حلف شمال الأطلسي الناتو Nato

قدرية الجفري

تتشابك المخططات الاستعمارية في كل منطقة من مناطق العالم وليس من السهل التمييز بينها, وتبقى الأهداف واحدة وهذا ينطبق على المنطقة العربية بشكل عام أو على منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص.
ومن أهداف الحلف الحفاظ على نفوذ الدول الاستعمارية وهيمنتها والسيطرة الاقتصادية وضمان بقاء الاحتكارات الرأسمالية والحفاظ على المصالح الاقتصادية للدول الاستعمارية وتوسيعها.
وضرب الحركات التحررية أو احتواؤها أو الإبقاء بها والوقوف في وجه وحدة الشعوب وتطورها والحفاظ على الأنظمة الرجعية المحلية والبالية وإطالة أمد نفوذها وبقائها وتدعيمها.
وقد جاء تكوين الحلف في عام 1949م وهو تكتل متعدد الأهداف بما فيها هدف النزاع المشترك ولا يجوز الانسحاب من الحلف قبل انقضاء مدة الاشتراك وهي عشرون عاما من الانضمام وبموجب إخطار ترسله الدولة المعنية قبل سنة من الانسحاب ومن الأهداف الرئيسية لحلف الناتو هي الدفاع المشترك والمساعدة المتبادلة والتنسيق السياسي.
ويتكون من أمريكا وكندا وبلجيكا والدانمارك وفرنسا وايسلنده وايطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال وبريطانيا وتركيا والمانيا واليونان.
أي دول أوروبا الغربية جميعاً فيما شكلت دول أوروبا الشرقية حلف وارسو وبقوة بولندا.
وأجهزة مجلس الحلف تعتبر السلطة العليا فيه ويمثل الدول فيه عادة وزراء خارجيتها وماليتها وينعقد المجلس مرتين أو ثلاث مرات في السنة ويرأس المجلس السكرتير العام للحلف وفيه لجنة عسكرية تعتبر السلطة العليا وتضم رؤساء أركان حرب الدول المتحالفة باستثناء أيسلندة التي ليس لديها قوات مسلحة فيمثلها في اللجنة العسكرية مندوب مدني.
وتجتمع اللجنة العسكرية مرتين في السنة على الأقل وإلى جانب اللجنة هناك اجتماعات مستمرة للممثلين العسكريين الدائمين للدول المتحالفة وذلك بقصد التخطيط المستمر للسياسات العسكرية للحلف وحتى عام 1966م كانت الأداة التنفيذية للجنة العسكرية المجموعة الدائمة ولكن انسحاب فرنسا ديجول من القيادة العسكرية الموحدة للحلف أدى إلى إلغاء المجموعة الدائمة واستبدالها بجهاز جديد أطلق عليه اسم “الهيئة العسكرية”.
فالقيادات العسكرية للحلف والتي مقرها بروكسل وتتبعها أربع قيادات فرعية تنقسم بدورها إلى قيادات جوية وبرية وبحرية.
معاهدة حلف شمال الأطلسي هي في أصلها امتداد متوسع لمعاهدة بروكسل الموقعة في عام 1948م التي شجعتها أمريكا وانضمت إلى أربابها في اتفاقية واشنطن التي تفتش عن تحالف يجمعها تحت لواء الهجوم وليس الدفاع ومن أجل تثبيت أقدام الدول الأوروبية والأمريكية وترسيخ بنيانها بعد الهجوم النازي على أوروبا واحتلالها من قبل هتلر، لهذا جاء حلف الناتو لكي يصد أي هجوم متوقع على أي دولة غربية وذلك بتأثير من قبل السيناتور “فاند بنزع” بخاصة هناك من يعتقد أن حلف الناتو كتحالف في وقت السلم استطاع تحقيق مستوى عالٍ من التنسيق والمركزية وإن لم يتحقق ذلك القدر من التكامل الذي يرقى به إلى مستوى التنظيمات الفوقية، ومفهوم التكامل أو الاندماج في الناتو بالمقاييس الحالية لدول الحلف هو محاولة التوصل إلى حد من التنسيق في القوات والسياسات بما يسمح بوضعها موضع التنفيذ تحت قيادة مركزية إذا نشبت الحرب، ولكن حتى الآن مازال الإشراف على القوات الوطنية التابعة لدول الحلف تحت السيادة القومية للدول الأعضاء كما أن استخدام الأراضي والتسهيلات في إقليم دول الحلف يحتاج إلى موافقة الدول المعنية، أما الأسلحة النووية التي يفترض أنها تحت تصرف الحلف فهي تخضع لرقابة الولايات المتحدة الأمريكية وحدها وتقع خارج الأراضي الأوروبية.
إذ أن استراتيجية الحلف تقوم على مبدأ الانتقال الشامل ثم استبدل المعنى بأكثر مرونة وهو استراتيجية القوة المضادة المقيدة.
ففي عام 1907م جاء في تقرير كتبه البريطاني كامبل بترمان أن البحر الأبيض المتوسط جسر بين الشرق والغرب وممر طبيعي لآسيا وأفريقيا وملتقى طرق العالم وكل حماية ناجحة للمصالح الأوروبية المشتركة لابد لها من السيطرة عليه وعلى شواطئه الجنوبية والشرقية، وكل من يسيطر على هذه المنطقة يسيطر على العالم!!
كما يؤكد التقرير بأن الخطر على الكيان الاستعماري والتهديد للإمبراطوريات إنما يكمن في البحر الأبيض المتوسط من الرباط حتى غزة حتى مرسين واضنة تركيا حالياً أو على الجسر العربي الضيق الواصل بين آسيا وأفريقيا والذي تمر فيه قناة السويس باب المندب حالياً هو شريان الحياة الأوروبية وعلى جانبي البحر الأحمر وطول الساحل الهادي وبحر العرب حتى خليج البصرة حيث الطريق إلى الهند والإمبراطوريات الاستعمارية في الشرق، في هذه الأمكنة حيث يعيش شعب واحد تتوفر له الوحدة التاريخية واللغوية والآمال وجميع مقومات التكتل والتجمع والاتحاد إلى جانب الثروات وكثرة الأنسال وأسباب القوة والنهوض ألا وهو الوطن العربي الذي ركز عليه الاستعمار البريطاني والفرنسي من بدري أي قبل الحرب العالمية الأولى ثم تحقق لهم ذلك بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء حلف الناتو للسيطرة والاستعمار على أي دولة عربية دفعت رأسها تريد الحرية والعزة والكرامة يتم كسرها عبر حلف الناتو الذي هو مجموعة دولة استعمارية لا أقل ولا أكثر وأداة قمع واضطهاد للشعوب المتشوقة للحرية وجمهورية بلغراد ليس ببعيد عندما حطمها الناتو إلى دويلات البوسنة والهرسك والصرب والكروات حسب الديانات.
وهي من الدول المؤسسة لحلف دول عدم الانحياز في باندويج في اندونيسيا والتي قالت لا للمشروع الاستعماري حيث تجمع في جمهوريتها كل الديانات والمذاهب وعاشوا سوية لقرون مضت وعندما قوت شوكة حلف الناتو بسقوط دول المعسكر الاشتراكي برئاسة روسيا الاتحادية تساقطت كل دول أوروبا الشرقية بين الناتو الذي أصبح مستعمرة جامعة للكل وبدون استثناء وأداة قمع وإذلال للغير.

قد يعجبك ايضا