الشباب والوطن
لو وجدنا أسرة صالحة تتميز برب أسرة يمتلك جميع مقومات الصلاح والتقويم والتوجيه والرعاية والاهتمام وربة أسرة فاضلة وملتزمة وكان البيت الذي يضم تلك الأسرة بيئة مناسبة وصالحة للجميع، فبدون شك سيكون أفراد الأسرة بمافيهم الأبناء والبنات عناصر إيجابية وفاعلة تنفع نفسها وأسرتها ومجتمعها ووطنها، ولو أعتبرنا الوطن كتلك الأسرة ورئيس الجمهورية كرب الأسرة يمتلك جميع تلك المقومات إضافة إلى قدرته وخبرته السياسية في إدارة البلاد، عاملاً على توفير جميع إمكانيات وثروات وخيرات الوطن لصالح الشعب وتوفير كل احتياجات الشعب المادية والمعنوية، عاملاً على محاربة الفساد ومعاقبة المفسدين حتى يكونوا عبرة لغيرهم مهتماً بشريحة الشباب كونهم عقول الوطن المفكرة وسواعده العاملة وقلبه النابض بالحياة، موفراً لهم بيئة تعليمية وثقافية ورياضية واجتماعية مناسبة، فبدون شك سنجد أن الشباب سيتفجرون إبداعاً في جميع المجالات وسيسخرون إبداعاتهم لصالح الوطن وسيرفعون رأس الوطن عالياً فالوطن لايرتقي إلى أوج العلا مالم يكن بانوه من أبنائه وكما يقول شاعر آخر:
أمل البلاد على رقي شبابها
إن كان حيا لاتخاف زوالا
فرقي البلاد وتقدمها مرهون على حياة الشباب وحياتهم تعني حيويتهم ونشاطهم وقدراتهم ونبوغهم وإبداعاتهم ولكن كيف لنا أن نجد ذلك النوع من الشباب الحي والمتجدد والمعين الذي لاينضب ؟
كيف لنا أن نجد شبابا متفائلين كلهم آمال وطموحات ورغبة في تسخير حياتهم وشبابهم لصالح الوطن ؟
كيف لنا أن نجد شبابا مبدعين علميا وثقافيا ورياضيا ووووووووو؟
أسئلة كثيرة لايجيب عليها سوى واقع مر وقاسي ينبئ عن وجود شباب يحترق بنيران الإهمال والتسيب وعدم المبالاة، شباب أتجه معظمهم للعنف والفوضى وسلك بعضهم طرق التطرف ووقعوا في مصائد الإرهاب، شباب لم يجدوا تلك البيئة المناسبة والمرتع الخصب التي تمكنهم من النبوغ والابتكار والإبداع.
شباب لم يجدوا المنفد أو النافذة التي يطلون منها إلى العالم الواسع والرحب إنما ظلوا ويظلون محبوسين في زنازين الفقر والقهر والحرمان والظلم، شباب بدلا من الإتجاه لبناء الوطن وخدمته إتجه بعضهم ليهدموا الوطن وهم من وقعوا فرائس سهلة في مصائد أعداء الوطن وكل ذلك لأنهم وجدوا أنفسهم عبئاً على الوطن ووجدوا الوطن أشبه بصحراء قاحلة لم يجدوا فيها مايروي عطشهم ويظلهم من حرارة الشمس الملتهبة.
ولو تأملنا الواقع والظروف القاسية التي تمر بها البلاد لوجدنا أن ثورة الشباب كانت بداية لهذا الواقع المر فالشباب خرجوا للشوارع ولهم مطالب مشروعة ولكن كان هناك من ركبوا تلك الثورة وجعلوا منها جسر عبور ومنهم أحزاب المعارضة والفاسدون الذين خافوا على أنفسهم من نجاح تلك الثورة فأنظموا إليها وعبثوا بها وبالوطن ليتضح لنا أن الشباب مع الأسف الشديد (البعض وليس الكل) تحولوا إلى معاول هدم بدلا من أن يكونوا عناصر فاعلة للبناء وتسخير شبابهم لخدمة الوطن ولكنها تراكمات وتراكمات تعرض من خلالها الشباب للإهمال والتسيب وعدم المبالاة وكانت النتيجة مأسأوية للوطن وللمجتمع.