفاضاً في عدد الغارات الجوية التي تشن من قبل التحالف على سوريا” منذ أن اشتركت بريطانيا في الحملة الجوية في اليمن بسبب تحديات الصراع هناك.
وقال النائب في البرلمان الاسكتلندي ستيفن غيثنس أن هذا يشير إلى أن الدول الغربية كانت فاعلة في سوريا وتركت الدول العربية تركز على دعم الحرب في اليمن، بينما كان دور بعض الدول العربية مثل الأردن والمغرب ومصر ضئيلا. ومن المفارقات الغريبة أن أعضاء البرلمان البريطاني التزموا بتدمير تنظيم الدولة في سوريا وهي الآن تدعم الحرب في اليمن الأمر الذي يجعل تنظيم الدولة هو المستفيد المباشر من دعمها الحرب على اليمن.
وأخيرا..
من الجدير الاخذ بعين الاعتبار الدعم الذي قدمته بريطانيا لمحاولة السعودية للدخول في عضوية مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. كان يمكن ان تكون تقارير المجلس فعالة, وفي الواقع, كانت لعنة المجلس ( ونحن الآن نعرف الحيلة) عندما قام المجلس بإدانة القذافي ووفر ذريعة إنسانية لحرب الناتو في 2011م ضد الجماهيرية الليبية.
إن بريطانيا، شأنها شأن السعوديين، حريصة على عزل إيران وترى أن دحر الحوثيين بمثابة وسيلة رئيسية لتحقيق ذلك. وفي نفس الوقت، يبدو أن بريطانيا مسرورة تماماً أن ترى القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وهما يستوليان على مناطق في اليمن ويضعون أساساً جديداً لعمليات إرهابية تقوض من أمن المنطقة برمتها على اعتبار أن النتيجة تخدم مصالح بريطانيا.
“موقع روسيا اليوم الناطق بالإنجليزية”
Next Post
قد يعجبك ايضا