ولد الشيخ .. لماذا وفي هذا التوقيت؟
جمال الظاهري
قبل أيام وصل إلى العاصمة صنعاء مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في زيارة وصفها بأنها تأتي في إطار استكمال الترتيبات والمشاورات لعقد جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف اليمنية, متجاهلاً للمستجدات ولما تشهده الساحة اليمنية من وقائع على الأرض.
قبل وصوله بأيام كانت صنعاء قد بلورت وأعلنت موقفاً جديداً بشأن المفاوضات .. حيث قال في كلمة خلال ترؤسه اجتماع اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وعدد من قادة المؤتمر الشعبي في خطاب هو الأشهر له منذ بداية العدوان أن لا تفاوض مع الفارين من المرتزقة وأن أي تفاوض يجب أن يكون مع المملكة العربية السعودية محدداً ما يشبه استراتيجية مستقبلية لحزبه من المفاوضات, ومعتبراً ما يجري على الأرض اليمنية بأنه حرب أطرافها السعودية واليمن.
بعده بيوم نشرت صحيفة الثورة تصريحات لرئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي بتاريخ 30 ديسمبر تحت عنوان” لا حوار مع المرتزقة في فنادق المعتدين”, وقال إن أي تفاوض مستقبلي سيكون مع القوى الوطنية في الداخل.
متحدث أنصار الله ورئيس فريق التفاوض في جنيف 2 الأستاذ محمد عبدالسلام هو الآخر كان قد صرح بأن لا جدوى من مواصلة التفاوض مع أدوات الرياض على أساس أنهم لا يملكون ولا يستطيعون البت أو اتخاذ أي قرار, وهذا يخالف المبادئ التي تم التفاهم عليها مع مبعوث الأمين العام التي جاء فيها أن يكون فريقا التفاوض مخولين بصورة كاملة للتفاهم والتوقيع على أي اتفاق يتوصلان إليه, وهذا ما لم يكن متوفراً لفريق الرياض.
التناغم والانسجام بين المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله والذي ظهر جلياً وواضحاً عقب فشل مفاوضات جنيف (2) عده الكثيرون الرد الطبيعي للصلف والتعنت واستمرار الرغبة في مواصلة القتال من قبل الرياض وحلفائها في الداخل والخارج.
الموقف الجديد ووفقاً للعديد من المتابعين والمحللين السياسيين كان طبيعي بعد اتضاح عدم جدوى مواصلة الحوار مع فريق الرياض الذي استدعى العدوان على شعبه’ خاصة بعد أن قالها فريقهم المفاوض في جنيف صراحة بأنهم لا يملكون صلاحية التوقيع أو المناقشة للآليات التي ستطرح من أجل تنفيذ قرار 2016 بشأن اليمن, وبالتالي فإن من الطبيعي أن تكون المفاوضات القادمة مع الطرف الذي يملك حق اتخاذ القرار باستمرار الحرب أو وقفها.
وبالعودة إلى التصور الذي قدم على أساسه ولد الشيخ إلى صنعاء وذكرناه في البداية فإننا نستطيع أن نقول أن الرجل ربما يعيش خارج كوكبنا أو انه لا يملك من أمره شيئاً, وما يقوم به من نشاط وزيارات لهذه العاصمة أو تلك إنما يأتي تلبية لإملاءات أو لتنفيذ مهام طلبت منه من قبل طرف لا يرى فيه غير ساعي بريد يوصل رسائل لجس النبض لا أكثر ولا أقل.
هذا التوصيف قد يرى فيه البعض انتقاصا أو تجنياً على شخصية أممية.. ولكن الإنسان الحصيف والمنصف لن يقول ذلك خاصة عندما يعرف أن أهم وربما سبب الزيارة الرئيسي اتضح من خلال طلبه الإفراج عن ثلاث شخصيات أو أربع كان فريق التفاوض في جنيف قد رفضه ما لم يكن في إطار إتفاق شامل على جميع القضايا.
أن يأتي ويطلب هذا الطلب في الوقت الذي تحلق فيه طائرات العدوان فوق رأسه في سماء العاصمة صنعاء, وترتكب مجازر إضافية في حق الشعب اليمني غير مكترثة أو عابئة بوجوده في اليمن, فإن من الإنصاف أن يقول من لديه تصور آخر بأننا على حق وبأننا كرماء معه حين استمرت قياداتنا بالتعاطي معه بلا نزق أو تجاهل.
الرجل فعلا نسي نفسه ومن يمثل أو أنه والمنظمة التي يمثلها قد أصبحوا موظفين لدى البلاط الملكي الذي يرعاه العم سام ممثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية التي آثرت في الحالة اليمنية أن تدير اللعبة وفق حسابات مختلفة في اليمن عن طريق موظفيها في المنطقة العربية تحاشياً لتحمل أي تبعات قانونية أو أخلاقية.
أمر واحد ربما نستطيع أن نلمسه من خلال زيارته الأخيرة لليمن, وربما يكون قد حقق من خلاله هدفه من الزيارة ويصب في صالح العدوان وهو إشعال المزيد من الحرائق وذلك بتوظيف الحالة القتالية التي تشهدها بعض أحياء مدينة تعز وفق رؤية إنسانية خاصة بعيدة عن الحالة الإنسانية العامة التي تشمل اليمن من أدناه إلى أقصاه.
غير ذلك فإنه مثلما وصل غادر بعد أن صرح بأن الموعد الذي كان قد ضرب للمفاوضات الافتراضية في تاريخ 14 يناير في ختام مفاوضات جنيف 2 لم يعد واقعيا وأنه سيستمر في بذل مساعيه من أجل جمع طرفي التفاوض من جديد؟