التعليم بالمراسلة !!
معروف درين
صحيح أن ثمة ثورة علمية وتكنولوجيا وتطورات مذهله طغت على عالمنا وشملت كافة مناحي الحياة بشكلٍ عام وأصبح العالم كله عبارة عن قرية صغير يؤثر ويتأثر ببعضه البعض، بل وأصبح التواصل بين أبناء هذا العالم المترامي الأطراف من السهولة بمكان وأصبح من السهل جدا التواصل والتعارف والدراسة والبيع والشراء وإبرام العقود والصفقات التجارية بين الشركات والأفراد وحتى الزواج عبر التقنيات الحديثة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة.
نعم رغم الأهمية القصوى التي أهدتها التكنولوجيا الحديثة وقدمتها للعلم والبحث العلمي، رغم هذه الأهمية فأنا هنا ليس بصدد الحديث عن التعليم المفتوح الذي أصبحت الكثير من الجامعات العالمية تعمل بهذا النظام ولا التعليم عن بعد أيضا ولا التعليم بالمراسلة كما يوحي بذلك موضوع هذه السطور المتواضعة، وإنما أردت أن أتحدث عن موقف غريب يستحق منا جميعا الوقوف أمامه ومراقبة الله قبل كل شيء وضمائرنا في أبنائنا وبناتنا في المدارس والجامعات بحيث نكون قدر المسئولية الملقاة على عاتقنا وقدر المهمة والأمانة التي حُملنا إياها..
فقبل فترة التقيت أحد طلاب المرحلة الثانوية وكانت الامتحانات النهائية، على وشك الانتهاء واستغربت لتواجده في العاصمة وعدم الالتحاق بالمدرسة وعلى وجه الخصوص الامتحانات النهائية، وقلت ربما يكون هناك مانع وعذر شرعي منعه من ذلك كالمرض أو غيره، لكني تفاجأت أن صاحبنا في صحة جيدة وليس فيه شيء يحول دون تواجده في مدرسته، وحينها زاد استغرابي ودهشتي كيف ولماذا ومن السبب في ذلك؟!
لقد حاول إخفاء الحقيقة لكن إصراري الشديد عليه جعلني أعرف الحقيقة – وليتني ما عرفتها- لأن ما عرفته كان صادماً ومفجعاً ومنافياً لكل الأخلاق والقيم والمبادئ والأمانة التي يفترض أن يكون مدراء المدارس تحديدا على قدر كبير من الأمانة والمسئولية فتجاهلهم في هكذا أمور تضرب العلم والتعليم بمقتل وتساهم بقصد وبدون قصد في انتشار الجهل والأمية الجديدة التي تدرسها وتمارسها بعض مؤسساتنا التعليمية رغم خطورتها الكارثية على مستقل البلاد بشكل عام وقطاع التعليم والبحث العلمي بشكل خاص، وهي صرخة مدوية نطلقها لكل المهتمين والمتابعين أن يتقوا الله في أبنائنا وبناتنا وأن لا يساهموا في تدمير وتجهيل الشباب ومجاراة أعداء الوطن والنجاح المتربصين بنا.
لا أطيل عليكم أحبتي الكرام معشر القُراء فقد اعترف هذا الطالب بأنه معفي من الامتحانات كونه قام بشراء بطارية على حسابه للمدرسة وأرسلها لكي تستخدم في تشغيل جهاز الإذاعة في طابور الصباح والإذاعة المدرسية، فقلت له إذا كان المدير يريد أن يدمر مستقبلك فهل تجاريه، وهل ستدخل البطارية بدلا عنك قاعات الدراسة والامتحانات وتواصل التعليم الجامعي، وهل يرضى مدراء بعض المدارس ذلك لأبنائهم، وأينهم من الأمانة وحكم الدين الإسلامي ونصوصه الواضحة في ذلك سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة، وهل فهموا أن التعليم بالمراسلة هو بهذا الشكل وهذه الطريقة؟!!