التفاتة نحو تراجيديا الحدث

 زياد السالمي

لست أرغب أن أتكلم أو اتهكم بهذه الطريقة التي تبعث اليأس لكنه الحال ماذا أقول .. لعل في سبر أغوار المحبطات ومناقشتها قد تمنح المعني حافزا للتجاوز .. وقد تمكنه من قراءة هذه التراجيديا ووضع طرق تناسبية تؤهله على البزوغ وعلى فرض إرادة تسير به إلى إثبات حيزه الوجودي الذي يرغب به العدمي أو غيره .
لأن من حق الجميع أن يتميز عمن سواه كسنن كونية .. إنما على قدر أهل العزم تأتي العزائم وفي هذا السياق يدرك المتبصر دون أدنى شك أنه ليس أكثر ما يمكن أن نقول عنه واقعا لم يكن إلا عبارة عن تداعيات أحداث مؤلمة تشير بدون أدنى شك إلى سعي المتفاعل في ترسيخ الألم كغاية مغرقا بكل ما أوتي من جنون في تأصيل مثل ذلك الوصف كجلد للذات المنتفية بعوامل التبعية الناتجة عن توجهات الدول المهيمنة في عصر ما بعد الكولونيالية وعن الفراغ الحضوري لتخفيف حدة الضياع .
إن هذا العجز الذي أودى بمقومات الإنسان المستعمر والمستهلك دون إنتاج أو محاولة تجاوز خانة الانصياع يفرض من الأمور التي بدورها لم تتوان عن وضع الواقع الإنساني في العالم الثالث في دائرة التسيير والانقياد بدون إرادة تذكر جعلت من الواقع لا يعدو عن كونه التفاتة لتراجيديا الحدث .. أفضل تجلياته هو التبرم كإفراز رفض، كأقصى حد في ظل هذه التراكمات القميئة .
فالحال في أدق توصيفاته إما عمالة أو جهل أو رجعية وكل منها تحاول بأشخاصها أن تؤلف الحدث الأهم الذي ينبئ عن واقع مترد .
بينما من يربأ عن إحدى هذه التوصيفات يكون ضحية إما العزلة أو التهميش والمحاربة، فأي أحداث أشد تراجيديا من هذا الواقع الذي بمقدوره الالتفاتة إليها والنظر نحوها بعين المغلوب على أمره فهو نتاج تراكم الحدث المتفاوت في الأداء والوسيلة المؤدية إلى نتيجة واحدة هي الضياع.
لن نستطيع العدول عن النتيجة المتوقعة إلا بالتبرم والرفض والسعي نحو ممكنات الحياة والطموح الجاد المسجى بالشعور بالمسؤولية ووجوبية مكافحة الواقع بما هو متاح .
والتغلب على مثلث العدم إن لم يكن بالنهر فأبسطه بالحلم والدعاء لك. الحلم كتوليف تغيير  سلبي حال منكر أشد سلبية وأحد فتكا من مكنة المعني . إنه عناء على أي حال في ظل هزء المهيمن المعتاد على الرضا والطاعة والقبول جراء عجز وتعجل وخوف المتطلع، وانغلاق أفق المقابل الذي يعد نفسه خصما ويواجه معركة مصير..
لهذا تقف المؤشرات الدالة على الخير منطفئة محسورة بالنواح والتوبيخ وجلد الذات. فيما الحقيقة التي ينشد المؤمل أن تكون مطمئنة ليست إلا عبارة عن اندياح لسقوط مدوي في الضمير الإنساني والتاريخ .
إنها برغماتية الوهم للعدم وبرغماتية القتل والإقصاء للمهيمن وكلتاهما إخفاق في حد أشخاصهما . بينما التفاني والإخلاص للإنسان وتغليبه عن الذات توصف وفق هذه التراجيديا بالبلادة والحمق .
وعلى هذا الحال يقف الجميع باتجاهات مختلفة في تماس المنفعة الآنية ويقف المحسن في موقع النادب للمشيئة . يذوي عنه كل موتيف محفز .. حتى الحلم يكتشف الحالم أن أقصى الحلم يبدو كيف يمر اليوم بأقل الخسائر .. ولا أنكى .

قد يعجبك ايضا