تونس /وكالات
أكدت السلطات التونسية أنها توصلت إلى الكشف عن العشرات من الجمعيات مشبوهة بدعم الجهاديين، وتتلقى تمويلا من عدد من جهات ببلدان الخليج بدرجة أولى ومن بلدان أوروبية بدرجة ثانية.
يأتي ذلك فيما، قفزت ظاهرة الجمعيات التي تحوم حولها “شبهات” بشأن دعم الجماعات الجهادية من جديد إلى صدارة اهتمامات السياسيين والنشطاء الحقوقيين وقطاعات واسعة من اتجاهات الرأي العام التونسي.
ويثير نسق ارتفاع عدد الجمعيات في تونس خلال السنوات الأربع الماضية إلى 18 ألفا و456 جمعية أكثر من نقطة استفهام بشأن طبيعة نشاطها ومصادر تمويلها وعلاقاتها بجهات خليجية وأوروبية، ومدى ارتباطاتها بالجماعات الجهادية خاصة وأن غالبيتها ينشط تحت غطاء “جمعيات خيرية” زرعتها جماعات سلفية متشددة، وتشرف على إدارتها في إطار نوع من “السرية المريبة”.
واستغلت الجماعات السلفية المتشددة “فوضى الربيع التونسي” وما رافقها من هشاشة سياسية واجتماعية وأمنية بعد انتفاضة يناير 2011م لتزرع المئات من الجمعيات تحت مسميات متعددة وفي مقدمتها “العمل الخيري” إذ تؤكد أحدث الإحصائيات الرسمية أن 50 % منها، أي حوالي 9 آلاف جمعية من بين 18 ألفا و456 جمعية، نشأت خلال عامي 2011 و2012م.
وخلال الأيام الماضية توصلت لجنة للتحاليل المالية بالبنك المركزي إلى الكشف عن وجود “جمعيات مشبوهة تدعم الجهاديين في تونس وتمول شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر وتتلقى أموالا بدرجة أولى من جهات خليجية وبدرجة ثانية من جهات أروبية وافريقية” وفق تصريحات كمال الجندوبي الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني.
وكشف تقرير لجنة البنك المركزي أن اغلب الجمعيات التي تتعلق بها شبهات تمويلات غير شرعية تنشط أساسا في “المجال الدعوي الديني” أو أّنها تعمل في “المجال الاجتماعي الخيري”.
وتوصل تقرير البنك المركزي إلى أن حجم المعاملات لدى بعض الجمعيات يصل إلى 3 ملايين دينار تونسي، أي حوالي ألفين و700 مليون دولار كما توصل إلى أن مصادر تلك التمويلات هي بالأساس خارجية متأتية من منظمات غير ربحية موجودة بدرجة أولى في الخليج وبدرجة ثانية بأوروبا و افريقيا.
وتقر السلطات بأن الارتفاع “المريب” لعدد الجمعيات يرجع إلى طبيعة القانون الذي حرر إحداث الجمعيات في أعقاب انتفاضة يناير 2011م، حيث اكتفى بمجرد “التصريح من خلال إيداع طلب في الكتابة العامة للحكومة” بعد أن كان إنشاء الجمعيات لا يتم إلا بناء على ترخيص مسبق من وزارة الداخلية.
ويرجع أخصائيون اجتماعيون ارتفاع عدد الجمعيات التي تحوم حولها شبهات تمويل الجهاديين إلى عدة عوامل منها “التسامح المثير للشكوك” الذي أبدته الحكومات المتعاقبة منذ انتفاضة يناير تجاه “نشاط الجماعات السلفية المتشددة” الأمر الذي ساعدها على زرع العشرات من الجمعيات التي باتت تعد “حاضنة دينية واجتماعية للجهاديين وتدعمهم ماليا ولوجستيا”.
كما يؤكد الأخصائيون أن تلك الجماعات المتشددة استفادت كثيرا من فراغ المجتمع من “جمعيات مدنية” قادرة على التفاعل الإيجابي مع مشاغل الفئات الهشة وعلى تحصينها ضد “تسلل” المتشددين إليها من خلال إنشاء جمعيات ظاهرها “العمل الخيري” وباطنها تجنيد الشباب والفتيات في خلايا جهادية.
ومقابل الضخ المالي الكبير القادم من جهات خليجية وأوربية إلى جمعيات ترتبط بعلاقات مع الجهاديين والذي يصل إلى ألفين و700 دولار، لا توفر السلطات لـ”الجمعيات المدنية” مجتمعة سوى تمويل لا يتجاوز 70 مليون دولار.
قد يعجبك ايضا