صورة المرأة في دساتيرنا



تستعد المرأة اليمنية للدخول في مؤتمر الحوار بتمثيل يصفه البعض بالجيد المهم أن المرأة ستكون حاضرة هذه المرة وربما أفضل من ذي قبل لوضع دستور يضمن لها حقوقها ويقدم لها مزايا تزيد من حجم مساهمتها في بناء المجتمع ورعايته ولكن كيف كان وضع المرأة في الدساتير السابقة هذا ماتضعه أمامنا المستشارة القانونية في البرلمان إيمان الخطيب رئيس الشعبة القانونية في المكتب القانوني بمجلس النواب من أجل التعرف على واقع نظرة المجتمع والمشرع اليمني وعلى حقيقة الدور والمكانة التي تحتلها المرأة اليمنية في الدستور والتشريعات لابد لنا من استعراض تاريخي للدساتير المتتالية التي صدرت في اليمن وما تضمنته من حقوق للمرأة ومدى انعكاسها في التشريعات النافذة .
إن عملية التطور الحقوقي للمرأة يمكن تتبعها خلال أربعة عقود أي منذ قيام الثورة عام 1962م مروراٍ ببناء الدولة الوطنية التي أتحدت في عام 1990م وفي ذلك اتجاهان مختلفان وتنوع نظام الحكم وفلسفته السياسية في كلا الشطرين «الشمالي والجنوبي» اللذين عرفا في السياق الدولي والعربي كدولتين لكل منها شخصيتها القانونية المعترف بها وفي إطار كل دولة أخذت حقوق المرأة مسلكاٍ ارتبط بطبيعة النظام السياسي ومحدداته الإيديولوجية والسياسية الأمر الذي عكس نفسه في تعامله مع المرأة وبالرغم من أن كلا النظامين قد شكل اهتمامهما بالمرأة وضعاٍ متقدماٍ إلا أن ذلك لم يكن يسير بوتيرة واحدة إذ اختلفت مداه ودلالته في كلا الشطرين حيث حظيت المرأة في الجنوب بكثير من القوانين المساندة لتحررها ونشاطها في المجال العام أكثر مما حظيت به المرأة في الشمال .
وبالتالي يكون مرور التطور الحقوقي للمرأة بمرحلتين الأولى مرحلة التشطير والثانية مرحلة دولة الوحدة ونستعرضها على النحو التالي :
المحور الأول :- حقوق المرأة في ظل الدساتير اليمنية أولاٍ:
انعكاسات حقوق المرأة في ظل دساتير ما قبل الوحدة للجمهورية العربية اليمنية اليمن الشمالي (سابقاٍ). مثلت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م نهاية لمرحلة مظلمة وبداية لمرحلة جديدة مشرقة في حياة أبناء الشعب اليمني وجسدت أهداف الثورة تطلعات وآمال وطموحات للشعب التي عانت من الظلم والحرمان وناضلت من أجل الحريات وممارسة حقوقها الطبيعية في الحياة السياسية والاجتماعية وبناء الدولة الحديثة القائمة على العدل والحريات والمساواة .
وحيث سيطر على الدولة نخبة تقليدية اتجهت إلى وضع عدد من النصوص التشريعية بدءاٍ بالدستور ومروراٍ باستحداث عدد من القوانين الأخرى تمنح بموجبها المرأة عدداٍ من الحقوق وتوسع من دائرة نشاطها في المجال العام.. وسعت إلى استيعاب المرأة في قوة العمل ضمن جهاز الدولة إدارياٍ وسياسياٍ وحيث استمرت الثقافة التقليدية تحاصر المرأة في أنماط محددة لأدوارها وحركتها مع التقبل المحدود لتعليم المرأة وعملها .
وبعد قيام نظام الجمهورية في عام 1962م تحت اسم الجمهورية العربية اليمنية وحتى تحقيق الوحدة اليمنية عرفت اليمن الشمالي ثلاثة دساتير مختلفة وهي على النحو التالي :
1- الدستور المؤقت لعام 1963م.
2- دستور 1964م الدائم.
3- دستور 1970م الدائم. وفي هذا المحور سوف نركز على حقوق المرأة في دساتير الشطر الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية) قبل الوحدة .
1- الدستور المؤقت لعام 1963م في 13 ابريل 1963م تم إعلان أول دستور مؤقت للجمهورية اليمنية حيث نصت المادة (17) منه على المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة واعتبر الدستور المرأة مثلها مثل الرجل أمام القانون وكما أعطى الدستور كل مواطني الجمهورية الحق في التعليم والمعالجة الطبية .
ولم يتطرق الدستور بشكل خاص لحقوق المرأة وجاءت نصوصه عامة في المساواة في الحقوق العامة.
2- دستور 1964م الدائم: في هذه المرحلة بدأ المشرع الدستوري اليمني في التفكير في أن ينهج طريق الديمقراطية من خلال نصه على إنشاء مجلس نيابي يمارس السلطة التشريعية.
ونصت المادة (48) منه على أن يتألف مجلس الشورى من أعضاء يختارون من رجال اليمن وعقالهم وعلى أن يحدد القانون شروط العضوية .
وهذا النص يؤكد على تشكيلة أعضاء السلطة التشريعية من الرجال فقط وحرمان المرأة المشاركة من أول مجلس نيابي يمارس السلطة التشريعية وحيث افتقر حق ممارسة الحياة السياسية على الرجل فقط .
نظم الدستور الحقوق والواجبات والحريات العامة وتقرير مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون تفرقة بينهم على أساس الجنس أو الأصل أو اللون فالكل سواسية .
فنصت المادة (22) منه أن « اليمنيون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم»
المــــادة(5) : نصت على أن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية.
المـــادة (7): تكفل الدولة الحرية والأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع اليمنيين. المادة (13): اوجب الدستور على الدولة أن تعمل على دعم الأسرة وحماية الأمومة والطفولة. المـادة (4): نصت على أن الشريعة الإسلامية مصدر القوانين. 3- دستور عام 1970م الدائم أكد دستور 1970م الدائم على أن الشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعاٍ.
وكما اهتم دستور 1970م بالمقومات الأساسية لإنشاء مجتمع صالح فأفرد لها النصوص التالية:-
فقد جعل أساس المجتمع التضامن الاجتماعي القائم على العمل والحرية والمساواة بين المواطنين وقد نصت المادة (6) من الدستور على ما يلي « التضامن الاجتماعي القائم على العدل والحرية والمساواة أساس المجتمع».
المــادة (7): تنص على « إن الأسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق والوطنية «. المــادة (8): كفلت الحرية العامة والخاصة والأمن. المادة (19): نصت على أن «اليمنيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة». ولزيادة التأكيد على التساوي بين اليمنيين في الحقوق والحريات العامة بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين فقد نصت المادة (43) من الدستور على أن « لا يجوز للدولة أن تفرق في الحقوق الإنسانية بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الوطن أو المهنة «.
وفي مجال رعاية الأمومة والطفولة فقد نصت المادة (35) من الدستور على أن تكفل الدولة وفقاٍ للقانون دعم الأسرة وحماية الأمومة ورعاية الطفولة والعجزة والشيخوخة.
انفردت المادة (34) من الدستور فيما يتعلق بالمرأة بالنص التالي: « النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله الشرعية وينص عليه القانون».
حددت المادة (46) من الدستور عام 1970م بأن تشكيل مجلس الشورى وهو السلطة التشريعية يتألف من «159» عضواٍ منتخبين انتخاباٍ حراٍ وديمقراطياٍ ويحدد قانون الانتخابات شروط اكتسابهم لعضوية ولرئيس المجلس الجمهوري أن يعين 20% من عدد الأعضاء.
والمادة (49): حددت شروط العضوية للمجلس وهي شروط عامة ولا تقتصر على الرجال.
أن دستور 1970م الدائم هو أول دستور ينص على تشكيل السلطة التشريعية عن طريق الانتخابات للرجال والنساء ولم يحصرها في الرجال فقط كما في دستور 1964م الدائم .
ومنح المجال أمام المرأة وإعطائها الحق في الترشيح إلى عضوية السلطة التشريعية إلا أنه ظل اعترافياٍ نظرياٍ ولم تشارك المرأة في تشكيلة مجلس الشورى ولم تتقدم للترشيح لعضويتها .
وتعتبر المرحلة التي عاشتها المرأة اليمنية في الشطر الشمالي بعد قيام الجمهورية وحتى تحقيق الوحدة الوطنية وقيام الجمهورية اليمنية عام 1990م هي المرحلة الأساسية التي أبرزت حركية المرأة في المجال العام مرتبطة في إطار عام أشمل هو عملية التحديث والتنمية التي قادتها الدولة الشطرية بما تضمنت تلك العملية التحديثية من دعوة كل أفراد المجتمع ذكوراٍ وإناثاٍ للمشاركة الفعالة هنا بدأت الدولة الشطرية تضع عدداٍ من القوانين والتشريعات اللازمة لعملية التحديث ولتفعيل نشاط المرأة ومنحها صورة أولية من الحقوق المساوية للرجل.. هذه العملية التي قادتها الدولة منحت المرأة حق التعليم والعمل كانا بابين أساسيين استطاعت المرأة الولوج منها إلى المجال العام محددة أدوارها ونشاطاتها وأصبح تزايد التحاق عدد من النساء بالتعليم وتزايد ارتباطهن بسوق العمل الحديث يترتب عليه مزيد من الاستحقاقات القانونية التي تدعمها الدولة .

قد يعجبك ايضا